سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7 يونيو 1995.. وفاة الشيخ إمام عيسى الذى تنبأ له الشيخ محمد رفعت بالشأن العظيم وتمرد على سلطة عبدالناصر والسادات بالغناء

الجمعة، 07 يونيو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7 يونيو 1995.. وفاة الشيخ إمام عيسى الذى تنبأ له الشيخ محمد رفعت بالشأن العظيم وتمرد على سلطة عبدالناصر والسادات بالغناء الشيخ إمام عيسى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الشيخ إمام عيسى، طفلا حين اصطحبه عمه لصلاة الجمعة بجامع «فاضل باشا» بدرب الجماميز، والاستماع إلى الشيخ محمد رفعت، وأخذه عمه للسلام على الشيخ، ولما أمسك بيد الطفل الصغير، أحس أن صاحبها كفيف، لأنه هو الآخر كفيف.


لم ينس الشيخ إمام هذه الذكرى مع الشيخ رفعت، الذى هو وأم كلثوم فى رأيه «صوتان لا مثيل لهما»، ويتذكر فى حديثه المتدفق مع الكاتب الشاعر إبراهيم داود فى الملف الخاص لمجلة «القاهرة، أغسطس 1995»، بمناسبة وفاة الشيخ إمام فى 7 يونيو، مثل هذا اليوم، 1995، قائلا: «سألنى الشيخ رفعت عن اسمى، وسألني: هل تذهب إلى الكُتاب؟ ثم قال: سيكون لك شأن عظيم، وكان عمرى فى ذلك الوقت سبع سنوات».  


لم يتحدث الشيخ إمام عن علامات للنجابة عليه دفعت الشيخ رفعت لأن يطلق نبوءته عليه عام 1925، كان وقتئذ فى السابعة من عمره، فهو المولود بقرية «أبوالنمرس» عام 1918 لأبوين فقيرين، كان الأب يبيع زجاج المصابيح، يدور فى البلاد على رأسه بها، ويعمل مدريا للقمح بالأجرة فى القرى المجاورة.


يذكر: «فى السنة الأولى من ولادتى ولا أعلم فى أى شهر، فقدت بصرى، وعندما بلغت الخامسة ذهبت إلى «الكُتاب» لحفظ القرآن الكريم، وكنت أستمع وأنا فى السابعة إلى عماتى وأمى وهن يغنين أثناء تنقية القمح فى مناسبات الحج والفرح، كان غناء شجيا، يأخذنى ويجعلنى لا أتحرك، وكان يصل الحال بهن إلى البكاء وهن يغنين، ومن هؤلاء اكتشفت معنى الغناء».


يكشف الشيخ إمام عن أيام الصعبة فى بداياته منذ أن ختم المصحف وهو فى الثانية عشرة من عمره، وجاء إلى القاهرة «مقيما» فى المقر الرئيسى للجمعية الشرعية التى كان لها فرع فى «أبوالنمرس»، وفى مقر الجمعية يتعلم التجويد على يد واحد من أئمة علم القراءات، ثم يعمل مساعد موشح ثم يترقى ليصبح موشحا، لكن الجمعية تطرده لضبطه متلبسا بالاستماع إلى الشيخ رفعت فى الراديو، مخالفا بذلك قرارها بعدم سماع القرآن من الراديو لأنه حرام، وعندما علم أبوه بفصله ضربه وشتمه، فهرب وشاهد الويل فى هذه الفترة، بعد أن أصبح بلا مأوى، يجلس نهارا فى جامع سيدنا الحسين وليلا ينام فى الأزهر ملفوفا بالحصيرة مثل «الكرنبة»، ويستيقظ فيجد نفسه مقرفصا، والجو ثلج، وتستمر معاناته وفى تفاصيلها الكثير والكثير، حتى تقوده الصدفة إلى حارة «حوش قدم» فى عام 1936، وكان عمره 18 عاما.


سكن فى غرفة بالحارة، وبدأ يقرأ الرواتب لأصحاب البيوت فيها، وتعرف على الشيخ درويش الذى كان يتردد عليها فتعلم منه، كما تعرف على الشيخ زكريا أحمد عام 1939 الذى كان يسكن فى نفس البيت، ويعد فيه ألحانه لأم كلثوم، يتذكر: «كان الشيخ زكريا يأتى عند عائلة الشعبينى أصحاب البيت الذى أسكنه، كان ساحرا يقلد الحواة والفقهاء بتوع القرافة، وأحبنى لأننى كنت كلما سمعت الجملة أقولها معه من «أول مرة» فى الإعادة.


فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى حاول الشيخ إمام الالتحاق بالإذاعة كمطرب وملحن وفقا للكاتب الروائى خيرى شلبى فى مقاله «هكذا عاش المغنى»، مضيفا: «كان رئيس لجنة الاختبار حافظ عبدالوهاب - مكتشف عبدالحليم حافظ - وحين مثل الشيخ إمام أمامه أراد «حافظ» أن يستعرض خبراته الموسيقية، فراجع الشيخ إمام فى ضبط إحدى النغمات، فرد عليه بغلظة كاشفا جهله بالموسيقى، وأعطاه ما يشبه الدرس الذى ابتلعه على مضض، وأراد حافظ عبدالوهاب رد الإهانة، فانتهز فرصة تعثر صوت الشيخ إمام فى كحة مفاجئة، فقال: «المفروض تبطل الحشيش يا إمام»، فشوح «إمام» فى وجهه: «مش حابطل ومش هاغنى فى الإذاعة بتاعتك»، ولم يدخل باب الإذاعة، إلا بعد أن ذاعت شهرته فى النصف الثانى من عقد الستينيات، حيث دعى لتسجيل بعض الألحان لبعض البرامج».


كان لقاء الشيخ إمام بالشاعر أحمد فؤاد نجم، هو التحول الحقيقى فى مساره بل فى مساريهما، فكلاهما تمردا بالشعر والغناء على سلطة عبدالناصر لكن تمردهما الأشد كان ضد السادات، يذكر نجم فى مقاله بملف مجلة القاهرة: «كنت محظوظا بالفعل حينما اختارتنى الصدفة المحضة لأشارك وأتعاون مع الشيخ إمام، وأن يكون لكلماتى المتواضعة نصيب الأسد فى ألحان هذا الفنان الكبير مع تقديرى لجهود الزملاء الذين تعاونوا معه بإخلاص وصدق».


ويذكر الكاتب الفنان عبدالرحمن الخميسى أن قدرة الشيخ إمام على التصوير بالأنغام قدرة فائقة، ومن خلال كلمات شاعره أحمد فؤاد نجم، وبالصوت العريض الذى يتدفق من قلب الشيخ يرسم به الفكاهة والدمعة والسخرية، ويقينى أنه ليس للشيخ إمام نظير بين الملحنين المصريين من حيث قدرته على التصوير الفنى، وينبغى على أولئك الذى يؤدون ألحان الشيخ إمام أن يقوموا بأدائها تمثيليا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة