سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 يونيو 1970.. إجبار إسرائيل على إلغاء مخطط التنقيب عن البترول بخليج السويس بعد تنفيذ أبطال مصر عملية «الحاج» وتدمير الحفار فى أبيدجان

الثلاثاء، 04 يونيو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 يونيو 1970..  إجبار إسرائيل على إلغاء مخطط التنقيب عن البترول بخليج السويس بعد تنفيذ أبطال مصر عملية «الحاج» وتدمير الحفار فى أبيدجان الحفار كينتنج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الخامسة صباح 8 مارس عام 1970، حين وقعت أربعة انفجارات بميناء أبيدجان بساحل العاج «كوت ديفوار»، واستمع مصريون إليها، وهم عناصر من المخابرات المصرية والضفادع البشرية التابعة للقوات البحرية، نفذوا عملية تدمير حفار استأجرته إسرائيل للتنقيب عن البترول فى مياه خليج السويس وقت احتلالها سيناء بعد نكسة 5 يونيو 1967، حسبما يذكر أمين هويدى، رئيس جهاز المخابرات وقتئذ، فى كتابه «أضواء على أسباب نكسة 1967 وعلى حرب الاستنزاف»، مضيفا: «استأجرت إسرائيل الحفار «كينتنج» لهذه المهمة، وكان إنجليزيا، اشترته شركة أمريكية كندية سجلت نفسها فى دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية يجره جرار هولندى، وكان بذلك حفارا دوليا».

صممت مصر على عدم تنفيذ هذا المخطط، وأعطى الرئيس جمال عبدالناصر تعليماته بذلك، وبدأت المخابرات فى التخطيط، وتولى الضابط محمد نسيم قيادة العملية، وأخذت اسما كوديا هو «الحاج»، وفقا لـ«هويدى»، مضيفا: «إن الأبطال المصريين سمعوا صوت الانفجارات من بعيد وكأنها أصوات أنغام، وبعد ساعات استقلت جماعة منهم طائرة إلى باريس، ومنها للقاهرة، وطارت جماعة ثانية إلى أكرا عاصمة غانا فى الطريق للقاهرة، وبقى هناك قائد العملية، محمد نسيم، الذى أصر على أن يكون آخر من يغادر المكان، وكان أول من وصل إليه ليلتقط صورا فوتوغرافية، وكان الحفار أنواره مطفأة، وتهشم الجزء الأكبر منه، ويميل على أحد جانبيه».

أنعم الرئيس عبدالناصر على أبطال العملية بالنياشين، وحسب «هويدى» أذاعت وكالة الفرانس بيرس نبأ ضرب الحفار فى سطور قليلة، وفرض على النبأ حظر شديد حتى لا يتم تداوله، واللافت أن وسائل الإعلام المصرية لم تقترب من العملية إلا بعد أيام، وتناولتها نقلا عن مصادر أجنبية، ففى الاثنين 23 مارس 1970 نشرت «الأهرام» خبرا عن الوكالة الفرنسية نصه:

خرجت من أبيدجان أمس الأول أنباء عن حادث نسف الحفار، الذى استقدمته إسرائيل للبحث عن البترول فى خليج السويس، وقالت هذه الأنباء: إن محاولة تخريب الحفار حدثت يوم 8 مارس 1970»، يذكر أمين هويدى أنه يوم 18 مارس وهو الأدق، حيث وقعت على ظهره انفجارات أحدثت به أعطابا ظاهرة، وعلى الأخص فى القاعدة والبرج، وهذه أول مرة تذاع فيها أنباء عن تلك العملية التى وقعت منذ أربعة أيام، وظلت طوال الوقت سرا إلى أن نشرتها الصحف البريطانية نقلا عن الأنباء التى تسربت من ساحل العاج، ووصلت إلى باريس ثم نقلت إلى لندن.

فى 4 يونيو، مثل هذا اليوم، 1970، أعلنت الشركة الكندية كينتنج للبترول رسميا إلغاء مشروع استخدام حفار البترول البحرى التابع لها للتنقيب عن البترول فى خليج السويس، ونشرت «الأهرام» فى 5 يوينو 1970 تقريرا قالت فيه: «أعلنت شركة كينتنج الكندية للبترول إلغاء مشروع استخدام حفار البترول البحرى التابع لها، للتنقيب عن البترول فى خليج السويس، وهذا الحفار نسف فى ميناء أبيدجان، مارس الماضى»، وقالت الصحف البريطانية وقتها: «إن الكوماندوز المصريين هم الذين نفذوا وقاموا بالعملية، ووصفت هذه العملية بأنها قاصمة لمشروعات إسرائيل فى خليج السويس».

وأضافت «الأهرام»: «جاء هذا الإعلان الرسمى ليؤكد ما قيل من أن إسرائيل اضطرت إلى الإقلاع عن القيام بالتنقيب عن البترول فى خليج السويس، وأن الحفار معروض للبيع، وأن الشركة استغنت عن خدمات القاطرة البحرية الهولندية «جاكوب، فون ليمز، إيرو»، وكانت تقوم بسحبه بعد أن أصابت الحفار بإصابات شديدة أعجزته عن القيام بعملية التنقيب عن البترول، وأصبح غير صالح للعمل، ومعنى ذلك إلغاء العقد بين الشركة الكندية والحكومة الإسرائيلية لاستخدام الحفار فى عملية البحث عن البترول فى خليج السويس قرب شاطئ سيناء، وكان الحفار قد غادر أحد الموانئ الكندية فى نوفمبر الماضى بطريقة غامضة، وأحيطت تحركاته بسرية كاملة ثم علم أنه غادر داكار بالسنغال يوم 7 مارس، ووصل إلى ميناء أبيدجان يوم 14 مارس فى طريقه إلى البحر الأحمر».

تذكر «الأهرام»: «كانت الأنباء قد تسربت فى نوفمبر 1969 حول منح إسرائيل للشركة الكندية كينتنج للبترول عقدا بنصف مليون دولار للتنقيب عن البترول فى خليج السويس، وعلم بعد ذلك أن شركتين أخريين دخلتا فى العملية وهما كينتنج الأمريكية، وميدبار أحد فروع كينتنج المسجلة فى بريطانيا، وتألفت خصيصا من باطن الشركتين لتفادى أى ضغط محتمل من الحكومات الكندية والأمريكية لوقف العملية، وكانت حكومة الجمهورية العربية المتحدة «مصر» قد أبلغت حكومات هذه الدول بأنها تحملها مسؤولية قانونية وسياسية لسماحها لشركة كندية وبريطانية وأمريكية بالقيام بأعمال تنقيب عن البترول فى خليج السويس».
يعلق «هويدى»: «بعد ذلك فرض حظر شديد فى وكالات الأنباء العالمية حتى لا يتداول الموضوع، إذ كانت كرامة أكثر من دولة دفنت هناك بعيدا فى المحيط».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة