سره الباتع لـ يوسف إدريس.. الجزء الثانى عشر

الجمعة، 07 أبريل 2023 07:00 ص
سره الباتع لـ يوسف إدريس.. الجزء الثانى عشر سره الباتع
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سره الباتع قصة للكاتب الكبير يوسف إدريس، تحولت إلى مسلسل للمخرج خالد يوسف بعد مرور 65 عامًا على صدورها ضمن مسلسلات رمضان 2023، وتزامنًا مع عرض مسلسل سره الباتع، ينشر "اليوم السابع" قصة "سره الباتع" التى نشرت لأول مرة عام 1958 ضمن مجموعة قصصية بعنوان "حادثة شرف".

سره الباتع لـ يوسف إدريس.. الجزء الثانى عشر

وذهب الفلاحون الغاضِبون بزعامة شيخ البلد لمُقابلة الكولونيل بيلو، ولم ينتظر الرجل، وذهب لمُقابَلتهم عند الباب، وطلبوا منه أن يَقْتُل القاتِلَ أمامَهم، فحاول بيلو أن يُقْنِعَهم أنَّ القاتِلَ سيُحاكَم وأنَّه سيَلْقَى جزاءَه، ولكنَّهم أصرُّوا على أن يختار بين أمرين، إمَّا أن يقتُلَ القاتل أو يُسلِّمَه لهم لكي يقتصُّوا منه، ورفض بيلو كلا الأمرين، وأمَرَ الأهاليَ بالانصراف.
وصدعوا للأمر وانصرفوا.
 
ولكنْ في اليوم التالي قُتِل أحدُ جنود القلعة وهو في طريق عودته إليها.
وذهب بيلو على رأس قوة كبيرة وقبَضَ على شيخ البلد وأحضَرَه إلى القلعة، وطاف منادٍ في القرية يقول: ما لم يُسلِّم القاتِلُ نفسَه قبل مغيب الشمس فإنَّ شيخَ البلد سيُعدَم رمْيًا بالرصاص.
 
وقبل مغيب الشمس توجَّه للقلعة أحد الفلاحين وقال: إنَّه القاتل وطلب الإفراج عن الشيخ، وأخذ بيلو الموضوع كلَّه ببساطة، وقرَّر أن يُشنَق الفلاح بعد محاكمته على مرأًى ومسمعٍ من الفلاحين ليعتبر غيرُه بمصيرِه.
وكان هذا أسوأ قرارٍ اتَّخَذَه بيلو في حياته.
 
ففي اليوم التالي، سيق المتَّهمُ إلى ساحة القرية الرئيسية، وجُمع كل مَن وُجد في القرية من أهلها وأُوقِفوا في الساحة ليشهدوا المحاكمة، وتكوَّنتِ المحكمة من بيلو رئيسًا، والماجور لاسال والسير جنت جان بروميرجر عضوين، وكان هناك ممثِّل اتهام، أمَّا الدفاع فلا تدهش إذْ قمتُ أنا به، ذلك أنني كنتُ قد وصلتُ في ذلك اليوم بالذات لأقْضِيَ بضعة أيام في ضيافة بيلو، ولأدرس حياة الفلاحين عن كثب.
 
وكل ما كنتُ قد عرَفْتُه عن المتهم أنَّ اسمَه حامد، وأنَّه لا يختلف عن بقية الفلاحين في المظهَر أو الشكل، كل ما يُمَيِّزه أنَّه كان طويل القامة، طويل الأنف، واسع العينين، إصبع يده اليسرى البنصر مبتور، وعلى وجنتيه عصفورتان موشومتان لتقوية بصره كما قال لي الترجمان، وطبعًا لم أكن أُرِيد أن أشترك في هذه المهزلة، ولكن صديقي بيلو ألحَّ عليَّ لأؤدِّيَ هذا «الواجب» باعتباري الوحيد الموجود الذي يحمل دكتوراه في القانون.
وطبعًا كانتْ مهزلة، الفلاحون جالسون وواقفون في الساحة ينظرون لنا نظرات، كلغتهم، لا نفهمها، والمحكمة تتبادل التعليقات الساخِرة بصوت مرتفع، وثمة مترجم ركيك لا يُجِيد العربية ولا حتى الفرنسية.
 
وجاء دَوْري لأُدافِع عن المتَّهم، ولستُ أدري ماذا كان رأي بيلو في دفاعي الذي بدأتُه بالحديث عن الثورة الفرنسية وشعاراتها المقدَّسة التي قامتْ من أجلها؛ الحرية والإخاء والمساواة، كم كان مضحكًا أن أتفوَّه بها في ساحة شطانوف، والحكم صادر ولا ينقصه سوى التنفيذ!
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة