حسين يوسف

عندما يكون المجنى عليه هو الجانى

الأربعاء، 17 فبراير 2021 05:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمر أسبوع حتى نقرأ عن مئات الضحايا الذين وقعوا فى براثن مستريح جديد، أصبح الأمر معتادا، ورغم أن قصص ضحايا شركات توظيف الأموال مثل الريان والسعد التى حدثت فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، مازالت عالقة بالأذهان، حيث تسببت تلك الشركات فى هدم الكثير من الأسر، وهبطت بالمستوى الاجتماعى لعائلات كثيرة، نتيجة ضياع مدخراتها، إلا أننا مازلنا نرى كل عدة أيام قصصا لضحايا مستريح جديد.
 
وإذا كان ضحايا شركات توظيف الأموال فى الثمانينيات والتسعينيات، لهم بعض العذر فى وضع أموالهم فى تلك الشركات، حيث كانت تتخذ من عباءة الدين مدخلا إلى قلوب الضحايا، كما أن سوءات تلك النوعية من الشركات لم تكن معلومة أو لها سابقة يقاس عليها، فما عذر الضحايا فى هذه الأيام، مع التقدم الكبير فى وسائل الإعلام، وتعدد منصات السوشيال ميديا، وأصبح العالم كالقرية الصغيرة، وكل يوم هناك خبر عن مستريح جديد، بكل التفاصيل والحواديت، فكيف يعقل بعد كل ذلك أن نجد من يسارعون طواعية ويعطون هؤلاء النصابين "تحويشة" العمر دون أن يطرف لهم جفن، أو حتى يتعظون من الأخبار والقصص التى تتكشف على الدوام عن حوادث نصب بطلها مستريح آخر، ثم بعد ذلك يملأون الدنيا عويلا وبكاءً ويطالبون رجال القانون بإعادة حقهم وأموالهم.
 
أعتقد أن ضحايا أى مستريح ليسوا مجنيا عليهم، بل هم الجناة الحقيقيين، جناة فى حق أنفسهم وعائلاتهم ومستقبل أبنائهم، وفى حق بلدهم، فالأموال التى تذهب إلى جيوب أى مستريح، هى أموال مخصومة من الرصيد النقدى للاقتصاد المصرى، فالمستريح سينفق تلك الأموال هباءً منثورًا، فى حين كان من الممكن أن يتم ضخها لتمويل مشروعات متوسطة أو صغيرة أو حتى متناهية الصغر، ما سيكون له أثر إيجابى فى التنمية ودوران عجلة الاقتصاد، فأمام الملايين التى يجنيها المستريح، تضيع كثير من المشروعات.
 
ظاهرة المستريح، واستمرار تساقط الضحايا، رغم الكشف عن الكثير من القضايا لهؤلاء النصابين، يجعلنا أمام ظاهرة جديرة بالدراسة، فمع التسليم بأن الطمع والجشع للضحايا هو ما يجعلهم فريسة سهلة لهؤلاء المحتالين، إلا أننا نحتاج أيضا لوسائل جذب لرؤوس الأموال الصغيرة والمتوسطة، وأن تكون هناك قنوات شرعية لتشغيل تلك الأموال فى مشروعات متوسطة أو صغيرة، وتدر عائدا مناسبا، وهو ما يحفز أصحاب رؤوس الأموال لوضعها فى تلك المشروعات، وعدم وقوعهم فريسة لأى مستريح.
 
كما أننا بحاجة إلى تكثيف الحملات الإعلامية والإعلانية لكشف زيف واحتيال كل مستريح، وتشجيع المواطنين على وضع أموالهم فى قنوات شرعية، ومشروعات حقيقية قائمة، ومد يد العون لمن يريد إقامة مشروع بمدخراته، ومن الممكن أن تتبنى وزارتى الاقتصاد والتجارة والصناعة مبادرات لطرح مشروعات صغيرة ومتوسطة التكاليف الرأسمالية، لها دراسات جدوى مكتملة، لحث المواطنين على الاستثمار فى تلك المشروعات، ما سيكون له أثر كبير فى دفع عجلة التنمية وضخ أموال كثيرة فى شرايين الاقتصاد، وكذلك الحد من ظاهرة المستريح، التى أصبحت تطل علينا باستمرار.
 
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة