علاء عبد الهادى

توطين صناعة السيارات

الأحد، 17 فبراير 2019 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يدخل الرئيس السيسى معركة، إلا ويكسبها.
لا يعرف الخسارة، ولا يعرف الانسحاب من أى ميدان من ميادين المواجهة، لديه جلد وصبر يحسد عليهما.
وكل المؤشرات، وقراءة تحركات الرئيس فى الشهور الأخيرة تقول إن الرئيس يسعى إلى توطين صناعة السيارات فى مصر.. فهل تثمر مساعيه؟
المؤشرات والنتائج الأولية تقول إنها ستنجح بإذن الله، ولكن دائما كنت أتساءل: لماذا فشلنا إلى الآن فى تصنيع سيارة مصرية خالصة؟
دول كثيرة بدأت بعدنا بكثير- كوريا الجنوبية والهند مثلا- والآن أصبحت من أكبر دول العالم فى تصنيع وتصدير السيارات، سمعت وقرأت كلاما كثيرا عن الأسباب، مثل عدم وجود حوافز حقيقية، وعدم وجود الصناعات المغذية بالكفاءة والمستوى المطلوب، وعدم وجود العمالة الماهرة القادرة، وصغر حجم السوق فى مصر، لأن الأمر فى النهاية سوف تحركه قاعدة اقتصادية تتعلق بالجدوى الاقتصادية، مع عدم التوطين التكنولوجى، وعدم وجود الـ«نوهاو».
 
أول تجارب التجميع المبكرة فى مصر كانت على يد شركة فورد، ثم شركة النصر للسيارات التى تعاملت مع السيارات الإيطالى «فيات»، وتم تصنيع سيارات ركوب، وسيارات نقل، بل جرارات زراعية، وسيارات من طراز جيب، ركبنا العربية الفيات والنصر والشاهين، وفجأة اختفت، وأغلق المصنع، ومن آن إلى آخر نسمع عن قرارات حاسمة بعودته للعمل، كل هذا لم يخرج عن حدود التجميع فقط.
 
الآن لدينا أكثر من 20 مصنعا كلها تعمل فى مجال تجميع السيارات، والصناعات المغذية لها، ولكن من يقوم بالتصدير منها إلى الخارج لا يتجاوز 4 مصانع، الأمر الواقع يقول إذن إن ما يمكن أن نسميه صناعة السيارات فى مصر ما هو إلا تجميع سيارات، وتصنيع بعض الأجزاء، حيث تم تجميع نحو 334 ألف سيارة فى مصر، حسب أرقام أعلنها وزير قطاع الأعمال مؤخرا.
 
من الواضح أن فكر الرئيس السيسى مختلف، ومن الواضح أنه يسعى لشىء آخر، يسعى إلى تحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى منطقة جاذبة لمصنعى السيارات فى العالم، بدأ الأمر ببحث أسباب انسحاب مرسيدس منذ عدة سنوات، وتبنى بنفسه الملف، وجلس مع قيادات الشركة، وأعلنت عملاق صناعة السيارات الألمانية عودتها للتصنيع فى مصر، بل وضخ استثمارات جديدة، ومثلت عودة مرسيدس إلى مصر خطوة مهمة جدا تصب فى صالح تحريك ملف صناعة السيارات فى مصر، وكان قرار مرسيدس بمثابة أكبر رد عملى على المشككين فى قدرات الاقتصاد والصناعة المصرية التى تسعى لاستعادة ريادتها وقدراتها.
 
وخلال زيارته الأخيرة لميونخ استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمقر إقامته بالمدينة، «هارالد كروجر» رئيس مجلس إدارة شركة «بى إم دبليو» لصناعة السيارات، لنفس الهدف، توطين صناعة السيارات فى مصر، وتحويلها إلى قبلة لمصنعى السيارات. رئيس شركة «بى إم دبليو» من جانبه عرض على الرئيس النظم الحديثة الخاصة بالتنقل، بما فيها السيارات الكهربائية وآفاق التعاون مع مصر فى ضوء إمكانات السوق المصرى والعوامل المحفزة لجذب الاستثمارات به.
 
السوق المصرى يتمتع الآن بكل عوامل الجذب للاستثمارات الأجنبية، الإطار التشريعى المحفز للاستثمارات، والبنية الأساسية الجديدة والمتطورة، والعمالة الفنية المدربة والجارى تدريبها، وإنشاء المعاهد والجامعات الحديثة لتأهيلها، إضافة إلى وجود عمالة منخفضة التكلفة، وناهيك عن أن مصر تعد من أكبر الأسواق فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مع إمكانية النفاذ لأهم الأسواق الخارجية من خلال الاتفاقيات التجارية التى ترتبط بها مصر مع العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية الإقليمية، وهى العوامل التى أدت إلى جذب اهتمام العديد من كبرى الشركات فى العالم للعمل فى مصر، وفى نفس الإطار وخلال الفترة الماضية ترأس الرئيس عدة اجتماعات لبحث تصنيع سيارة كهربائية مصرية الصنع، مع كبريات الشركات العالمية التى سبقتنا، ولكن هذه المرة لن يقف الأمر عند مرحلة التجميع، الهدف الأهم هو أن الشركات الكبرى يمكنها أن تعتبر مصر قاعدة تصنيع تنطلق منها صادراتها إلى الدول المجاورة القريبة فى أفريقيا والخليج، وكذلك الأسواق التى ترتبط مع مصر باتفاقات تجارية.
 
مساعى الرئيس تحتاج إلى أن تكون لدى الحكومة رؤية واضحة، أو استراتيجية متكاملة تخص صناعة السيارات فى مصر حتى تضعها أمام المستثمر، وعلينا دراسة تجارب بعض الدول العربية التى دخلت قبلنا عالم صناعة السيارات، وقطعت شوطا فيه مثل المغرب والجزائر والاستفادة من خصوصية التجربتين، الهندية والتركية، ونعرف كيف نجحت دولة مثل المغرب الشقيق فى استقطاب شركة رينو للتصنيع فى أراضيها، وما هى الحوافز والتسهيلات التى منحت لكى تتم الشراكة، لأن صناعة السيارات لا تقوم هكذا من تلقاء نفسها، أو بجهد فردى من أحد المستثمرين، ولكنها تحتاج إلى تربة ومناخ. الرئيس السيسى أكبر داعم، ولكن على الحكومة أن تتحرك من جانبها، وتساعد وتقدم حوافز وتسهيلات للمستثمرين، وتبدى رغبتها فى دعم سياسته بقوانين مشجعة تخلق مناخا جيدا لتطوير هذا النوع من الصناعات.
 
قرأت تصريحا لعمرو نصار وزير الصناعة والتجارة، عندما كان نائب الرئيس التنفيذى لشركة صناعة وسائل النقل MCV، قال فيه: إن النهوض بصناعة السيارات فى مصر يأتى عبر دعوة الشركات الأم لضخ استثمارات لها فى السوق المحلية، على أن يتم ذلك وفقاً لرؤية تقوم على تصنيع سيارة للتصدير للخارج، على غرار تجربة المغرب مع رينو «لوجان».
 
وأنا أتوجه للوزير عمرو: الآن أنت وزير وتمتلك القرار، ومصر الآن تستحق استراتيجية واضحة متكاملة الأركان لتصنيع وتوطين صناعة السيارات فى مصر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة