نادين طارق سليم تكتب: التفكير نعمة أم نقمة؟

السبت، 09 مارس 2019 12:00 م
نادين طارق سليم  تكتب: التفكير نعمة أم نقمة؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ ولادتنا فى هذه الدنيا ودخولنا فى هذا العالم، تُفتح أعيننا ومداركنا على الأشياء والمعاني، وتبدأ فى أن يتطور النمو فندخل فى طور التقصى عن المفاهيم والمعانى التى تكون حولنا، وتبدأ السنين فى المرور بجميلها و قبيحها .، بتراكماتها و رواسبها، ينضج الإنسان و تقوى مداركه، تتماشى هاته الأخيرة مع محيطه و تغيرات حياته و ظروفها، تتوالى الفرحات و الخيبات والانكسارات، تصقل الحياة شخصية الواحد منا فى اليوم ألف مرة.

 

يبدأ المخ هو الاخير فى أن ينضج معنا ولكن نمو الاخير يختلف كثيرا عن اى نمو عضو آخر فى أجسادنا لأن فى طياته يحمل القوى الإدراكية التى تتضمن الوعي، التفكير و ملكة الشخص الفكرية والإدراكية، فنضوج العقل يبدأ فى ازدياد إدراك الانسان لما حوله من  بعض المواقف فى الحياة وتحليلها كالتفكير فى المستقبل او القلق من الماضي، أو على العائلة، أو على محيط علاقاتنا بالآخرين، كل هذه من طبع الإنسان وكل هذا طبيعى .

 

التفكير هو أمر طبيعى يفعله الجميع، من الطبيعى أن تقضى وقتاً تفكر فى بعض المواقف فى حياتك، قد تفكر فى حدث ما سيحصل معك غداً.، لقاء ما، مقابلة عمل، حفل، دعوة عشاء.، تبدأ بوضع سيناريوهات كثيرة متعلقة بما قد يحصل،  ولكن ما ليس طبيعى هو أن البعض منا يأخذ الأمر إلى الحدود القصوى فيتحول الأمر إلى شيء مبالغ فيه،  باذلين جهدا كبيراً فى التفكير مضيعين على أنفسنا اللحظات الحاضرة وفرصة الاستمتاع بها، محولين الأشياء الحاضرة إلى أشياء مملة خالية من أى معنى، وهذا ما يمكن أن ندعوه "نقمة التفكير الزائد".

 

التفكير الزائد قوى للغاية، ويبدو الشخص معه هشا، محاطا بالأفكار المكثفة، مقيدا بالخوف وعلى حافة القلق، يستطيع التفكير الزائد تدمير الشخص وإنجازاته، وتحويل حياته إلى كابوس لأنه سيجعله مثقلا ومحملا بالأفكار السلبية من مستقبله وحاضره، هناك من يسقط فى فخ التفكير الزائد ويستسلم له.،  و هنا يصبح العقل البشرى غير قادر على تحمل أعباء القلق والتوتر التى يثقلها به التفكير الزائد فيبدأ العقل فى أن يرفض الواقع.

 

برأى أن التفكير الزائد ليس بمرض يصيب الإنسان وانما هو عرض لأشياء كثيرة تتراكم فى نفسية الإنسان، فهو أقرب إلى كونه مرتبط بالمشاعر السلبية التى تحدث لنا وتراكمت جراء صدمات متكررة أو حوادث تحولت فيما بعد إلى أفكارا سلبية ترسخت فى عقولنا فتؤدى الى اضطراب فى طريقة التفكير ليتطور الى قلق نحو أنفسنا ونحو الآخرين أحياناً، ظنا منا أنها آلية دفاعية تعمل على توقع اى شيء حتى لا يصطدم العقل بالواقع فاننا نزيد من التفكير فى أشياء لسنا متأكدين منها أو نخافها.

 

ولكن اذا نظرنا الى الامور من هذه الزاوية فسيكون التخلص من السبب الحقيقى وراء التفكير الزائد سيعمل على ازالة العرض، ولكن الأمور ليست بهذه السهولة ومع ضغوط الحياة وصعوبتها وغياب رؤية واضحة إلى المستقبل أصبح الناس يتحركون بدافع خلق عدة سيناريوهات لحياتهم وتوقع كل شيء، فهذا حتما امر طبيعي.

 

اذا الحل الذى توصلت اليه هو إعطاء العقل بعضا من الراحة والاسترخاء فلا شيء يستحق كل هذا التفكير، حاولوا على قدر الإمكان ابعاد العقل عن إرهاقات اليوم وزخم الحياة ولو لعشر دقائق فقط يوميا، ولذلك سيصبح لزاما علينا أن نعلم كيف التحكم فى حواسنا وفى إدراكنا لا نترك العنان لعقلنا يتحكم بنا كما يشاء.

 

ولا شيء يستحق كل هذا العناء فالتفكير هى نعمة أنعم بها الله على الانسان دونا عن سائر المخلوقات، ولكن اذا احسننا استغلال التفكير فيما هو الناجح فسنستطيع أن نحول الواقع القميئ إلى جنة محاطة بالإيجابية المطلقة.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة