علاء عبد الهادى

أردوغان فى ثياب الواعظين

السبت، 25 يوليو 2020 01:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
برز الثعلب يوماً .. في ثياب الواعظينا 
فمشى في الأرض يهذي .. ويسبّ الماكرينا 
ويقول : الحمدلله .. إله العالمينا 
لا أعرف لماذا قفزت الى ذهنى هذه الأبيات الشعرية العبقرية التى قرضها أمير الشعراء شوقى وأنا أتابع اقامة أول صلاة الجمعة فى فى آيا صوفيا بحضور الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بعد إعادته مسجدا ، وبعد 86 عاما ظل فيها متحفا للأديان على يد كمال الدين أتاتورك على اعتبار أنه كان فى الأصل كاتدرائية ثم تحول الى مسجد على يد محمد الثانى عندما فتح القسطنطينية .
 
جلس أردوغان مطأطىء الرأس ، معتمراً طاقيته ، وعليه هيئة الناسكين المتعبدين وراح فى خشوع وسكينة ظاهرة للعيان يتابع رئيس الشئون الدينية التركي علي أرباش وهو يصعد المنبرفى تؤدة مستندا بيده على سيف منقوش عليه " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " كما رفعت فوق المنبر أهلة ثلاث خضراء فى اشارة للغزوات والفتوحات العثمانية فى قارات أسيا وأوروبا وأفريقيا .. إحياء هذا التقليد الذى حرص عليه كل خلفاء الدولة العثماية الآن له دلالة لا تخطئها عين لمن يتابع مشروع أردوغان التوسعى .وبعد أن حمد الله وأثنى عليه اختتم خطبته العصماء بحديث منسوب للرسول المطقى عليه وسلم قال فيه : «لتفتحن القسطنطينية، فلَنِعْمَ الأمير أميرها، ولَنِعْمَ الجيش ذلك الجيش» ..لن أتحدث عن سند الحديث ومدى قوته وهل هو مدسوس على رسول الله أم لا ، فلست أهلا للفتوى .
 
بالتأكيد لست من شيعة أردوغان ، وأيضا لم أكن من شيعة كمال أتاتورك ، وليس معنى معارضتى لأردوغان أن أمدح فى أتاتورك الذى أعتبره أحد الطغاه الذين عالجوا أخطاء الدولة العثمانية بخطايا بلغت ذروتها بمعاداة لكل ما هو اسلامى عربى . 
ولست هنا ايضا فى معرض مناقشة خطوة أردوغان باعادة آيا صوفيا مسجدا ، فهى بالتأكيد خطوة دغدغت مشاعر مسلمى تركيا ، ولست هنا فى معرض مناقشة أو استعراض جدليات المعارضين والمؤيدين للخطوة ومحاولة الرد على ذلك بما حدث فى المساجد فى الأندلس وتحويلها الى كنائس بعد خروج المسلمين منها بعد قرون شهدت أزهى عصور الحضارة الإسلامية ، ولكننى أحاول أن أتحدث بلغة وفقه اردوغان وشيعته من الإخوان المنتشرين على مستوى العالم وأناقش أفعال خليفة المسلمين الجديد الذين يبشرون به ليل نهار رجب طيب أردوغان الأول والذى يسعى لبعث تاريخ الإمبراطورية العثمانية من ثباتها العميق ، فاجل فتح القدس وتنازل عن استعادة فلسطين من يد المحتل الإسرائيلى الغاصب ، بل وتوسع فى علاقاته الإقتصادية والأمنية معه ، ليس هذا بل ان " عمرة " الطائرات الإسرائيلية تتم فى تركيا العضو فى حلف "الناتو" الصديق وأحد الأباء الشرعيين للكيان الإسرائيلية الغاصب ، واكتفى ببعض كلمات ل " الشو الإعلامى " ولكى يظهر بمظهر رافع لواء الإسلام والمسلمين ، دون تحرك عملى وحيد لنصرة القضية الفلسطسنية " الكلام أسهل منه مفيش "  ، ولكنه حرك جيوشه وأطلق طائرات وصواريخه واستباح أرض المسلمين أمثاله فى سوريا ، وأرض المسلمين أمثاله فى العراق ، وشارك فى تدمير وتشريد سكان البلدين ، ودكت مدفعيته قرى الأكراد المسلمين بلا هوادة ولا رحمة فى شهور ينهمر فيها الثلج على الجبال التى يحتمون بها ، بل وراح يجنى مليارات الدولارات من أوروبا التى يبتزها بورقة اللاجئين الذين كانت جيوشه سببا فى تشريدهم .. ولكن الثعلب التركى عينه على الدول العربية التى كانت خاضة يوما قهرا ولعدة قرون لأسلافه ، ووجد فى أزمة ليبيا بعد القذافى فرصة على طبق من ذهب وتواطأ مع السراج الذى باع نفسه ووطنه ومقدرات شعبه لأردوغان الذى يرفع راية الإسلام وعينه أولا وأخيراً على النفط وعلى تورتة اعادة إعمار ليبيا بعد أن يشارك فى تدميرها بالوكالة بنقل " أرهابييه المأجورين " من مسرح سوريا بعد أن تحولت الى أنقاض وقبض الثمن ، ومن الصومال ، الى ليبيا لتكرار نفس السيناريو .
 
ببساطة هذا ما يفعله الخليفة العثمانى الجديد الذى يريد أن يعد مجد إمبراطوريته العثمانية بحد السيف ، ولم يعرف خطيب جمعة " آيا صوفيا " الذى اعتلى المنبر مستندا بيده على السيف ويخطب فى الناس مقلداً محمد الفاتح ، أنه يسىء أكبر إساءة الى الإسلام ، وبفعلته يكاد يؤكد أكذوبة روجها بعض المستشرقين المتعصبين بأن الإسلام انتشر بحد السيف ، وليس لأنه الدين الحق الذى اتبعه المليارات من البشرعن حب وطيب خاطر غيمانا بعظة وصدق الرسالة المحمدية .. فالذى يعتلى المنبر يجب يخطب فى الناس كما علمنا نبينا ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بحد السيف .
 
هل هذه هى رسالة أردوغان الجديدة التى يريد أن يعز بها الإسلام والمسلمين ويعلى راية " لا إله الا الله محمد رسول الله " ؟
هل وهو يحرك جيوشه وينقلها جواً وبحراً إلى ليبيا ، وينقل الإرهابيين المأجورين  بالدولار الذى يجنيه من قطر وليبيا لمواجهة الجيش المصرى الذى يرفض أن تكون حدوده فى قبضة ميليشيات ارهابية مسلحة ، يرفع راية الإسلام فيدعو له الإخوان فى شتى بقاع الأرض – ومنها للأسف من يحمل الجنسية المصرية – أن ينصره الله نصرا مؤزراً على الجيش المصرى ( خير أجناد الأرض الذين يسبونهم ليل نهار بأنهم عسكر )؟
 
سؤال لضمير كل إخوانى قابض على إخوانيته :  الى أى مسجد ستذهب وتدعو الله وتسأله النصر : من آيا صوفيا ، أم من الجامع الأزهر ؟ ولمن ستسأل الله النصره : لجيش مصر أم جيش تركيا ؟
 
سؤال آخر:  لماذا لم يأخذ خليفة المسلمين الجديد رجب طيب أردوغان الأول بمبادرة مصرالتى دعت الى رفع كل الأيادى الخارجية عن ليبيا ، واطلاق عملية سلام ، ألم يعرف الخليفة المظفر أن الله عز وجل يقول فى القرآن الكريم الذى أباكانا  وهو يتلوه فى افتتاح آيا صوفيا يقول " إِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ " باعتبار ذلك الخطوة الأولى التى تجاهلها وراح لبقية الآية التى يقول فيها المولى عز وجل "فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ " وهو للأسف لم يكم حكما بل طرفا يسعى لإلتهام تورتة ليبيا وحده وتناسى أن الله عز وجل وهو يعطينا الخيار لمقاتلة الفئة الباغية ( فى أمر واضح وجلى ولا خلاف حوله ) كخيارأخير قال فى نهاية الآية الكرية " فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" .
 
هذه رسالتى لكل مخدوع بأردوغان الذى يريد تسويق نفسه باعباره خليفة المسلمين الجديد ، أدعوهم الى تحكيم العقل والقلب والمنطق لعل الله يزيل الغشاوة من على قلوبهم وأعينهم .
 
لم أجد أفضل من البيت الذى اختتم به أمير الشعراء شوقى لكى أزفه لمن يبشرون بالخليفة العثمانى الجديد ، ولمن يسجدون لله ويدعونه فى صلواتهم أن ينصر جيش أردوغان على الجيش المصرى ما قاله أحمد شوقى : مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دينا.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة