سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يونيو 1949...رئيس الأركان فى منزل الصاغ جمال عبدالناصر لاستلام أسلحة بعد استجوابه من رئيس الوزراء

الإثنين، 24 يونيو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يونيو 1949...رئيس الأركان فى منزل الصاغ جمال عبدالناصر لاستلام أسلحة بعد استجوابه من رئيس الوزراء جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبلغ الضابط جمال عبدالناصر زوجته السيدة تحية كاظم، أنه سيحضر فى إجازة لمدة شهر.. كان وقتها رئيسا لأركان حرب الكتيبة السادسة التى انتقلت إلى الإسماعيلية من الفالوجة بفلسطين بعد مشاركتها فى حرب فلسطين 1948، ووفقا للسيدة تحية فى مذكراتها «ذكريات معه»، فإنها فوجئت فى أول يوم من الإجازة، باصطحاب جمال لرئيس أركان حرب الجيش عثمان باشا المهدى إلى المنزل.
 
تتذكر تحية: «فى أول يوم للإجازة فى الصباح خرج ورجع قبل الثانية عشرة ظهرا، وخلع ملابسه العادية ولبس البيجاما، ورقد على السرير يقرأ.. وسمعنا أحدا يصفق بشدة، ويسأل عن مسكن الصاغ جمال عبدالناصر، وكان أحد الضباط.. قابله جمال وتحدث معه دقائق وارتدى الملابس الرسمية، وقال لى: لا تنتظرينى على الغداء، سأغيب، وتغدى أنت والأولاد.. وخرج وركب عربة مع الضابط.. تناولت الغداء مع هدى ومنى ومر الوقت عاديا، وحتى حوالى الساعة السابعة لم يحضر، وبدأت أقلق: أين ذهب؟.. من هذا الضابط الذى حضر بطريقة غير عادية يصفق ويسأل بصوت عال عن مسكننا؟ كنت أشعر بأن ما يحدث حولى غير عادى، ولكن لم أفهم شيئا غير الكتمان، جلست بجوار الشباك المطل على الشارع فى حجرة السفرة.. ولم ألبث إلا قليلا ورأيت عربة كبيرة زرقاء تدخل الشارع، وتقف أمام منزلنا السابق».
 
تضيف: «رأيت جمال ينزل من العربة وينتظر شخصا آخر، وكان عثمان باشا المهدى رئيس أركان حرب الجيش، وكنت أعرفه وحتى عربته إذ كنت أراها أمام منزلنا السابق، خرجت بسرعة من حجرة السفرة ودخلت حجرة النوم، وصعد جمال مع عثمان باشا ودخلا الصالون، وبعد قليل دخل جمال عندى فى الحجرة، فقلت له بلهفة: أين أنت؟ إنى قلقة عليك.. فرد: «أعطينى بسرعة الأسلحة الموجودة عندك، ولاحظ اضطرابى وقلقى، فقال: «لا تخافى إنى راجع لك.. أسرعى وسأحكى لك عما حصل بعد خروج عثمان باشا».
 
تكشف «تحية» فى مذكراتها وهى تروى قصة زواجها من جمال «29 يونيو 1944»: «كنت أرى مسدسات يحضرها معه، وأضعها بنفسى فى الدولاب.. كنت أراها شيئا عاديا وهو ضابط».. تؤكد: «كنت أخفى الأسلحة بين الملابس، فى الشتاء أخفيها بين ملابسه الرسمية الصيفية، وفى الصيف أخفيها بين ملابسه الشتوية».. تضيف: «رجع جمال بعد خروج عثمان باشا، وقال لى: كنت عند رئيس الوزراء إبراهيم عبدالهادى، استدعانى لاستجوابى والتحقيق معى بوجود عثمان باشا، وبقيت هناك للآن، وهو الذى كان يحقق معى ويستجوبنى بنفسه، وكان فى منتهى العصبية، وكنت أجاوبه على كل سؤال.. وأخيرا لم يجد إلا أن يقول لي: روح، وسألنى: هل عندك أسلحة؟ فقلت له: نعم..وذكرت أنواعها، وكلف عثمان باشا بالحضور واستلام الأسلحة، وكنت منتظرا أنه سيعتقلنى لكنه قال لى: «روح وهو فى غاية الغيظ والضيق».
 
كان «عبدالناصر» يقود وقتئذ تنظيم «الضباط الأحرار» الذى قام بثورة 23 يوليو 1952، وكان «عبد الهادى» رئيسا للحكومة منذ 28 ديسمبر1949، وهو اليوم الذى اغتالت فيه جماعة الإخوان النقراشى باشا رئيس الوزراء، بسبب قراره حل الجماعة يوم8  ديسمبر1949.
 
يذكر خالد محيى الدين، أحد قيادات الضباط الأحرار، وعضو مجلس قيادة ثورة 23  يوليو،هذه القصة فى سياق العلاقة مع جماعة الإخوان، ففى حوار له مع صحيفة «الأهالى»، لسان حال حزب التجمع، يوم 26 يوليو 1978، يكشف أن الصاغ ثروت عكاشة عضو الضباط الأحرار وزير الثقافة فيما بعد، طلب لقاءه فى مكان هادئ، وفى المقابلة أبلغه أن عبدالهادى استدعى جمال للتحقيق يوم24  يونيو، مثل هذا اليوم1949 بحضور اللواء المهدى، ودار التحقيق حول علاقة «عبدالناصر» مع «الجماعة»، وكان الخيط الذى أمسكه «عبدالهادى» ، أن البوليس عثر فى مخبأ للجهاز السرى للجماعة على كتاب سرى خاص بالقوات المسلحة يُدرس صناعة واستخدام القنابل اليدوية، وعلى الكتاب اسم اليوزباشى جمال عبدالناصر، وبعد تحقيق عنيف ملئ بالتهديدات، استطاع جمال الإفلات، متمسكا بأنه أعار الكتاب لليوزباشى أنور النصيحى الذى استشهد فى حرب 1948.
 
يذكر سامى شرف، مدير مكتب عبدالناصر، أن هذا التحقيق حضره اللواء أحمد طلعت رئيس القلم السياسي.. يضيف فى مقاله «عبدالناصر الرجل والإنسان، رؤية من قريب»: «اتهم عبدالهادى، الصاغ جمال عبدالناصر بالعمل فى منظمات سرية وتدريب أفرادها على الأسلحة والمتفجرات، فرد عبدالناصر بأنه كان يحارب فى فلسطين من15 مايو 1948  وحتى 6 مارس 1949.. رد «عبدالهادى»: «حاجة عجيبة، أنا عندى أكثر من تقرير بيقول إنك كنت بتدرب المنظمات السرية، ثم إن المعتقلين من أعضاء هذه المنظمات اعترفوا أنك كنت بتدربهم، أنا على كل حال عاوزك ترشدنا للضباط اللى اشتركوا معاك فى تدريبهم»، ثم سأل: «إنت تعرف محمد لبيب؟» .
 
رد عبدالناصر بأن علاقته الوحيدة به كانت فى حرب فلسطين، فسأله عبدالهادى: »مين عرفك به؟، فأجاب: «اليوزباشى أنور النصيحى«، فأمسك »عبد الهادى» بالنوتة والقلم ليكتب ثم سأل:  »أنور النصيحى، عنوانه إيه؟»، فأجاب بهدوء: استشهد فى فلسطين.. ثار عبدالهادى، وصرخ: إنت بتسخر منى؟.. والتفت إلى اللواء عثمان قائلا: يروح دلوقتى، وانت يا عثمان باشا تروح تفتش بيته، وفعلا توجه إلى منزل عبدالناصر، واستولى على200  طلقة، ظلت محفوظة فى مكتب القائمقام عبدالعزيز فتحي، حتى استردت يوم 23 يوليو 1952.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة