استيقظت على دقات الساعة الثامنة صباح يوم السبت الموافق 3-1-2004 صوت حنين رقيق يهمس فى أذنى أصحي يا حسام لتتناول وجبة الإفطار التى كانت عبارة عن شرائح من الكيك والفايش مع كوب من الشاي.
إنه أبى ذلك الصوت الملائكى الذى قرر فى هذا اليوم أن أزامله فى وجبة الإفطار ورفض أن يزعج أمى على أى حال خرجنا سويا على ناصية أول الشارع الذى يقطن فيه بيتنا ركبت دراجتى وانطلقت سريعا نحو أحد الدروس الخصوصية وكنت حينها استعد لبدء امتحانات نصف العام الدراسى من الصف الثالث الإعدادى وتركت أبى الذى فضل السير على أقدامه نحو عمله ولم أكن أعلم فى ذات اللحظة أنها ستكون الوداع الأخير لأنها "مية مية كانت هتفرق فى الوداع".
جاء وقت أذان الظهر وقد انتهيت من حصتى الخاصة وعدت إلى منزلى فطرقت الباب فلم أجد فى البيت سوى أختى التى تكبرنى بسنتين الحزن يملأ وجهها فهى على غير العادة شعور القلق والخوف ينتابها بادرتها بالسؤال ماذا بك لماذ يبدو على وجهك انه "مخطوف"؟ وحينها انفجرت فى العياط وقالت لى أبوك تعرض لوعكة وصحية وتم نقله إلى العناية المركزة هنا نزل الخبر على مثل الصاعقة وقررت أن انزل سريعا لأذهب إلى المستشفى حيث أبى.
وأنا فى طريقى إلى المستشفى تقابلت مع أختى الكبري التى تفاجأت بنفس الخبر وقررنا سويا الذهاب إلى المستشفى ولم نكاد نصل إلى وجهتنا حتى وجدت أمى قد أتت من المستشفى وأخبرتنا بالمصيبة الكبرى "لقد مات أبوك" ومنذ ذلك اللحظة أرى الحياة بشكل أخر لم تعد كما كانت حتى أمى لم تعد كما كانت " لقد سقط عمود البيت".
وفى النهاية سأظل أشتاق لك يا أبى شوق المغترب لبلاده وشوق العطشان للماء وسأظل أنتظرك إلى نهاية عمري لعلي أن الحق بك وأراك ولا يظل الفراق يلحقني فكل شيء في الحياة يذكرني بك.
