علاء عبد الهادى

شيكولاتة توت.. وعطر كليوباترا!

الأحد، 18 أغسطس 2019 06:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتميز مصر دون غيرها من بلاد الدنيا -حتى تلك التى تمتلك حضارة- بتعايش القديم العريق جنبًا إلى جنب مع الحديث فى تآلف وتناغم يسترعى الانتباه، هذا التناغم تراه حاضرًا جليًا فى تعايش الآثار وتداخلها مع البشر ومع أحدث المبانى، وفى تواجد وتعايش وبقاء مهن بعضها فرعونى إلى يومنا هذا، ربما بدون أدنى تغيير، وفى بقاء المفردات الفرعونية حية على لسان المصريين إلى يومنا هذا، وهو ما جعل للعامية المصرية خصوصية سحرية، جاذبة لكل من يتابعها فى المسلسلات أو فى الأفلام، أو من خلال التفاعل والحديث المباشر مع المصريين، هذه الخصوصية تنطبق أيضًا على أكلات لن تجدها فى أى دولة من دول العالم، وأيضًا بقيت وعاشت واستمرت متواجدة على مائدة المصرى منذ عهد الفراعنة إلى يومنا هذا، مثل "البتاو" و"الفول النابت" و"البصارة"، هذه الأمور، التى قد تبدو تافهة لديك، هى جزء من العبقرية المصرية، وأحد أسباب الولع بمصر والمصريين، واهتمام العالم بكل ما هو مصرى، دون شعوب الدنيا، إلى الحد الذى أصبحت فيه مصر هى الوحيد التى لها علم يحمل اسمها هو علم "الإيجيبتولوجى".
 
هذا الولع بمصر قائم ومستمر ولا ينقطع، وبقدر رقى الشعوب بقدر حبها واهتمامها بالحضارة الفرعونية، لذلك انصرف علماء الغرب إلى محاولات لا تنتهى لإماطة اللثام عن جانب من جوانب العبقرية المصرية، وخرجت عشرات، بل مئات النظريات التى تحاول فك لغز من ألغاز عظمة وتقدم الفراعنة، ولم يقتصر الأمر على مجرد الإعجاب فقط بالآثار وروعة تصميمها، وبقائها تتحدى الزمن، ولكن تجاوزه إلى محاولات قد تبدو غريبة، لكنها تكشف عن مدى التعلق بهذه الحضارة المبهرة، كان أحدثها وأغربها، نجاح الأمريكى شيموس بلاكلى، أحد هواة علم المصريات، فى إنتاج رغيف خبز "فرعونى" من نفس نوعية الخميرة التى كان يستخدمها الفراعنة، وإذا أردنا الدقة، فهو استخرج الخميرة الفرعونية من أوانٍ فخارية فرعونية كانت محفوظة في متحف في مدينة بوسطن الأمريكية، ونجح فى أن يستخدم هذه الخميرة النائمة الكامنة لأكثر من 5000 عام، فى إنتاج رغيف يحمل مواصفات "فرعونية".. ومن الطعام إلى العطور يستمر الولع حيث أعلن علماء إنهم تمكنوا من إعادة تركيب عطر الملكة الفرعونية كليوباترا، حيث عثر العلماء على ما يمكن اعتباره تركيبة العطر بعد أعمال تنقيب قام بها فريق علمى من جامعة هاواي في  تل طماى  بالدقهلية، وهو موقع مدينة تيموس الفرعونية، التي بنيت عام 4500 قبل الميلاد.. وتوصل الفريق إلى هذا الكشف بعد عثورهم على بقايا عطور فى قوارير، وتمكنهم من فك طلاسم ما اعتبروه تركيبة عطور وجدت في نصوص تعود إلى تلك الحقبة، ولو شئنا الدقة فقد اكتشفوا حاويات من الفخار كانت تستخدم في تخزين العطور، وما يشبه أنابيب ترسيب وتجميع العطور في المنطقة.. ورغم أن كثير من علماء المصريات يرفضون هذا الأمر، ويقولون أنه ليس دليل على أن كليوباترا استخدمت هذا العطر، حتى لو كان قد أنتج فى عصرها، ولكنه أمر كاشف عن حالة الولع بكل ما هو مصرى.. يمتد الأمر إلى ما وصل إلينا من أدوات موسيقية، تعود إلى عصر الفراعنة، ويأتى على رأسها "الهارب"، وقد وجد العلماء أبواق مزخرفة ضمن مقتنيات الفرعون الذهبى توت عتخ آمون، أحدهما من الفضة والآخر من البرونز، وحاول مسئولو هيئة الإذاعة البريطانية تسجيل صوت هذه الأبواق على الهواء لمدة 5 دقائق متواصلة.
 
وفى طوكيو، رأيت بنفسى كيف استثمرت الجهة المنظمة لمعرض توت عنخ آمون اسم هذا الفرعون الذهبى، وقامت بإنتاج شيكولاتة خصيصًا بأشكال الأهرامات، وبأشكال الأهرامات، ومنها ما كان على شكل قناع توت، وباعوها لرواد المعرض الذين قدروا بعشرات الآلاف، أيضًا "شيكولاتة توت"، وشوربة الفرعون الذهبى، ناهيك عن التيشيرتات التى كانت تحمل صوره.. العالم يدرك ربما أكثر منا عظمة حضارتنا، وهكذا يرانا العالم، وهكذا يحترمون حضارتنا، فهل نعيد نحن أنفسنا النظر إلى أنفسنا لندرك عظمة حضارتنا ونحافظ عليها، ونحسن استثمارها، وأعتقد أنه من الضرورى أن تقوم وزارة السياحة بعمل مهرجانات سنوية للطعام الفرعونى، وأخرى للبس الفرعونى، وثالثة، للتجميل، وإدراجها على أجندة شركات السياحة. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة