سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 يونيو 1889.. ميلاد عباس محمود العقاد فى أسوان وحياته الأدبية تبدأ فى سن التاسعة ويأتى إلى القاهرة فى الخامسة عشرة من عمره

الجمعة، 28 يونيو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 يونيو 1889.. ميلاد عباس محمود العقاد فى أسوان وحياته الأدبية تبدأ فى سن التاسعة ويأتى إلى القاهرة فى الخامسة عشرة من عمره عباس محمود العقاد
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت أسوان تعيش صيفها الساخن، وكان محمود العقاد وزوجته يستقبلان مولودا جديدا فى 28 يونيو، مثل هذا اليوم، 1889 أطلق عليه اسم عباس، لينضم إلى أخوة أشقاء وغير أشقاء، حسبما يذكر عباس محمود العقاد فى كتابه «أنا» موضحا: «كان والدى متزوجا قبل والدتى، ثم ماتت زوجته، وبعدها تزوج أمى».


أصبح عباس العقاد أحد كبار المفكرين فى تاريخ مصر، ومن أسوان بدأ حياته الأدبية فى التاسعة من عمره، يقول: «كانت أول قصيدة نظمتها فى حياتى قصيدة مدح العلوم، وقلت فيها: «علم الحساب له مزايا جمة / وبه يزيد المرء فى العرفان/ والنحو قنطرة جميعها/ ومبين غامضها وخير لسان / وكذلك الجغرافيا هادية الفتى/ لمسالك البلدان والوديان/ وإذا عرفت لسان قوم يا فتى/ نلت الأمان به وأى أمان».


جاء إلى القاهرة وعمره 15 عاما، يذكر: «تدرجت فى المدارس، ثم جئت إلى القاهرة للكشف الطبى عندما التحقت بإحدى وظائف الحكومة عام 1904، وكان عمرى إذ ذاك 15 سنة، وكانت وظيفتى فى مديرية قنا، ولم تكن اللوائح تسمح بتثبيتى لأننى لم أكن بلغت بعد سن الرشد، ثم نقلت إلى الزقازيق، ثم كنت أول من كتب فى الصحف يشكو الظلم الواقع على الموظفين، ثم سئمت وظائف الحكومة، وجئت إلى القاهرة، وعملت بالصحافة، وأخيرا عينت عضوا بمجلس الفنون والآداب، كما عينت بالمجمع اللغوى».


هل يعرف أحد من أين لعباس باسم العقاد، يطرح هو هذا السؤال ويجيب عليه، مؤكدا أن لا أحد يعرف، وهناك أشياء أخرى لا يعرفها الناس عنه، لكنه يقولها، ويبدأ باسم «العقاد»، قائلا: «أذكر أن جد جدى لأبى كان من أبناء دمياط، وكان يشتغل بصناعة الحرير، ثم اقتضت مطالب العمل أن ينتقل إلى المحلة الكبرى حتى يتخذها مركزا لنشاطه، ومن هنا أطلق عليه الناس اسم «العقاد» أى الذى يعقد الحرير، والتصقت بنا، وأصبحت علما علينا».


يتذكر عباس محمود العقاد، كيف أثر والده فيه، قائلا: «كان يؤدى الصلوات الخمس فى أوقاتها، ومن أجل الصلاة حدث بينى وبينه خلاف يوصف بالعصيان، فإنه كان يدين بالجد فى الواجب، أو بالشدة فى الجد، وكان يرى للطفل ما يراه للشيخ، إذا كان الأمر فريضة أو عمل محمود، أو عرف مأثور، من ذلك أنه كان يرانى فيما دون الثامنة من عمرى أجلس فى المنزل بين قريباتى وخالاتى وجارات المنزل، فيصيح بى مستغضبا: عباس، ماذا تصنع هنا بين النساء؟ تعالى معى فاجلس بين أمثالك».


كان أمثال عباس الذى أراد والده أن يجلس بينهم، شيوخا بين الأربعين والسبعين، يقضون الوقت فى أحاديث السياسة، وقضايا الأسر الكبيرة، ويمزحون ويتفكهون، يؤكد أن هذه الجلسات أفادته فائدة كبرى، وكان أهمهما معرفته بالقاضى أحمد الجداوى الذى كان من الأدباء والفقهاء الذين عاصروا جمال الدين الأفغانى، وأخذوا منه دروس الحكمة والغيرة القومية، وكان الجداوى قوى الذاكرة، واسع المحفوظ من المنظور والمنثور، يستظهر مقامات الحريرى وبديع الزمان، ودواوين الشعراء الفحول، ويطارح خمسة أو ستة من الأدباء فى وقت واحد فيسكتهم دائما، ولا يسكتونه مرة واحدة، فكانت معرفتى به أحد الدواعى التى حفزتنى للمطالعة والإقبال على الكتب والدواوين.


يذكر عباس العقاد عن والده أنه لم يكن مكثرا من القراءة فى غير الكتب الدينية، لكن كان يحدث أبناءه «عن تجاربه ومصاعب حياته، ويأبى علينا أن نستمع إلى أقاصيص العجائز وحكايات الأساطير، على أننى وجدت فى دواليب المندرة بعد أن بلغت سن القراءة، أعدادا كثيرة من مجلة الأستاذ، لصاحبها عبد الله نديم».


وعن أمه يؤكد أنها لم تكن سودانية تدعى «بخيتة السودانية» كما ذكرت الصحف التى كانت تهاجمه مثل «الكشكول»، يذكر: «أسرة أمى من أبويها جميعا كردية قريبة عهد بالقدوم من ديار بكر، لكنه يؤكد أن حكايته السودانية لم تكن كلها كذبا محضا من الألف إلى الياء، ويوضح: أجداد أمى جميعا تزوجوا فى السودان، وكان جدها لأبيها وجدها لأمها من الفرق الكردية التى توجهت إلى السودان بعد حادثة مقتل إسماعيل بن محمد على الكبير، وهناك عاش عمر أغا الشريف قبل قدومه إلى أسوان، وهو جد أمى لأبيها، وأبوها هو محمد أغا الشريف الذى اختار «أطنان» المعاش فى قرية من قرى الإقليم».


يكشف أن أمه ورثت تقواها وسلامة بنيتها من أبيها وجدها، وورثت عن أبويها حب الصمت والاعتكاف، وكانوا يقولون إنها «نفخة أتراك»، لكنها كانت طبيعة تورث، وخلقة بغير تكلف، يؤكد: «لم أر فى حياتى امرأة أصبر على الصمت والاعتكاف من والدتى، فربما مضت ساعة وهى تستمع من جاراتها وصديقاتها، وتجيبهن بالتأمين أو بالتعقيب اليسير، وربما مضت أيام وهى عاكفة على بيتها أو على حجرتها، لا تضيق صدرا بالعزلة، وإن طالت، ولا تنشط لزيارة إلا من باب المجاملة ورد التحية».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة