وحدة اللغة العبرية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف تصدر تقريرا بعنوان "تجويع غزة"

الأربعاء، 29 مايو 2024 01:43 م
وحدة اللغة العبرية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف تصدر تقريرا بعنوان "تجويع غزة" مرصد الازهر - أرشيفية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصدرت وحدة اللغة العبرية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، تقريرا بعنوان "تجويع غزة"، وذلك استمرارًا لحديث حول السياسية الصهيونية طويلة الأمد والتي انتهجها الكيان الصهيوني تجاه سكان غزة من تجويع على مدى عدة عقود، ويقول المرصد  توقفنا عند اشتداد الأزمة الغذائية عند فلسطيني غزة في أوقات عدوان الاحتلال على القطاع، والتي كانت أولها العدوان الذي شنه الاحتلال على القطاع في ديسمبر 2008، والذي أُطلق عليه: "الرصاص المصبوب"، والذي كان من أهم نتائجه، الزيادة الحادة في حالات سوء التغذية لفلسطيني القطاع، وهو الأمر الذي أبرزته منظمات حقوق الإنسان وقتئذٍ، حيث أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" –بعد مرور أسبوعين من بداية العدوان- أن المخابز في غزة لم تتلق الدقيق منذ بداية الهجوم البري على القطاع، وأن 9 مخابز فقط من أصل 47 مخبزًا فى غزة كانت لا تزال تعمل، كما وثَّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن ما يقرب من 75% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأشار إلى أن المؤشرات الرئيسية كانت "زيادة الفقر، وتدمير الأصول الزراعية"، و"التضخم في أسعار المنتجات الغذائية الرئيسية".

ومن أبرز نتائج هذا العدوان إضافة إلى الحصار، هو "التغيير التدريجي" الذي حدث في النظام الغذائي لسكان غزة، من الأطعمة الغنية بالبروتين إلى الأطعمة الرخيصة عالية الكربوهيدرات، وهو الأمر الذي أدى إلى نقص المغذيات الدقيقة، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل.

وتعد مشكلة "المياه النظيفة الصالحة للاستخدام الآدمي" من أبرز المشاكل التي يعاني منها سكان قطاع غزة على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، ففي أكتوبر 2021، حذر كل من (المعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان) مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن سكان القطاع لا يحصلون تقريبًا على المياه النظيفة، حيث أوضحوا أن "97% من مياه غزة أصبحت ملوثة، وهو الوضع الذي تفاقم بشكلٍ كبيرٍ بسبب أزمة الكهرباء الحادة، التي أدت إلى وقف تشغيل آبار المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما أدى إلى تصريف حوالي 80 بالمائة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في غزة في البحر، في حين يتسرب 20 بالمائة منها إلى المياه الجوفية".

وتابعوا أن السكان الفلسطينيين "محاصرون في بيئة فقيرة سامة منذ الولادة وحتى الموت ... إنهم مجبرون على مشاهدة التسمم البطيء لأطفالهم وأحبائهم بسبب المياه التي يشربونها وربما الأرض التي يحصدون فيها محاصيلهم". وبناءً على ما سردناه في هذه المقالات، يتضح أن الاحتلال الصهيوني جعل معظم سكان غزة -قبل فترة طويلة من الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها حاليًا- معدمين يعانون من حالات نقص حاد في التغذية، وهو الأمر الذي يتضح من خلال المقارنة بين نصيب الفرد من الناتج المحلي بين المواطن الفلسطيني في غزة، والمستوطن داخل الكيان الصهيوني، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في غزة حوالي 1,050 دولارًا، مقارنةً بـ 52,130 دولارًا في الكيان الصهيوني، وذلك وفق بيانات "أونكتاد" عام 2021م. كما أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين الأنروا في 2022، أنها قدمت الغذاء لأكثر من 1,139,000 لاجئ في غزة – أي أكثر بــ 14 مرة مما كانت عليه في عام 2000. وفي ديسمبر من ذلك العام، أفادت (الأونروا) كذلك أن 81% من لاجئي غزة يعيشون تحت خط الفقر. ولوحظ أيضا أن 85% من الأسر اشترت بقايا طعام من السوق وطلبت 59% المساعدة أو اضطرت إلى استعارة الطعام من الأقارب.

أكثر من ثلاثة أرباع الأسر خفضت عدد الوجبات التي تتناولها كل يوم وكمية الطعام في كل وجبة. الأزمة الحالية من بدايتها قبل بدء العدوان الصهيوني الأخير على غزة كانت أغلب البضائع والسلع –حوالي 80%- التي تدخل إلى قطاع غزة تأتي عبر الكيان الصهيوني، والذي فرض حصارًا شاملًا على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا، ومع بداية العدوان الجاري على القطاع، أعلن عدد من كبار المسؤولين داخل الكيان الصهيوني اعتزامهم حرمان أهالي قطاع غزة من أبسط احتياجاتهم الأساسية، ففي 9 من أكتوبر من العام السابق أعلن وزير الطاقة الصهيوني "إسرائيل كاتس" أنه أمر بقطع الكهرباء والمياه والوقود عن القطاع، قائلًا: "ما كان، لن يكون".

وفي اليوم نفسه، طالب وزير جيش الاحتلال "يوآف جالانت" بفرض "حصار كامل" على القطاع، معلنًا: "لن يكون هناك غذاء، لن يكون هناك وقود". وانتشرت منذ ذلك الوقت تصريحاته التحريضية: "نحن نقاتل حيوانات بشرية"، كما صرح وزير الأمن الصهيوني المتطرف "إيتمار بن جفير" في السابع عشر من أكتوبر 2023 قائلًا: "طالما أن المقاومة لا تطلق سراح الرهائن الذين في أيديها، فإن الشيء الوحيد الذي يجب إحضاره إلى غزة هو مئات الأطنان من المتفجرات عبر القوات الجوية، وليس جرام واحد من المساعدات الإنسانية"، وهو ما أكده في اليوم التالي رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني "بنيامين نتنياهو" في تصريحه الذي قال فيه: "لن نسمح بدخول المساعدات الإنسانية على شكل غذاء وأدوية من أراضينا إلى قطاع غزة".

وتشير كل تلك التصريحات السابقة إلى نية حرمان الفلسطينيين داخل القطاع المحاصر من المواد الأساسية التي تساعدهم في البقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المنع المتعمد لإيصال المساعدات- وهو التعريف القانوني لـ "استخدام تجويع المدنيين كوسيلة للحرب"، وهو الأمر الذي يمثل جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي:) .

وفي الوقت ذاته، امتلأت الصحف ومحطات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي داخل الكيان الصهيوني بدعوات لتدمير سكان غزة، سواء كليًّا أو جزئيًّا، بعبارات مثل: "محو غزة"، و"تسويتها بالأرض"، إضافة إلى تصريحات رئيس الكيان الصهيوني "يتسحاق هرتسوج" في الثالث عشر من أكتوبر 2023 -هو اليوم الذي أمرت فيه سلطات الاحتلال 1.1 مليون شخص في شمال غزة بإخلاء منازلهم في غضون 24 ساعة ـ والتي قال فيها علانية: إنه "لا يوجد مدنيون أبرياء" في القطاع.

كل تلك الدعاوي التحريضية ضد سكان قطاع غزة سواء من المسؤولين الصهاينة أو الدعاوي المنتشرة عبر وسائل التواصل، أسفرت عن تصاعد العدوان بشكل يُعدُّ الأعنف على غزة منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948م، والذي نتج عنه هذا الحجم من الدمار والهلاك الذي لم يحدث من قبل داخل قطاع غزة، سواء من حيث أعداد الشهداء والمصابين، أو من حيث دمار المباني والمؤسسات والمستشفيات، حيث اشتهد أكثر من 35 ألف فلسطيني –وقت كتابة التقرير- من ضمنهم أكثر 15000 طفل (بخلاف المفقودين تحت الأنقاض)، وإصابة أكثر من 75 ألف فلسطيني، بخلاف تدمير أو تضرر أكثر من 70% من البنية التحتية المدنية، حيث أصبحت العديد من الأحياء والمناطق غير صالحة للسكن، وأكثر من 75% من سكان غزة –حوالي 1.7 مليون فلسطيني- هُجُّروا من منازلهم أكثر من مرة خلال الستة أشهر الماضية، إضافة إلى العدوان الصهيوني الممنهج ضد المستشفيات والمراكز الصحية، والتي خرجت أغلبها من العمل. التضييق ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال الإبادة الحالية حذرت وكالات الأمم المتحدة من تضييق الاحتلال على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حيث وصفت حجم المساعدات التي توصل لسكان القطاع بأنها: "مجرد قطرة من محيط الاحتياجات". ولعل من أبرز مشاهد هذا التضييق على دخول المساعدات إلى القطاع هو ما قامت به حكومة الاحتلال من حملة شرسة موجهة للقضاء على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين الأنروا، حيث أفاد ناشط يعمل في موقع "سيحا مقوميت" العبري أن اللجنة الفرعية للسياسة الخارجية والدبلوماسية العامة في الكنيست ناقشت كيفية التعامل مع الأونروا، والذي نقل قول باحثة في منتدى "كوهيليت" تدعى "نوجا أربيل"، إذ قالت: "سيكون من المستحيل كسب الحرب إذا لم ندمر الأونروا ، ويجب أن يبدأ هذا التدمير على الفور".

فمن خلال اتهام الاحتلال لـ 12 موظفًا بالأونروا بالتورط المباشر في هجمات 7 أكتوبر، وأكثر من ألف موظف في الأونروا بارتباطهم بعلاقات غامضة بالفلسطينيين، طالب الاحتلال على الفور جميع الحكومات الأجنبية بوقف تمويل الوكالة. فمع وجود 13,000 موظف في غزة، تعد الأونروا ثاني أكبر جهة توظيف في غزة، فهي لا تقدم الخدمات لأكثر من 1.78 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لديها فحسب، بل إنها "تضخ 600 مليون دولار سنويًّا في اقتصاد غزة من خلال الرواتب ومدفوعات الموردين والمساعدات الغذائية والبناء وغيرها من الأنشطة"، وفقا لما نُشر في تقرير لـ"مجموعة الأزمة الدولية" والذي صدر قبل شهر من بدء الحرب: "إذا اختفت كل من خدمات الأونروا وهذه الوظائف، إلى جانب القوة الشرائية التي تجلبها، فإن التأثير سيؤثر على مجتمع غزة بأكمله. سيفقد الكثيرون سبل عيشهم، وسيتسارع انهيار الشركات الصغيرة وسيتم تقليل البناء الجديد. وسيترك اللاجئون دون رعاية صحية أولية وأطفالهم دون تعليم. هذه ليست سوى الآثار الأكثر وضوحا ".

فالوضع الحالي يعد أسوأ بكثير، فمنذ أكتوبر من العام الماضي، تعيش قطاعات كبيرة من سكان غزة في مدارس الأونروا وعياداتها ومبانيها الأخرى، ولم تعد تعتمد على الوكالة لكسب لقمة العيش فقط، بل للحصول على الغذاء والمأوى للبقاء على قيد الحياة. وقال الاتحاد الأوروبي مؤخرًا: إنه لم يتلق أدلة ملموسة من الكيان الصهيوني لدعم مزاعمها ضد موظفي الأونروا، لكن الولايات المتحدة قررت وقف تمويل الوكالة حتى العام المقبل على الأقل. وفي نهاية المقال، يحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من نوايا الاحتلال جراء هذه السياسة التي تعد –جريمة حرب- وذلك وفقًا لنص المادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية والتي تقول: (إن تجويع المدنيين عمدًا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية يعد جريمة حرب)، وهذا بند من عدة بنود تجرم منع السكان العزل من الغذاء سواء في الحرب أو السلم، حيث تحولت هذه السياسة محاولة السيطرة على سكان غزة إلى كسر إرادتهم ودفعهم قسرًا إلى الهجرة خارج أراضيهم التاريخية، وتصفية القضية الفلسطينية.

كما يجدد المرصد مناشدته المحكمة الجنائية الدولية وكافة الجهات المعنية بإنفاذ القانون تجاه هذا الكيان الغاصب ومعاقبة المجرمين انتصارًا للإنسانية وإعلاءً للعدالة التي باتت شعارًا يتردد فقط بعيدًا عن التطبيق الفعلي لها على أرض الواقع.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة