عصا التشويه.. كيف أقصت "الفضائح" التيارات الليبرالية فى الغرب وفشلت مع اليمين؟.. نجاحات ترامب تجاوزت محاولات خصومه فى القضاء عليه.. وشعبية ماكرون المتدنية أضفت الزخم على فضيحة مرشح حزبه بانتخابات باريس

الأحد، 16 فبراير 2020 08:00 م
عصا التشويه.. كيف أقصت "الفضائح" التيارات الليبرالية فى الغرب وفشلت مع اليمين؟.. نجاحات ترامب تجاوزت محاولات خصومه فى القضاء عليه.. وشعبية ماكرون المتدنية أضفت الزخم على فضيحة مرشح حزبه بانتخابات باريس بايدن وساندرز
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"فضيحة جنسية تهدد عرش ماكرون".. عنوان يمكن أن يكون ملائما للتهديد الجديد الذى بات يواجه الرئيس الفرنسي، على خلفية فيديو انتشر مؤخرا لبنيامين جريفو، مرشح حزب "الجمهورية إلى الأمام"، والذى يترأسه "سيد الإليزيه"، للفوز برئاسة منصب "عمدة باريس"، وهو ما دفعه إلى الانسحاب من السباق الانتخابى المحتدم، وبالتالي تقويض فرصة الحزب في الفوز بالمدينة، التي تحظى بأهمية كبيرة، ليس فقط في الداخل الفرنسي، باعتبارها العاصمة السياسية لفرنسا، ولكن أيضا على المستوى الدولى، باعتبارها أحد أكبر العواصم الثقافية على المستوى الأوروبى والعالمى، وهو ما يفتح الباب أمام انتصار مريح لتيار اليمين المتطرف، والذى تتزعمه الغريمة السياسية لماكرون، مارين لوبان، والتي من المرجح أن تخوض انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة، والمقررة في عام 2022.

وبعيدا عن فرص جريفو الضئيلة في الفوز بالمدينة قبل انسحابه رسميا، يمثل ظهور الفيديو الفاضح استمرارا لاستخدام ما يمكننا تسميته بـ"عصا" التشويه، عبر نشر وإبراز فضائح الخصوم السياسيين، سعيا لإقصائهم عن المشهد السياسى، وهو الأمر الذى لا يقتصر على فرنسا، وإنما امتد إلى العديد من الدول الأخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في إطار المعركة المحتدمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين تارة، وكذلك الانقسام داخل أروقة الحزب الديمقراطى تارة أخرى، حيث يسعى كل فريق الانتصار لرؤيته بكافة الوسائل، وعلى رأسها ملاحقة السياسيين بالفضائح، التي من شأنها تقويض فرصة الخصوم فى المعارك الانتخابية، ومنعهم من الوصول إلى المناصب.

البحث عن فضيحة.. بايدن وجريفو فشلا في مواجهة عصا التشويه

ولعل الفضيحة التي تواجه جريفو، ليست الأولى من نوعها، حيث سبق لنائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، مواجهة موقف مماثل قبل أقل من عام، بعد قراره بخوض الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة مباشرة، حيث سعى خصومه داخل الحزب، وخاصة من جيل الشباب الرافض للقيادات التقليدية، إلى اتهامه، بالتحرش الجنسى أثناء وجودة في منصبه خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما يهدف في الأساس إلى إجهاض مسعاه لدخول البيت الأبيض قيل ميلادها، كما أن الرئيس ترامب نفسه لم يكن بعيدا عن هذا النوع من الفضائح، عندما تناول الديمقراطيون علاقة جمعته بإحدى نجمات الأفلام الإباحية، وتدعى ستورمى دانيالز، في محاولة لتشويه صورته، خاصة أمام القاعدة الشعبية الكبيرة التي يحظى بها بين المتدينين الأمريكيين، في ظل محاولاته الدؤوبة للتقرب من هذا القطاع، عبر الكنيسة الإنجيلية الأمريكية.

مرشح ماكرون لانتخابات باريس بنيامين جريفو
مرشح ماكرون لانتخابات باريس بنيامين جريفو

ولكن بالرغم من أن سياسة "البحث عن فضيحة" صارت وسيلة متبادلة في المعركة بين التيارات الليبرالية التقليدية، وقوى اليمين ذات النزعة الشعبوية، إلا أنه من الواضح أن الليبراليين باتوا الأكثر حساسية في مواجهة سياسات التشويه، في ظل حالة من "التمرد الشعبى" على سياساتهم، على عكس اليمين الذى يبقى التيار الأكثر شعبية في الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذى يبدو واضحا في العديد من المعطيات، وعلى رأسها قرار جريفو بالانسحاب من الانتخابات البلدية في باريس، ليفتح الباب على مصراعيه أمام التيارات اليمينية، سواء حزب الجمهوريين اليمينى، أو حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف، للفوز بالمنصب، بالإضافة كذلك إلى نزول أسهم بايدن بصورة كبيرة في الانتخابات الأمريكية بعد تراجعه في الجولة التمهيدية، والتي شهدت ابتعاده عمليا عن المنافسه، بعد التصويت في أول ولايتين، وهما أيوا ونيوهمبشاير.

بين ترامب وماكرون.. المواطن ينتصر للتيارات الشعبوية

فلو نظرنا إلى المحاولات المتواترة لملاحقة ترامب بالفضائح، من قبل خصومه السياسيين، والتي تراوحت بين السياسة والجنس، نجد أن الخطاب الذى يتبناه البيت الأبيض، والنجاحات الاقتصادية الكبيرة التي تحققت في السنوات الماضية، بمثابة "صك الغفران" من قبل المواطن الأمريكي للإدارة الحالية، هو ما يبدو في الزيادة الكبيرة التي تشهدها شعبية الرئيس الأمريكي في الأشهر الماضية، وهو الأمر الذى انعكس بوضوح داخل أروقة الحزب الديمقراطى، والذى تفاقمت انقساماته بصورة كبيرة، على خلفية حملة "عزل الرئيس"، والتي أطلقتها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسى بيلوسى، والتي انتهت بصفعة قوية لها ولأنصارها.

بايدن وساندرز
بايدن وساندرز

 

بينما الأمر يبدو معكوسا في الداخل الفرنسي، في ظل تدنى شعبية الرئيس ماكرون، والذى يواجه مظاهرات وإضرابات، بسبب فشله الذريع في تحقيق أي طفرة اقتصادية في الداخل، في الوقت الذى يعطى فيه الأولوية للمحيط الأوروبى، سعيا وراء النفوذ الإقليمى، واستعادة الوضع الامبراطورى لبلاده، على حساب المواطن الفرنسي، ليجد مرشحه في الانتخابات البلدية بالعاصمة، نفسه محاصرا بين استطلاعات الرأي التي لم تقدم له أي فرصة للمنافسة، ثم بعد ذلك الفضيحة الجنسية التي كانت بمثابة القشة التي عجلت بقراره للانسحاب من السباق الانتخابى، في صفعة قوية للرئيس الساعى نحو فترة ولاية ثانية، في 2022، في انتخابات من المتوقع ألا تقل شراسة عن الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر من العام الجارى.

 

 

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة