بينحتوا فى الصخر وبيشتغلوا كل حاجة.. سيدات الدقهلية يبحثن عن رزقهن فى مصانع الطوب.. يحملن الحجارة ويصارعن الموت من أجل أبنائهن.. "قشطة" تحمل الطوب منذ 15 عاما لتوفر حياة كريمة لأبنائها السبعة بيومية 50 جنيها

الجمعة، 13 مايو 2022 12:39 م
بينحتوا فى الصخر وبيشتغلوا كل حاجة.. سيدات الدقهلية يبحثن عن رزقهن فى مصانع الطوب.. يحملن الحجارة ويصارعن الموت من أجل أبنائهن.. "قشطة" تحمل الطوب منذ 15 عاما لتوفر حياة كريمة لأبنائها السبعة بيومية 50 جنيها سيدات الدقهلية نماذج فى الكفاح من أجل لقمة العيش
الدقهلية – مرام محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى مصنع للطوب الطفلى بمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، يتصاعد من مداخنه الشامخة أدخنة سوداء قاتمة، غبار متناثر فى ساح معركة وطوفان يتسلل منه صيحات "تخلع" القلوب وتحبس الأنفاس، ضباب يكاد ينجلى بعده انتصار جلى من أجل لقمة العيش، مشهد يتوقف عنده الزمن للحظات، لا وجود فيه لماض أو حاضر أو مستقبل، كل ما تتملكه عيناك وجوه تهطل دموعها الساخنة على الخدين، أرواح حبيسة لا تهدأ ولا تستكين تعانق دفء النيران، وقلوب تنبض بالعزيمة والكفاح تعزف على أوتار الحياة حتى تحيا لهم وتبتسم، ضحكات تضيء العتمة ببصيص أمل، وأنفاس تستعيد بتنهيداتها نسمات النصر.

ملحمة من الكفاح والعطاء لبطلات كادحات عزيمتهن أقوى من الحجارة، يقضين يومهن يحملن قوالب الطوب على ظهورهن ورؤوسهن متصدرات صفوف الرجال، وهن يخفين أنينهن وتشققات وجوههن وخشونة كفوفهن وراء رداء أسود ووشاح ينسدل على أعينهن أخفى معالمهن وأنوثتهن، يحمدون الله على نعمة الشقاء التى أغنتهم عن "الحوجة" لقسوة الزمن، يكافحن بأعين راضية وحمولة الطوب منهمرة بقسوتها على أجسادهن ليوفرن قوتهن وقوت أطفالهن بيومية 50 جنيه.

وبينما هى منشغلة فى نقل الطوب الأحمر على رأسها من بيت النار إلى مقطورة التحميل، لا ترى منها شيئا فى وسط غبار كثيف يحجب رؤيتها وصهد يرتعد منه جسدها، والمرض والموت يتربصان بها، تحدثت "سامية" بصوتها المنهمك وأنفاسها المنقطعة لـ"اليوم السابع"، قائلة إنها وجدت من العمل فى مصانع الطوب بيومية 50 جنيه الحل للتغلب على ظروفها المعيشية الصعبة وتوفير حياة كريمة لطفليها، مشيرة إلى أنها حملت الطوب على رأسها منذ أكثر من خمس سنوات وبرغم مشقة العمل وقساوته إلا أنها تكد يوميا بحمل ونقل الطوب بحثا عن الرزق الحلال، "هعمل إيه ده أكل عيشنا ومكنش قدامى غير انى أشيل طوب على دماغى عشان أربى وأعيش عيالى بالحلال وممدش إيدى لحد".

قشطة عبد الغفور صاحبة الـ37 عاما إحدى الكادحات اللواتى عملن منذ نعومة أظافرهن فى الحقول والأراضى الزراعية، شقت الصخر منذ طفولتها فى الكثير من المهن الشاقة، اقتحمت مهن الرجال بكل قوة وشموخ بحثا عن لقمة العيش، عملت بمصانع الطوب منذ أكثر من 15 عاما وأصبح مستقرها بعد أن كافحت منذ طفولتها بالعمل باليومية فى الأراضى الزراعية، واهتدت لترك العمل فى الحقول والأراضى لتبحث عن عمل آخر تتحصل منه على يومية أكبر تعينها على توفير حياة كريمة لأبنائها السبعة.

حياة حافلة بالعمل الشاق تعيشها "قشطة" يوميا فى مصانع الطوب، بين الغرق فى الطين الأسود وحمل الآلاف من قوالب الطوب على رأسها، حيث تشق طريقها يوميا لمصنع الطوب منذ ساعات الصباح الباكر برفقة زملائها من الرجال والسيدات، تقوم معهم بالتناوب بتجهيز خليط الطين الذى يصنع منه الطوب بعد ذلك، وحمل قوالب الطوب على رأسها مع زميلتها فى العمل لنقله من المصنع للمقطورة، تسعى بكل جهدها أن تكافح وتشق الصخر فى مهنتها رغم صعوبتها لتتمكن من الإنفاق على أبنائها التى أصبحت بالنسبة لهم الأم والأب معا بعد أن انفصلت عن زوجها، قائلة: "هعمل إيه.. محدش بيجرى على عيالى السبعة أنا اللى بصرف عليهم".

وبابتسامة راضية رغم حرارة الجو والصهد الذى يحرق قدميها وشقائها تابعت الحديث قائلة: "طول عمرى بكافح واشقى لوحدي، مسبتش ولا شغلانة إلا لما اشتغلتها، اشتغلت فى كل حاجة عشان أعيش نفسى واعيش عيالى بالحلال، اشتغلت فى الأراضى عمرى كله لكن يوميتها كانت قليلة ويوم ناخدها ويوم لا، هعمل إيه وانا محتاجة يوميتى كل يوم عشان العيال، عرفت بعدها أن مصانع الطوب بتدى عمالها يوميتهم فى ساعتها، فقررت أسيب الأرض واشتغل فى الطوب عشان يوميته حلوة وهقدر أربى واعيش عيالى بيها".

وأضافت: "أى شغل فى مصانع الطوب بعمله لأنى فى احتياج للجنيه، آتى المصنع صباحا أعجن طينة الطوب، وآخر النهار أعود للبيت أطمن على أولادى، وأعود بعدها أساعدهم فى نقل الطوب للمقطورة على رأسي، فأولادى صغار ويحتاجون للقرش، أكبرهم عمره 17 سنة والصغير عمره عام، طول عمرى متحملة نفقة أولادى ومسؤوليتهم، وطليقى لم يكن يصرف علينا وعندما اتحبس وجدت ضرتى تأخذ معاشه، فلم آخذه منها لأنها فى حاجة إليه".

وقالت: "مفيش حاجة هنا سهلة، نأتى من الفجر ونروح لعيالنا العشاء كى نأكلهم بالحلال، واللى يأتى بصرفه فى وقتها على أولادى، أشترى لهم أكلهم وشربهم وعلاج السكر بتاعي، ومفيش حاجة اسمها هنا حريم ورجال، كله مثل بعضه، ومن تعمل فى هذا العمل تصبح مثلها مثل الرجل ،وزملائى لا يعتبرونى ست بيعاملونى مثل الرجل بينهم، وربنا يعيننى".

وأكدت: "أصحابى وزملائى ماتوا أمام عينى وانا فى العمل، بعد ما المدخنة سقطت عليهم، فالموت حوالينا لكنى لا أخاف، وبدوس فى الشغل ومبيهمنيش، اللى ساعته بتيجى بيموت، كله بأمر ربنا، ولن أدع أبنائى يعملوا فى الطوب، ابنى لا يملك جنيه وليس معه ما يذهب به إلى المدرسة ولو فكر يأتى للعمل معى كى يأخذ يومية ليذهب بها إلى المدرسة أرفض وأمنعه من أن يأتى معى، ولن أتركهم يروا ما أن أراه كل يوم من تعب ويعيشوا حياتى وعملى الصعب فى المصانع".

اجتهاد-النساء-في-نقل-الطوب

اجتهاد-النساء-في-نقل-الطوب

 

بسمة-رضا-من-قشطة-أثناء-العمل
بسمة-رضا-من-قشطة-أثناء-العمل

 

 

سيدات-يعملن-في-مصانع-الطوب-بحثا-عن-لقمة-العيش
سيدات-يعملن-في-مصانع-الطوب-بحثا-عن-لقمة-العيش

 

 

سيدات-يكافحن-بنقل-الطوب-على-رؤوسهن
سيدات-يكافحن-بنقل-الطوب-على-رؤوسهن

 

 

سيددة-تنقل-الطوب-على-رأسها
سيددة-تنقل-الطوب-على-رأسها

 

 

عاملات-مصانع-الطوب
عاملات-مصانع-الطوب

 

 

قشطة
قشطة

 

 

قشطة-تكافح-بالعمل-في-مصانع-الطوب--لتنفق-على-أبنائها-السبعة
قشطة-تكافح-بالعمل-في-مصانع-الطوب--لتنفق-على-أبنائها-السبعة

 

 

قشطة-سيدة-تكافح-في-مصانع-الطوب
قشطة-سيدة-تكافح-في-مصانع-الطوب

 

 

كفاح-سيدات-الدقهلية-في-مصانع-الطوب
كفاح-سيدات-الدقهلية-في-مصانع-الطوب

 

 

كفاح-قشطة-في-مصانع-الطوب
كفاح-قشطة-في-مصانع-الطوب

 

 

كفاح-قشطة-في-مصانع-الطوب-بيومية-50-جنيه
كفاح-قشطة-في-مصانع-الطوب-بيومية-50-جنيه

 

 

نقل-الطوب-إلى-مقطورة-التحميل
نقل-الطوب-إلى-مقطورة-التحميل

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة