سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 نوفمبر 1978.. الرئيس الجزائرى هوارى بومدين فى غرفة الإنعاش.. وسبعة أطباء أمريكيين ينضمون إلى السوفيت لمحاولة علاجه

الإثنين، 21 نوفمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 نوفمبر 1978.. الرئيس الجزائرى هوارى بومدين فى غرفة الإنعاش.. وسبعة أطباء أمريكيين ينضمون إلى السوفيت لمحاولة علاجه هوارى بومدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، فى غيبوبة كاملة، بالمستشفى بالجزائر، وكان استدعاء أطباء عالميين من جنسيات مختلفة لا يتوقف، فى محاولة لإنقاذه، وفى 21 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1978 انتقل إلى غرفة الإنعاش، ووصل سبعة من الإخصائيين الأمريكيين قادمين من ألمانيا الغربية، وفقا لـ «الأهرام» فى تقريرها، 22 نوفمبر 1978، مضيفة، أن الأطباء الأمريكيين انضموا إلى نظرائهم السوفيت والجزائريين الذين يتابعون بومدين، فضلا عن أطباء فرنسيين وصلوا حاملين أجهزة طبية خاصة.
 
كانت الحالة الصحية لـ«بومدين» تواصل تدهورها منذ سبتمبر 1978 وفقا لما يذكره كبير أطباء الكرملين يفغينى شازوف، فى مذكراته «الصحة والسلطة» ترجمة، دكتور إيمان يحيى، ويكشف فيها قصة مرض الزعيم الجزائرى المفاجئ، الذى أدى إلى وفاته يوم 27 ديسمبر 1978، وعمره 48 عاما فقط.
 
يكشف «شازوف» أنه فى سبتمبر 1978 اتصل به رئيس الوزراء السوفيتى «كوسيجين» ليبلغه بأنه تلقى برقية تخبره بأن الرئيس «بومدين» استقل الطائرة صباح اليوم إلى موسكو للعلاج، يضيف «شازوف»، أن «بومدين» بدا وكأنه فى صحة طيبة، أوعلى أسوأ تقدير كان مصابا بمرض ضعيف، وبعد شهرين عاد إلى بلاده تصحبه مجموعة من الأطباء السوفيت.
 
يذكر «شازوف»، أن الرئيس الجزائرى ظهرت عليه أعراض حمى وارتفاع فى درجة الحرارة بعد رحلة له فى دول الشرق الأوسط، ولم تتمكن الأدوية العادية من التغلب عليها، وبدأت حالته فى التدهور، وبعد إجراء الفحوص الأولية، لم يعد لدينا أدنى شك فى أنه يعانى من مرض شديد، قد يكون ذا طبيعة فيروسية، وتمثلت مضاعفات المرض فى التهاب وتسمم الكبد.
 
يضيف «شازوف»: «بعد أن بدأنا العلاج، بدا للوهلة الأولى وكأن حدة المرض تتراجع، وبدأت أعراض وعلامات التهاب الكبد فى الاختفاء، ولكن قلقنا استمر، فجسد الرئيس الجزائرى لم يتخلص بعد من هزاله، ودرجة حرارته تعاود تسجيل ارتفاع طفيف، وكرات الدم البيضاء تتزايد، وإن كان ليس شديد الارتفاع، ولاحظنا تغيرات مرتبطة باختلال جهاز المناعة فى جسده، وظهر ذلك بصورة واضحة على مادة « الجلوبيولين» الطرفية.
 
يلقى «شازوف» كرة اللهب على الموضوع، قائلا: «على ضوء تشخيص حالة بومدين لا نستبعد أن تكون التغييرات التى طرأت على جهاز المناعة نتيجة تعرضه لعوامل خارجية، وقد تكون تلك العوامل ذات طبيعة جرثومية، أو بسبب التسمم بمواد سمية معينة، وما حدث معه يكشف خطورة اختلال جهاز المناعة فى الإنسان، فالأمر لا يقتصر على ضعف وانهيار وظائف الدفاع عن الجسم، بل يمتد إلى ظهور التهابات شاملة وعامة بالأوعية الدموية، وهذا يؤدى إلى ظهور جلطات صغيرة، وأكثر من نزيف الأوعية الدموية وهذا ما حدث مع الرئيس الجزائرى.
 
يذكر «شازوف»، أن أفضل الأطباء السوفيت شاركوا فى التشخيص ووضعوا نظام العلاج له، وجرت جميع المداولات والمشاورات فى حضور الأطباء الجزائريين، كما كانت زوجة الرئيس تتابع الموقف أولا بأول حيث وصلت معه على الطائرة ذاتها، ولكن شبح رحيله فى أية لحظة بسبب نزيف فى المخ أو «احتشاء القلب» أوتغيرات خطيرة تصيب الرئتين كان ماثلا أمامنا بقوة، من جانبى حذرت القيادة السوفيتية من وقوع هذا الاحتمال، وجاء رد كوسيجين سريعا: من الأفضل الاستمرار فى العلاج بالجزائر، ويمكننا أن نبعث بأفضل الأطباء والعقاقير والأجهزة اللازمة إلى هناك، لأن رحيل بومدين وهو فوق الأراضى السوفيتية من شأنه أن يحدث ردود فعل سلبية فى الجزائر العالم العربى.
 
يؤكد «شازوف»، أن وجهة نظر بومدين كانت مطابقة لرأى الزعامة السوفيتية، كما أن زوجته شجعت قراره بالعودة، واشترط بومدين أن يصطحبه إخصائيين سوفيت ويبقوا فى الجزائر لمواصلة العلاج وهو ما وافقنا عليه، يتذكر «شاوزف» أن بومدين لحظة وداعه لدى إقلاع طائرته كان متعكر المزاج، وسافر ومعه مجموعة من كبار أساتذة الطب السوفييت.
 
يكشف «شازوف»، أنه بعد فترة قصيرة تلقوا من السفارة السوفيتية بالجزائر أنباء مقلقة عن الروح العدائية التى تحيط بالأطباء السوفييت والتى تصل إلى حد تهديد حياتهم، وازداد الوضع حرجا مع ظهور اختلال الدورة الدموية فى المخ، يضيف: «قامت زوجة بومدين، والمحيطون به بدعوة عدد كبير من إخصائيين دول عديدة وجاء أطباء من فرنسا وأمريكا وبريطانيا وكوبا، وحاول بعض ممثلى الطب الغربى خاصصة الفرنسيين أن يسفهوا التشخيص والعلاج الذى وصفناه فى موسكو، كانت المناقشات حامية، ولكن أحدا لم يقترح أية إضافة جديدة، ومع أن غالبية الأطباء المشاركين فى «الكونسلتو» انتهوا إلى تأييد طبيعة المرض الذى توصلنا إليه ونظام العلاج المتب،ع ازدادت الأجواء التى تحيط بأطبائنا السوفيت فى الجزائر تعقيدا وتوترا، وطلبت من يورى أندربوف رئيس المخابرات السوفيتية حينئذ تأمين سلامة أطبائنا خاصة فى حالة وفاة بومدين، ولكن تبقى حقيقة أن الأطباء السوفيت هم الذين ظلوا وحدهم إلى جوار فراش مرضه حتى الدقائق الأخيرة من حياته.   









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة