علاء عبد الهادى

الحرث فى الماء !

الأحد، 17 نوفمبر 2019 03:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مهموم بحجم وسرعة التغيرات التى أصابت المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة.. أقيم فى حى الدقى العريق، حيث يوجد عدة مدارس لطلاب من شرائح عمرية، ومجتمعية مختلفة، وتطبق أنظمة تعليمية، من كل شكل ولون بداية من النظام الألمانى ومرورا بالشهادة البريطانية والأمريكية والـ"أبتور" والكندية، هذا الاختلاف والتنوع البشرى من أعلى الهرم الاجتماعى إلى أول سلمة فيه، هناك قاسم مشترك، ويظهر بجلاء، وهو وبكل أسف تردى أخلاقى مفجع، ومحزن، صبية فى عمر الزهور، يتبادلون السباب بالأب والأم، باعتبار ذلك نوع من خفة الظل، وعادة ما يتبادلون الهزار الثقيل باستخدام الأيدى، وعادة أيضا ما يتطور الأمر ويتحول إلى معارك يومية تحدث فيها إصابات.

 الظاهرة الثانية هى امتلاء الكافيهات المحيطة بالمدارس بهؤلاء الصبية، وللأسف أيضا من الجنسين، فتيات وأولاد، يدخنون الشيشة، هذه مجرد ظواهر تطفح على السطح، وما هو أخطر الانحراف السلوكى الذى سقط فيه أغلب الأبناء، من كل الشرائح، كما طفت على الساحة ظاهرة الفتيات الصغيرات فى السنوات الأولى من المرحلة الإعدادية برفقة صبية ربما لم يبلغوا سن الحلم بعد، ولم تظهر عليهم علامات الرجولة، ولم يبرحوا عالم الطفولة بعد، ولكنهم يدخنون، ويتخذون "صاحبة" ويخرجون إلى الساحات، والحدائق العامة، وللأسف هناك حدائق بعينها تكون مرتعا لهؤلاء، الذين أداروا ظهورهم للمجتمع وللأخلاق، وراحوا يعبثون بكل القيم المجتمعية.. أين المدرسة؟ وأين المعلم؟ بل أين الأم وأين الأب؟، هذه السلوكيات كنا نشاهدها، فيما مضى، بعد جيل "مدرسة المشاغبين" على استحياء فى المرحلة الثانوية أو الجامعية، ونستهجنها، ولكن النزول بالتردى إلى مرحلة الابتدائى والإعدادى، معناه أن تعطب الزراعة مبكرا، وهى فى مهدها، بدلا من أن نرعاها، وحتى يشتد عودها وتتحمل أنواء الحياة.

 ما أقوله ربما تعرفه حضرتك، وأكاد أسمعك وأنت تقول، إننى لم آت بجديد، وربما ترى وتشاهد فى محيطك، ما هو أكثر مما رأيت، والدراما "والسوشيال ميديا" والسينما تعرض ليل نهار، ما يهيئ التربة الخصبة لهذا الانحراف، وتعززه، وإذا نظرت إلى المسلسلات، ستجد أنها ليل نهار تزرع فى أولادنا مجموعة من القيم السلبية، من خلال تزيين الباطل، والاستهانة بطريق الحق والخير، لأنه طريق صعب، بلا نتائج ونتائجه "فى الآخرة" فالبنت " التى قد تتساهل فى شرفها " مجرد فتاة "اوبن مايندد" متفحة الذهن، و"تجارى العفريت" وتستطيع أن تجد بدل الوظيفة عشرة، أما البنت من النوعية الثانية فهى "محبكاها على الفاضى" وسوف "تبور"،  ولن تجد من يتزوجها وسوف تصاب بعقدة.

 وبالنسبة للشباب، أو من هم فى بدايات مرحلة المراهقة، فثلهم الأعلى هو محمد رمضان؛ يتكلمون مثلما يتكلم، ويقصون قصة شعره، ويتعرون مثله، أنا هنا لست فى معرض الهجوم على رمضان بقدر ما أرصد قوة تأثير الممثل الذى قد يحيى أجيالا أو يدمرها، يكفى أننى وأنا صغير كنت أسمع فتيات العائلة وهن يطلبن من أمهاتهن "قصة شادية" إلى هذه الدرجة يؤثر الفنان فى تشكيل وصناعة جيل أو العكس.. خرجت عن الموضوع: موضوع التردى غير المسبوق الذى تعانيه الأجيال الصاعدة: ما الأسباب، وما الحلول؟، هذا ليس موضوع ولا عنوان رسالة دكتوراه، ولا بحثا فى المركز القومى للبحوث، بالتأكيد هناك عشرات العوامل التى تضافرت ووصلت بنا إلى هذه النتيجة المذرية، وأنا هنا لا أتحدث عن معدلات الجريمة المرتفعة التى ترتكب داخل أسوار المدارس، من كافة الأطراف: طلاب وأساتذة، وإدارة، وللأسف بعضها جرائم أخلاقية يندى لها الجبين.

 أنا فقط أتحدث عن الذوق العام والحد الأدنى من الأخلاقيات التى يجب أن تتوافر فى طالب المدرسة الذى يعتبر اللبنة الأولى التى نبنى بها مستقبل هذا البلد، وإذا كان مشروع الدكتور طارق شوقى يستهدف إعادة بناء منظومة تعليمية جديدة، فعليه بالدرجة الأولى أن يجعل على رأس أولوياته، إعادة بناء المنظومة الأخلاقية التى بدونها فنحن كمن يحرث فى الماء.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة