قصة أفضل شيف لاجئ فى العالم.. رحلة صعود تحدت الدمار والحرب والغدر.. محمد الخالدى: اتولدت من جديد فى مصر وكنت واحدا من أهلها.. تركيا والدنمارك رفضونى وفى باريس وجدت السعادة والجائزة.. فيديو وصور

الإثنين، 26 أكتوبر 2020 10:31 م
قصة أفضل شيف لاجئ فى العالم.. رحلة صعود تحدت الدمار والحرب والغدر.. محمد الخالدى: اتولدت من جديد فى مصر وكنت واحدا من أهلها.. تركيا والدنمارك رفضونى وفى باريس وجدت السعادة والجائزة.. فيديو وصور الشيف محمد الخالدى
منة الله حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دعوة خشبية ذات لون أسود يكتب عليها بحروف ذهبية "الشيف محمد الخالدى مدعو لحضور حفل مهرجان "World Restaurant Awards" جعلت مشاعره ترتبك وتختلط بين الدهشة واللامبالاة، حتى جاء موعد الاحتفال، الخامسة مساءً تدق في مدينة السحر والجمال "باريس" وما زال صاحب الدعوة مترددا بين قبولها أو رفضها، حتى قرر الذهاب ليجد نفسه داخل قاعة شاسعة وعلى مسرح كبير يقف وسط مجموعة من أمهر وأفضل الطهاة فى العالم.

الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (3)
الشيف الخالدى 

دقات القلب كادت تعلو على صوت الموسيقى وتسمع من حولها، الفائزون يتوالون، أفضل مطعم في العالم، أفضل مطبخ فى العالم، أفضل شيف على إنستجرام، حتى وصل إلى "أفضل إيفنت فى العالم، ثم أفضل شيف فى العالم ليعلو الصوت باسم الشيف محمد الخالدى، الذى غرق فى فرحة عارمة وذهول تام، ومر أمام عينيه شريط طويل من سنوات مملوءة بالصدمات ليجد نفسه فى النهاية ممسك بجائزة أفضل شيف فى العالم.

بداية الحرب والخروج من سوريا

نعود للخلف بضع سنوات ليست بالبعيدة زمنًا ولكنها مليئة بالأحداث المثيرة والتي تحمل الكثير من القوة والإصرار، المكان سوريا 2012 وحرب قاسية دمرت الأخضر واليابس، حينها كان محمد الخالدي شيف كغيره من زملائه الطهاة في سوريا، يحاول الاجتهاد لإثبات الذات، حصل على الدراسات العليا في فن الطهي، عمل منذ سن السادسة عشر في المطبخ السوري حتى أصبح ذا مكانة مرموقة في بلاده، ويدخر من الأموال ما يمنحه الأمان مدى الحياة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

في إحدى ليالي شهر رمضان 2012 قرر الخروج من سوريا المنكوبة، بعد ما خسر كل شيء ودمرت كل ممتلكاته، وهاجر إلى الشقيقة لبنان، وكل ما يملكه 800 دولار، يحاول الحصول فيها على أي فرصة عمل هناك ولكنه لم يفلح، فترك زوجته وثلاث أبناء قرة عينه ليكونوا في أمان بجانب عائلتها، وقرر الذهاب إلى تركيا يحاول أن يجد يد نجاة هناك، ولكن الأمر كان أصعب مما يتخيله البشر.

الشيف الخالدى
الشيف الخالدى

 

تركيا تغلق أبوابها في وجهه

"الحياة ليست جمال وسياحة فقط ولكن هناك حياة وتعامل وراحة لم أجدها في تركيا، تلك الدولة رفضت وجودي وتعاملت معي ومع الجموع من سوريا بمنتهى الدونية واعتبرتنا لاجئين ومتسولين، وسرقت براءة أطفالنا وتركتهم في الصحراء على الحدود رافضة اندماجنا وسط مجتمعهم، وهذا يخلق بيننا تنبأ بالعداوة والشراسة"، كان هذا حديث الشيف محمد الخالدي صاحب جائزة أفضل شيف لاجئ في العالم أثناء حواره لموقع اليوم السابع.

الخالدى فى مصر
الخالدى فى مصر

 

مصر تفتح ذراعيها وتستقبله بالترحاب

وللمرة الثالثة قرر "الخالدى" الهجرة فكانت إلى مصر.. يقول عن هذه الفترة من رحلته: "أنا اتبدلت في مصر، حسيت إنها بلدى عايش وسط اخواتي، أحكى مشكلتي والعشرات يسعوا لحلها، أصدقاء نحكى ونتكلم ونفضض وناكل نشرب ونضحك، المصريون اعتبروني أخّا سوريّا ومش لاجئ زي ماعملت تركيا، الشيلة الثقيلة خفت عليا في مصر، بدأت من جديد واشتغلت بكل جهدى، وبعت لزوجتي وأولادي من لبنان ووعدتهم بأجمل حياة فى مصر.

الشيف الخالدى أثناء هجرة غير شرعية (1)
الشيف الخالدى أثناء هجرة غير شرعية 

ضربة جديدة وقرار بهجرة غير شرعية

وتابع الخالدى: "في 2013 شاركت مجموعة من الأشخاص غير مصريين وفتحت مطعما في شارع محمد محمود، وقاعة أفراح وكافيه ولكن ما حدث خلف وعودي لأولادي، في 2014 اتنصب عليا من شركائي واستغنوا عنى ولاقيت نفسي خاوى اليدين، ضربة كبرى شعرت بلحظات فيها بخيبة الأمل، ولكني كنت دائمًا قويا ولا أقبل الهزيمة، فقررت الذهاب إلى إيطاليا، خاصة أن مصر لم تكن استقرت في حكمها بعد، عرضت الفكرة على زوجتي وطلبت منها العودة إلى بلدها لبنان فكان ردها (ينعيش شوا ينموت سوا) وكان القرار هجرة غير شرعية على ظهر مركب من مصر إلى إيطاليا" .

 

الشيف الخالدى أثناء هجرة غير شرعية (2)
الشيف الخالدى أثناء هجرة غير شرعية 

الحياة داخل دولة المركب

يصف الأب هجرته إلى إيطاليا "برحلة إلى المجهول داخل دولة المركب"، يقول: "مهما وصفت شعور وإحساس أب ياخد أولاده ويحطهم في قالب صغير لمدة 12 يوما في البحر وسط 750 شخصا، مافيش أكل ولا شرب، بتحاول تحمى كل اللى فى المركب عشان في الآخر تحمى أولادك، مش ممكن حد يقدر يتكلم عن مرارة الإحساس ده ولا يوصفه، أنا ندمت بعد أول ربع ساعة طلعت فيها المركب، ولكن كل نظرة في عيون أولادي كانت بتقويني لحد ما وصلت إيطاليا، لحظة لا توصف في حياتي أبدًا (اليابسة)، رجلي على الأرض مع شريكة حياتي وأولادي".

الخالدى فى إيطاليا
الخالدى فى إيطاليا

 

الخذلان وخبيبة الأمل من إيطاليا والدنمارك

لم تستقبل إيطاليا العائلة الصغيرة بالترحاب، ولكنها كانت قاسية بعض الشيء خاصة في أبسط إجراءات المعيشة، فاقترح أحد أقاربه يعيش في الدنمارك أن يذهب إليه ويعيش معه، ولكن ما حدث هناك لا يختلف كثيرًا عنما حدث في إيطاليا، فبعد عام كامل رفضت دولة الدنمارك أوراقه وقررت ترحيله إلى لبنان، فكانت الهجرة الأخيرة في حياته المعاصرة من الدنمارك إلى ألمانيا ثم بلجيكا ثم هولندا ومنها إلى باريس، أعلى باخرة تاركًا كل شيء خلفه يحلم بحياة آمنة.

الشيف الخالدى (2)
الشيف الخالدى 

الوصول إلى باريس مفتاح الاجتهاد والسعادة

المكان باريس، الزمان 28 أغسطس 2015 أول ليلة لمحمد الخالدي مع أسرته في بلد السحر والجمال، بدون لغة ولا مال، بحث رب الأسرة عن مكان أمن للعيش يضمن لأولاده الحياة الكريمة، وبدأ يفكر فى القادم بكل قوة رافضا سيطرة فترات الضعف والانكسار عليه، قدم أوراقه للسلطات الفرنسية ليعيش آمنا، تحايل على فقر اللغة الفرنسية لديه فعلم السيدات الفرنسيات فن الطهي في مقابل تعليمه اللغة حتى أتقنها، انضم لمنظمة "الطباخون المهاجرون" تحت إدارة فرنسية بهدف تغيير الصورة النمطية للمهاجرين ودمج الثقافات عن طريق الطبخ، وكان انضمامه بمثابة عقد السعادة بالنسبة له، انطلق الشيف الخالدي وبدأ يعرف في الأوساط الفرنسية.

الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (4)
الشيف الخالدى 

أيام السعادة في حياة الخالدي

يروى الشيف الخالدي أيام السعادة في باريس قائلًا: "الضربة اللى ما بتموتش بتقوى، وكان هدفي بناء قصة حياتى وتكون مرئية يحس بها الجميع وتكون قدوة، لأن الفلوس بتختفي لكن الأثر باقي، بدأت أشتغل بكل قوتى وأحول الشغل لثقافة، الأكل مش ملء بطون ده ثقافة وفن وفكر وطريق للوصول للهدف، قدمت محاضرات في الطبخ في معظم دول أوروبا حاملا الوطن العربي على كتفى لنشر ثقافة المطبخ العربي، عملت حفلات لدور وعروض الأزياء العالمية، وللمركز الثقافي والتاريخى في فرنسا، وجميع المتاحف الفرنسية، حفلات لرؤساء دول، أثبت ذاتي في المطبخ الفرنسي، وأصبح اسمى معروفا في الحفلات الكبرى للأوساط الفرنسية، بدأت في شرح ثقافة الطهى العربية في العالم الأوروبي ودمجهم سويًا، حتى أن كانت أزمة كورونا أوقفت العالم وألغت كافة التعاقدات، ولكنى سأمر هذه الأزمة كما مرت سابقيها.

صورة الشيف الخالدى أمام متحف اللوفر  (1)
صورة الشيف الخالدى أمام متحف اللوفر

 

الحصول على جائزة أفضل شيف لاجئ في العالم

يكمل الشيف الخالدي حديثه لليوم السابع قائلًا: "لم يخطر ببالى فى يوم أن أحصل على جائزة أفضل شيف في العالم، كنت أسير مع زوجتي أمام متحف اللوفر، ورأيت صورة لأحد رواد صناعة العطور في العالم معلقه على جدار المتحف، فقلت لها (تخيلى أنه في اليوم من الأيام تلاقى صورتى ومكتوب عليها الشيف الخالدي، فضحكت وقالت ده حائط متحف اللوفر مش حائط مدرسة) ضحكنا كثيرًا ومرت الأيام، وبعدها بأقل من شهرين ونصف كانت الصورة معلقة على حائط متحف اللوفر كأفضل شيف عربي لاجئ في العالم".

الشيف فى الصحف الأجنبية بعد الجائزة
الشيف فى الصحف الأجنبية بعد الجائزة

 

العودة لمصر الوطن الثانى

ينهى "الخالدى" قصته قائلًا: "أنا اكتسبت قوتى من بلدى من عائلتى من الرضا بقضاء الله، ورسالة لكل لاجئ تمسك بهوية بلدك، هو اللى قوتى لو كنت سبتها ماكنتش وصلت للمكانة دى، النهاردة أنا راجع مصر بلدى الثانية بقوة، هفتح مطعم هنا متخصص في اللحوم، وهفتح أكاديمية لتعليم الطبخ، بحلم أكون واحد من المؤثرين في المطبخ العربي".

أطباق الشيف الخالدى (1)
أطباق الشيف الخالدى (1)

 

أطباق الشيف الخالدى (2)
أطباق الشيف الخالدى (2)

 

أطباق الشيف الخالدى (3)
أطباق الشيف الخالدى (3)

 

أطباق الشيف الخالدى (4)
أطباق الشيف الخالدى (4)

 

أطباق الشيف الخالدى (5)
أطباق الشيف الخالدى (5)

 

الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (1)
الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (1)

 

الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (2)
الشيف الخالدى مع شيفات عالميين (2)

 

الشيف الخالدى
الشيف الخالدى

 

صورة الشيف الخالدى أمام متحف اللوفر  (2)
صورة الشيف الخالدى أمام متحف اللوفر (2)









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة