سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 يناير 1968.. الموسيقار محمد عبدالوهاب يعلن عن مشروعه لتلحين القرآن الكريم.. والشيخ الباقورى يدعو لتشكيل لجنة من المهتمين

الثلاثاء، 02 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 يناير 1968.. الموسيقار محمد عبدالوهاب يعلن عن مشروعه لتلحين القرآن الكريم.. والشيخ الباقورى يدعو لتشكيل لجنة من المهتمين الموسيقار محمد عبدالوهاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن الموسيقار محمد عبدالوهاب، أن لديه مشروعا لتلحين القرآن، فآثار الاهتمام بين مؤيد ومعارض، وبدأت المسألة بحوار أجراه معه المؤرخ الفنى حسن إمام عمر، ونشرته مجلة الكواكب، عدد 854، 12 ديسمبر 1967.
 
كشف «عبدالوهاب» أنه سبق وتقدم بمشروعه إلى عبدالحميد عبدالحق، وزير الأوقاف بحكومة الوفد، برئاسة مصطفى النحاس باشا، من 4 فبراير 1942 إلى 8 أكتوبر 1944، ورفضه رجال على أنه حرام ولا يجوز، وأنه يجدد طرحه ليتعرف على رأى المهتمين، قائلا: «نتباحث فى مدى صحته وصوابه، فقد لاحظت أن كل المقرئين لا يلتزمون لحنا معينا فى أداء الآيات الكريمة، وفى كل مرة يتلونها بشكل مختلف ومغاير، ويخضع فى الغالب للمزاج الشخصى ولسيطرة المقرئ على صوته، وإلى صحته نفسها، فكان من رأيى أنه يجب أن يكون هناك عقل بجانب الروحانية فى أداء الآيات البينات».
 
يضيف: «من لوازم العقل أن الإنسان يجب أن يفكر فى كل آية وكيف تقال، خاصة أن فيه آيات متجاورة ولكنها مختلفة المعانى، كآيات الوعد بالجنة والوعيد بالنار، ثم الآيات القصصية التى يجب أن تلقى بأداء مغاير لسائر الآيات، والقرآن الكريم فى رأيى عقل وروح معا، فهو تنظيم لصلة البشر بالله بعضهم ببعض، ولا يمكن فى لحظة الارتجال السريعة أن ينظم القارئ فى عقله ما يجب أن يؤدى به الآيات الكريمة كما يجب أن تؤدى».
 
يكشف «عبدالوهاب» أنه عمل تجربة لنفسه على آيات يحرص على قراءتها كدعاء قبل النوم كل مساء، ويذكر: «سجلت شريطا بصوتى للآيات التى وردت فى ختام سورة البقرة، وتقول: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وأعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين».
 
يوضح: «إن الغرض من تلحين هذه الآيات هو إعطاء كل كلمة حقها من اللحن الذى يوضح معناها دون الحاجة إلى استخدام الآلات الموسيقية، وحتى تكون هناك الأسس السليمة التى يلتزم بها جميع المقرئين فى الأداء، ولا يترك هذا الأمر للارتجال، الذى يتحكم فيه مزاج كل مقرئ ومدى سيطرته على صوته».
جددت «الكواكب» القضية فى عدد 857، 2 يناير، مثل هذا اليوم، 1968، بنشر تعليق من الشيخ أحمد حسن الباقورى، مدير جامعة الأزهر، ورسائل قراء، قال الباقورى: «مع احترامى لذكاء عبدالوهاب ونشأته الدينية وفنه العظيم، أقول إنه لم يأت بجديد يمكن أن يكون موضع نقاش فى هذا الأمر، فهو نفى استخدام الآلات الموسيقية فى تلحين القرآن، وهذه غيرة مشكورة على كتاب الله، وهو فرق بين الآيات التى تشير إلى الجنة ونعيمها، والآيات التى تشير إلى النار وجحيمها، وقال إن أداء هذه الآيات ينبغى أن يختلف بعضه عن بعض، وهذا كلام ليس جديدا، فهو مأثور من أسلافنا الصالحين، فروى عنهم أن القارئ منهم حينما كان يمر بآية نعيم أضاء وجهه، وبدا الفرح فى نغمته، وإذا مر بآية عذاب، حزن وبدا عليه كدر شديد».
 
يضيف «الباقورى»: «أما الاجتهاد فى تحسين الصوت بقراءة القرآن، وإظهار المقدرة فى القراءة من المد وغيره، كما هو معروف فى علم التجويد، فهذا مأمور به شرعا، وروى الإمام القرطبى فى تفسيره حديثا عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، وعلى ذلك يكون القدر الذى يدعو إليه الأستاذ عبدالوهاب بعيدا عن الموسيقى وملتزما حدود التجويد، التى اصطلح عليها علماء القرآن، وهذه دعوة مشكورة لا ينكرها الإسلام وإنما يرحب بها، ورجائى إلى الأستاذ عبدالوهاب أن يدعو خلاصة من المهتمين بكتاب الله عز وجل، ثم يتلو عليهم من كتاب الله ما يرى أنه خليق بحسن تقديره، حتى يستطيع هؤلاء أن يحكموا له أو عليه».
 
ومن القراء نشرت «الكواكب» آراء مؤيدة منهم، عباس حسنين الجمل من الإسكندرية، وشوقى عبدالبر من أسيوط، وفؤاد سيد حامد من بنى سويف، وأبوبكر عامر من مصر الجديدة، ويقولون: «إن إعطاء كل كلمة حقها من الأداء اللحنى السليم يوضح معناها ويقربها من إفهام المستمعين، ما دام هذا الأداء لا يمس التجويد من قريب أو بعيد، ويحافظ على آيات الله البينات روحانيتها وقداستها، فهذا شىء مستحب بل ومطلوب».
ومن الرافضين، يقول القارئ محمود الأعسر: «روى ابن القاسم عن مالك رضى الله عنه، أنه سئل عن الألحان فى قراءة القرآن، فقال: لا تعجبنى، إنما هو غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم»، ويشكك رضا موافى من بورسعيد قائلا: «أراهن أن مشروع عبدالوهاب وهمى كمشروعه الخاص بتلحين أوبريت مجنون ليلى، الذى نسمع عنه منذ أكثر من عشرين عاما دون أن يخطو خطوة واحدة لتنفيذه».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة