إزاحة صقر البيت الأبيض يقود إلى قمة إيرانية - أمريكية فى نيويورك.. فاتورة صورة ترامب روحانى تكلف واشنطن ثمنا باهظا.. بعد الإطاحة ببولتون رئيس إيران يشترط رفع العقوبات للتفاوض.. وارتياح حذر يسيطر على إعلام طهران

الخميس، 12 سبتمبر 2019 11:00 م
إزاحة صقر البيت الأبيض يقود إلى قمة إيرانية - أمريكية فى نيويورك.. فاتورة صورة ترامب روحانى تكلف واشنطن ثمنا باهظا.. بعد الإطاحة ببولتون رئيس إيران يشترط رفع العقوبات للتفاوض.. وارتياح حذر يسيطر على إعلام طهران جون بولتون
تحليل تكتبه: إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انزاح ظل الصقر الأمريكي الذي حط علي البيت الابيض بقرار ساكنه الرئيس دونالد ترامب في إبريل 2018، بعد أن أطاح الرئيس الأمريكى بمستشاره للأمن القومى الأمريكى جون بولتون عشية 11 سبتمبر 2019. لم يكن حادث عاديا بالنسبة لإيران تحديدا، فالرجل كان ثقيل الظل على طهران وكان ينظر إليه الداخل الإيرانى أنه أينما يحل يحل معه الحرب والدمار، ووجوده كان يعنى قطع كل سبيل التفاوض، وتراجع مساعى انفتاح الرئيس المحسوب على الاصلاحيين روحانى على واشنطن، وعرقلة عمل اللوبى الإيرانى فى الولايات المتحدة، لذا خلف رحيله عن الإدارة الأمريكية تساؤلات عديدة حول نهج البيت الأبيض تجاه إيران، والعكس فيما إذا كانت طهران ستبدى مرونة وتجاوب مع الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالعودة لطاولة المفاوضات.

 

بولتون "نذير شؤم"

عام و7 أشهر قضاها بولتن فى البيت الأبيض، بالنسبة لإيران كان يمثل حلقة فى فريق الخارجية الأمريكية إلى جانب وزير الخارجية مايك بومبيو والمندوبة لدى الأمم المتحدة السابقة نيكى هايلى، وهو الفريق الموظف بتطبيق استراتيجية ترامب التى تهدف لـ"تقويض إيران" بحسب اعلان الادارة الأمريكية فى 13 أكتوبر 2017. رأت طهران وقت تعيينه أبريل 2018، أى قبيل نحو شهرا من قرار وشيك كان سيتخذه الرئيس الأمريكى تجاه الاتفاق النووى، نذير شؤم، لأن بولتون رجل معروف عنه تأييده الحروب الاستباقية وكان أحد عرف بمواقفه المناهضة لإيران عندما كان يشغل منصب السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة لمدة 18 شهراً فى عامى 2005 و2006، فى عهد جورج بوش الابن، ووجوده فى البيت الأبيض إلى جانب ترامب، كان إشارة على أن الصفقة النووية التى كانت تتمسك بها طهران آنذاك باتت قاب قوسين أو أدنى، لاسيما وأن بولتون يميل إلى إنسحاب واشنطن من الاتفاق النووى، وهو ما حدث بالفعل بعد ما يقرب شهر من  تواجده بالبيت الأبيض انسحب ترامب من الصفقة 8 مايو 2018.

 

332113_288

وعلى مدار العام والنصف الماضية، كان جون بولتون على رأس الفريق المكلف بمساعدة ترامب فى رسم سياسة الأمن القومى وكأحد أقطاب معسكر الصقور في البيت، مثار قلق دائم وعدم ارتياح لإيران، عبرت عنه الدوائر السياسية الإيرانية آنذاك، فعباسعلى كدخدائى المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، الذى قلما يظهر آراء فى السياسة الخارجية، توجس من الرجل الذى لا يخفى أبدا علاقاته القوية بمنظمة "مجاهدى خلق" المعارضة الايرانية بالخارج، حيث كان وثيق الصلة بزعيمتها مريم رجوى، وشارك فى مؤتمراتها السنوية، وكان له خطاب حاد، زعم فيه أن النظام الإيرانى لن يرى عامه الـ 40، قائلا بالنص "قبل حلول عام 2019 سنحتفل مع مجاهدى خلق فى طهران باسقاط النظام"، كما شارك فى 20 مارس 2017 فى تجمع لأنصار مجاهدى خلق فى ألبانيا بمناسبة عيد النوروز.

 

رحيل أبو الحروب

جاءت اقالة بولتون ليلة عاشوراء التى يحيي فيها شيعة إيران ذكرى استشهاد الامام الحسين بن على، ويعتبرون أن طقوسهم فى هذا اليوم بمثابة رفض الظلم والاستكانة ومقارعة الاضطهاد والثورة على الظلم، وهو ما زاد من شعور الإيرانيون بالغلبة على العقوبات "الظالمة" -من وجهة نظر مسئولى طهران- وفشل استراتيجية الولايات المتحدة، وايضا زاد من ثقة إدارة الرئيس روحانى فى إدارة ملف العلاقات مع الولايات المتحدة، التى اتخذت مسار تصعيدى منذ الانسحاب من الاتفاق النووى، هذا الشعور شكل مسار ردود الأفعال الرسمية الإيرانية، على نحو ما كتب حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني عبر حسابه في تويتر، أن "تهميش بولتون ليس حادثًا عابرًا، بل علامة حاسمة على فشل استراتيجية الضغط الأمريكية القصوى في مواجهة المقاومة الإيرانية البناءة، لا شك في أننا نستطيع إدارة سلوك الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران ولن نتراجع أبدًا".

 

جون بولتون
جون بولتون

ورأى المسئولين الإيرانيين أن "طرده" يعنى ابعاد شبح الحرب عن بلادهم، بحسب تعبير رئيس مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي الذى قال :"طرد بولتون من البيت الأبيض دليلا على نهاية عهد التحريض على الحروب". وكان شبح الحرب اقترب كثيرا فى أخطر مرحلة من مراحل التوتر الأمريكى الإيرانى، ليلة الجمعة 21 يونيو الماضى، وفى اللحظات الاخيرة ألغى ترامب عملية عسكرية كانت على وشك الانطلاق لضرب أهدف محددة فى إيران، كانت ردا على اسقاط الحرس الثورى طائرة درون انتهكت أجواء إيران – بحسب الرواية الإيرانية- اعتبر بولتون الغاء الضربة تراجع مخزى حتى أن بعض التسريبات التى خرجت هذه الليلة من أروقة البيت الأبيض تحدثت عن خلاف بين ترامب وبولتون حول كيفية التعامل مع إيران، على نحو ما كتبه مراسل CNN على صفحته على تويتر ألكسندر ماركوارتد :"أخبرنى مسؤول في البيت الأبيض أن هناك خلاف بين ترامب وبولتون حول ايران.. ترامب لا يريد صراع".

 

مستشار ترامب
مستشار ترامب

 

ارتياح حذر فى اعلام طهران

اعلاميا، صبيحة اليوم التالى، خرجت مانشتات الصحافة الإيرانية، تصف ما حدث بالـ"طرد"، وأبدت ارتياح حذر، على نحو ما كتبت صحيفة افتاب يزد الاصلاحية "الخبراء ذكرونا بالعقوبات الجديد ضد إيران بعد طرد بولتون، قائلين:يجب أن لا تنتابنا فرحة مبكرة"، أما الصحف المتشددة تحدثت بنبرة أكثر حدة وكتبت كيهان المتشددة "انتهى تاريخ صلاحية بولتون وألقى به ترامب فى سلة القمامة"

صحف آخرى ربطت بين القرار واقتراب الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتساءلت عن مغزاه قبيل أسبوع من الجمعية والتلويج بلقاء بين روحانى وترامب، وكتبت صحيفة آرمان الاصلاحية "طرد مفاجئ لجون بولتون.. قرار ترامب باقالة بولتون قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ماذا يحوى من رسائل؟.ورأت الصحيفة أن الظروف الدولية وعزلة الولايات المتحدة من النظام العالمى أجبر الرئيس دونالد ترامب على تغيير نهجه السياسى، واعتبرت أن البيت الأبيض متخبط وأن ما أسمته الفريق B يقترب من نهايته.

 

AftabYazd
 

 

ثمن صورة اللقاء المحتمل بين روحانى وترامب

هناك تصور فى إيران، على الأقل، بين المحللين والأوساط الاصلاحية والرئيس حسن روحانى نفسه، بأن حدوث أية لقاءات بين مسئوليين إيرانيين والتقاط صورة بين روحانى وترامب فى الفترة الراهنة، ستكون هدية للرئيس الأمريكى المقبل على انتخابات رئاسية، ويرغب فى أن يضم إلى سجل الولاية الأولى احراز تقدم مع الجانب الإيرانى. أما الأمريكيين فالتاريخ علمهم أن الإيرانيون يميلون دوما إلى عقد الصفقات، ولا يمنحون أية امتيازات حتى يحصلون على أكثر مما يريدون، روحانى كانت استراتيجيته عندما انخرط فى التفاوض مع إدارة الرئيس السابق اوباما 2014 هى ربح – ربح أو "Win-Win"، لذلك من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات اشترط روحانى ثمنا قد يكون باهظا بالنسبة لترامب وهو "رفع العقوبات" أولا.

 

MardomSalari
MardomSalari

لعل ما يؤيد هذه الفرضية، هو أن غداة قرار اقالة بولتون عندما سئل ترامب لم يستبعد هذا السيناريو، وقال، ردا على سؤال حول إمكانية تخفيف حملات الضغط الأقصى على إيران: "سنرى ماذا سيحدث". بالمقابل أكد روحانى فى اليوم نفسه فى اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون على أن العودة لطاولة المفاوضات مع مجموعة 5+1 سيكون ممكنا فقط بعد أن يتم رفع العقوبات بشكل كامل". وبالتزامن قالت وكالة بلومبرج أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يدرس تخفيف العقوبات ضد إيران للتمهيد للقاء مع نظيره الإيراني.

فى النهاية يمكن القول أنه فى حال حدوث ذلك، ستكون بادرة حسن نية، وإلقاء للكرة فى ملعب المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى، الذى يرسم الخطوط العريضة للسياسة الخارجية،ورفض فى عدة مناسبات تكرار تجربة التفاوض مع الولايات المتحدة، فهل سيمنح مجددا الضوء الأخضر لروحانى؟... الأيام المقبلة ستجيب.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة