لماذا أصيب بعض الأقباط بالصدمة بعد تأييد حكم إعدام إشعياء المقارى؟.. الرهبان فى الفكر الكنسى ملائكة أرضيون وبشر سمائيون.. وتاريخ الرهبنة المصرية الحافل يجعل الجريمة شذوذا عن القاعدة

الأحد، 05 يوليو 2020 02:00 ص
لماذا أصيب بعض الأقباط بالصدمة بعد تأييد حكم إعدام إشعياء المقارى؟.. الرهبان فى الفكر الكنسى ملائكة أرضيون وبشر سمائيون.. وتاريخ الرهبنة المصرية الحافل يجعل الجريمة شذوذا عن القاعدة الأنبا إبيفانيوس والقاتلان
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قررت المحكمة تأييد حكم الإعدام على الراهب "إشعياء المقارى" واسمه بالميلاد وائل سعد تواضروس بعد تجريده، وخففت الحكم على فلتاؤس المقارى الراهب بدير الأنبا مقار للمؤبد بعد اتهامها بقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار مع سبق الإصرار والترصد.. هكذا نطقت محكمة النقض دمنهور، بما أوتيت من أوراق وإجراءات، ومع النطق بالحكم استيقظ قطاع كبير من الشعب القبطى على ما اعتبروه فاجعة، بعد ممارسة تضليل متعمد ضدهم عبر صفحات بمواقع التواصل الاجتماعى وفضائيات مسيحية تبث من الخارج تمتهن بث الشائعات وتزييف الوعى على طريقة جوبلز وزير الدعاية السياسية فى عصر هتلر.

 

كيف استخدمت بعض صفحات السوشيال ميديا المسيحية نظريات الدعاية النازية؟ 

يوزف جوبلز (وزير الدعاية النازي) ورفيق هتلر حتى الدقائق الأخيرة من حياتهِ، كان أحد الأساطير فى مجال الحرب النفسية، وهو أحد أبرز من وظفوا واستثمروا وسائل الإعلام فى هذه الحرب وهو صاحب شعار شهير يقول: "اكذب حتى يصدقك الناس"، غير أنه كان صاحب الكذب الممنهج والمبرمج الذى يعتمد الترويج لمنهج النازية وتطلعاتها، ويهدف لتحطيم الخصوم من الجانب الآخر، وقد أكدت ظاهرة جوبلز هذه أن الذى يملك وسائل الإعلام يملك القول الفصل فى الحروب الباردة والساخنة.

و"يوزف جوبلز" بناءً على ذلك هو مؤسس فن الدعاية السياسية بلونها الرمادى، واستطاع حينما كان يروج للفكر النازى بقوة أن يسوق فى ركابه عشرات الملايين من الألمان، ورغم العداء الغربى للنازية، إلا أن جوبلز يعد مؤسس مدرسة إعلامية مستقلة بذاتها.

ولجأت صفحات معينة سبق للبابا تواضروس أن حذر عموم الشعب القبطى منها بعد حادث دير أبو مقار، إلى تزييف الوعى المسيحى فى تلك القضية، حيث روجت على مدار شهور التقاضى شائعات تؤكد براءة الرهبان.

 

الرهبان.. ملائكة أرضيون وبشر سمائيون 

فى الفكر الكنسى فإن الرهبان هم ملائكة أرضيون وبشر سمائيون تركوا العالم كله لأجل العبادة وبدء الحياة مع الله، وعلى الرغم من أن الواقع يؤكد أن الحياة الرهبانية فى مصر تزدحم برهبان فى مثل هذه الأوصاف، يعبدون الله ليلا ونهارا وينتقلون من العمل فى الدير إلى دروس اللاهوت ومنها إلى الصلوات، لكن تلك القاعدة جعلت قطاع واسع من المسيحيين يرفضون تصديق أن لكل قاعدة شواذ واستثناءات، وأن إشعياء المقارى الذى تم تجريده من الكنيسة بسبب مخالفات رهبانية لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ينتسب للرهبنة القبطية العريقة التى خرجت من مصر إلى العالم كله.

لجنة شئون الرهبنة جردت الراهب إشعياء المقارى واسمه بالميلاد وائل سعد تواضروس من رهبانيته قبل صدور حكم المحكمة وقبل إحالته رسميا للجنايات وذلك لارتكابه مخالفات كنسية، بينما ما زال الجميع يترقب صدور قرار مماثل يخص الراهب فلتاؤس المقارى الذى لم تعاقبه الكنيسة بالتجريد حتى اليوم وانتظرت ثبوت التهم عليه.

قطاع كبير من الأقباط تربى على الصورة الطوباوية للرهبان لا يمكنه أن يصدق ما جرى فيبحث عن أسباب أخرى تغذى تلك الصورة الذهنية التى تربى عليها، رغم تأكيد قداسة البابا تواضروس أكثر من مرة أن يهوذا كان أحد تلاميذ المسيح وأن وجود عنصر غير صالح لا يسئ للمنظومة كلها لأنها أكبر من مجرد حادث.

فى كتابه "الكنيسة صراع أم مخاض ميلاد" يفتح كمال زاخر هذا الجرح فيقول: "لكن منظومة الرهبنة شأن كل كائن حى تتأثر بما يعترى الإنسان -قوامها الأساسى- من تغيرات وتفاعلات، فتراها تتراوح بين صعود وهبوط، وبقدر التزامها بمحاورها تكون قوتها، وبقدر انتباهها لخصوصيتها وقدرتها على مراجعة واقعها قياسًا على هدفها الذى تأسست وقامت لتحقيقه".

واستكمل: "تأتى إمكانية خروجها من أزماتها وانتصارها فى حروبها التى لا تتوقف، من داخلها ومن خارجها. ولا شك أن الرهبنة المعاصرة تحتاج إلى وقفة جادة، مع نفسها أولًا، ومن الكنيسة معها ثانية، لكونها أحد أهم الأرقام فى معادلة الكنيسة الفكرية واللاهوتية، بل ومن المجتمع العام خارجها".










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة