أحمد أيوب

إعلام القطيع

الجمعة، 08 مايو 2020 04:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أيّام فوجئنا بفيديو لمذيع معروف يهاجم الإمام الأكبر شيخ الأزهر، انتشر الفيديو على صفحات السوشيال ميديا بسرعة الصاروخ، وتداوله عشرات الآلاف ثم تطور الأمر إلى حملة هجوم عنيفة ضد الإعلامى وحملة أخرى للدفاع عن شيخ الأزهر، وزاد الأمر إلى أن وصل إلى حد تصوير الفيديو وما تضمنه من هجوم، وكأنه حرب متعمدة وممنهجة، تقف وراءها مؤسسات لهدم الأزهر.. 
بالطبع لا مانع أبدًا من الغضب للهجوم على شيخ الأزهر، فالرجل يمثل مؤسسة وطنية لها مكانتها ودورها الذى لا ينكره أحد.. 
 
كما أن أى إعلامى ليس معصومًا من الخطأ ولا محصنًا ضد الهجوم، لكن القضية أكبر من هذا.. كان المفترض قبل أن نسارع فى إعلان الغضب أن نتأكد أولا هل الواقعة صحيحة أم مفبركة. 
 
وعندما تحرى أصحاب العقول الفيديو، الذى خلق كل هذه الحالة من الغضب على الفيس بوك اكتشفوا أنه يرجع لأربع سنوات ماضية، فالفيديو قديم ولا مبرر لنشره الآن، وفى هذا التوقيت تحديدا إلا إذا كان هناك من يريد إثارة أزمة أو خلق حالة وراءها هدف محدد، ولأن من يروج هذا الفيديو فى هذا التوقيت تحديدًا يعرف أن الغالبية على الفيس من عشاق الشير للشير، فقد راهن على سلوك مصرى لا يخيب، وبالفعل قبل أن تمر دقائق كان الفيديو تريند والهجوم على الإعلامى سياقًا عامًا غطى كل الصفحات، بل تجاوزه إلى ما هو أخطر من هذا وصورة الإمام الأكبر تصدرت أغلب الصفحات، لم يسأل أحد نفسه ماذا حدث ولا ما سبب الهجوم، لكن الكل شير تضامنًا مع الحملة المصطنعة وهاتك يا شتيمة وسب واتهامات وتخمينات وتفسيرات تنتقل من صفحة لأخرى ومن جروب لآخر، ومن الفيس إلى تويتر ثم جروبات الواتس، التى أصبحت أشد خطرًا فى نشر الشائعات. 
 
هذا ما يمكن أن نسميه إعلام القطيع.. 
 
بالطبع كلنا سمعنا عن مناعة القطيع، وهى مناعة جماعية تتحقق مع انتشار الفيروس مجتمعيًا فتخلق مناعة جماعية.. 
 
سمعنا أيضًا عن تصرفات القطيع التى تنتشر بفعل ثقافة أو فكرة تسود أو أوامر تصدر فينفذها المجموع دون وعى أو مناقشة مثل ما يحدث داخل الجماعات المغلقة أو السرية كما فى الجماعة الإرهابية، التى تسودها فكرة القطيع فى كل شيء، فالقيادة حتى ولو هاربة أو مسجونة تسوقهم كالأغنام بالعصا والأوامر التى لا تعصى ليس عن قناعة، وإنما بمنطق السمع والطاعة العمياء.
 
كل هذا أمر معروف وتعودنا عليه أو على الأقل قبلناه، لأننا لا نتوقع من أمثال هؤلاء الذين سلموا عقولهم للجماعة أن يفكروا أو يناقشوا أو يجادلوا 
 
لكن مالا يمكن قبوله هو ظاهرة إعلام القطيع، الذى يفرض نفسه علينا ويزداد خطره كل يوم بسبب السوشيال ميديا أو ما يسمى إعلام المواطن وهو فى الحقيقة إعلام القطيع، خاصة عندما يتحول إلى وسيلة ضرب أخبار وترويج شائعات ونشر أكاذيب ويسير خلفها المجموع ويبدأون نشرها بالتشيير دون وعى أو حتى البحث عن حقيقتها.
 
ما حدث فى قصة الإعلامى وشيخ الأزهر مجرد واقعة كاشفة لكارثة نقع فيها كل يوم بسبب قضايا وأخبار كثيرة يتم نشرها على الفيس بوك، أو تويتر وكلها لا تمت للحقيقة بصلة، ورغم ذلك نجرى وراءها ونعتبرها مصدقة لمجرد أنها تم نشرها على الفيس. 
 
وبنفس فكرة إعلام القطيع تفرض علينا شخصيات تقدم لنا على صفحات الفيس باعتبارها قدوة ونماذج ملهمة، والحقيقة أنهم دمى تتم صناعة نجوميتهم لأهداف مستقبلية ومهام سيكلفون بها لصالح أجندات محددة.
 
وعلى نفس الصفحات تجرى عمليات تشويه وشيطنة شخصيات وطنية وأصحاب تضحيات حقيقية، وللأسف كثيرون يستجيبون لهذه الوسائل وينخدعون فيها ويرتبون عليها أحكام حب أو كراهية. 
إعلام القطيع الذى صنعته السوشيال ميديا يحتاج منا الحذر والوعى، وفيديو الإمام الأكبر، الذى تأكد افتعاله لأسباب أصبحت واضحة وهى إثارة حالة من الجدل فى هذا التوقيت تحديدًا، يدفعنا إلى تحرى الدقة قبل الانفعال وردود الفعل الغاضبة، التى تصنعها أخبار السوشيال ميديا، فلا مانع من اتخاذ موقف، لكن بعد التأكد حتى لا نكون جزءًا من القطيع الذى يساق عن بعد ليخرب بلده أو يدمر مجتمعه، لنحذر جميعًا حتى لا نتحول إلى خناجر تستخدمها الجماعة الإرهابية لطعن الوطن.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة