علاء عبد الهادى

حتى لا ينفض مولد «أطفال سوهاج» على لا شىء؟

الثلاثاء، 07 أغسطس 2018 06:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لدينا كمجتمع انفصام حقيقى فى الشخصية..
هل تفاجأنا بحال أطفال سوهاج الذين يقومون بتهريب البضائع فى بورسعيد من أجل لقمة العيش؟
هل جرحت مشاعرنا بجد مشاهد الكلبشات فى أيدى الأطفال أثناء التحقيق معهم؟
هل أوجعتنا حقيقة كلمات الطفل التى وجهها للمذيعة عندما قال لها «انتى ماحساش بالناس»؟
هل هؤلاء الأطفال وحدهم الذين يعانون ويكابدون من أجل لقمة العيش، على شواطئ مصر، وفى الشوارع فى الصيف تحت لهب الشمس؟
هل تفاجأنا بحال «السوهاجية» الموصومة بأنها أفقر محافظات مصر؟
لماذا تركنا كل شىء واتهمنا المذيعة بعدم المهنية، مع أنها بالفعل عملت ما تمليه عليها ضوابط عملها كموظفة فى المحافظة؟
لماذا تركنا أصل المشكلة، وذهبنا للهامش؟
هل نسبغ بتعاطفنا مع الأطفال المضبوطين الشرعية على كل أشكال المخالفات، مادامت تتم تحت ضغط الحاجة والعوز؟
لو جرمنا هذا الذى حدث، فلماذا لا نجرم كل ما تقوم به شرطة المرافق التى تستشعر أحيانا أن ضباطها بلا قلوب، وهم يأمرون عساكرهم بإزالة إشغالات الباعة الجائلين النازحين من قراهم إلى شوارع المدينة بحثا عن لقمة العيش؟
لماذ نجرم عمالة الأطفال؟
لماذا لا نبكى حزنا وقهرا وكمدا على أطفال المحاجر الذين تتدمر رئاهم من أجل جنيهات معدودة؟
أين ضميرنا الرهيف من الأطفال الذين يمسحون الشوارع يجمعون أكياس البلاستيك وعلب الصاج الفارغة من أجل بيعها والعودة إلى أسرهم بعدة جنيهات؟
لماذا لا نناقش أصل المشكلة؟
لماذا نضل دائما فى أن نمسك بتلابيب الأسباب، ونضع الحلول؟
هل انتهت مشكلة الأطفال بتدخل رجل الأعمال نجيب ساويرس الذى رق قلبه وأخذته النخوة الصعيدية وقرر توكيل محاميه للإفراج عن الأطفال، وتوظيفهم عنده فى إحدى شركاته؟
إذا كان الله قد قيض لهؤلاء الأطفال قلب ساويرس، فماذا عن آلاف، إن لم يكن ملايين الأطفال، ربما أحوالهم أشد بؤسا من أطفال سوهاج هؤلاء؟
هل نحن كمجتمع لدينا الاستعداد أن نقول إن ما فعلوه صح، وإن تهريبهم صحيح، مادام غيرهم من حيتان التهريب يمرون بالملايين؟
ببساطة هى المشكلة الحقيقية فين : فى المذيعة؟ ولا فى الأولاد؟ ولا فى قسوة الواقع المر الذى كشفت عنه الواقعة؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى منا إلى إجابات حتى لا نضل الطريق كما اعتدنا فى كل أزمة.
 
وإذا كان الطفل السوهاجى قد أوجع قلوبنا بجد عندما قال إنه اضطر إلى التهريب لأنه فى سوهاج لا يوجد عمل لأحد، وهو ما يؤكد أهمية وضرورة الإسراع فى مشروعات تنمية الصعيد التى أمر بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الآونة الأخيرة، وذلك لانتشال سوهاج من ظلم الطبيعة لها حيث لا متنفس لأحد فى الشريط الضيق الملاصق للجبل، والحل فى حلول غير تقليدية تنقذ السوهاجية من الهجرة القهرية المكتوبة على كل من بلغ الحلم من أبنائها.
 
زرت أغلب مدن وقرى ونجوع الصعيد فى بواكير حياتى الصحفية، فى أواخر الثمانينيات، وشاهدت كيف كانت مؤشرات الفقر مرتفعة هناك مقارنة ببحرى، الآن وبعد ما يقرب من أربعة عقود تدهور الوضع أكثر، وازداد سوءا ولم يجن أهلونا فى الصعيد إلا التصريحات الوردية التى تبشر بخير لم يأت، والبطون جائعة خاوية، تحتاج إلى طعام يملؤها، لأنها لن تسكت بالتصريحات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
 
الصعيد حاضر فى لغة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومهد الطريق له ببنية تحتيه ممثلة فى إنشاء طرق تزيل تردد المستثمرين وتوجه أنظارهم إليه، ولم يتردد فى افتتاح أحد أكبر قلاع صناعة الشاشات التليفزيونية لأحد أشهر ماركات العالم فى بنى سويف، هناك آمال كثيرة معقودة على المثلث الذهبى الذى قد يكون طوق نجاة للتشغبل فى سوهاج، كذلك مشروع المليون ونصف فدان الذى يقع جزء كبير منه فى زمامها.
 
الدكتور هشام الشريف، وزير التنمية المحلية الأسبق، قال فى ديسمبر الماضى خلال زيارته لسوهاج، إنه تم تخصيص مليار و120 مليون جنيه من إجمالى القرض الخاص بالبنك الدولى الذى تبلغ قيمته 500 مليون دولار بما يزيد على 2 مليار جنيه لاستكمال المشروعات المتوقفة بسوهاج.
 
وأوضح الوزير أن طريق التنمية يبدأ من محافظات الصعيد، مطالبا المحافظين بإعداد خطة لتنمية جميع القطاعات وحل مشاكل الطرق والمياه والصرف الصحى، والاهتمام بسواعد وعقول الشباب، حيث يولى الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتماماً كبيراً بالخطط المستقبلية.
 
وقال وزير التنمية المحلية، إن هناك الكثير من الملفات التى يتم التعامل معها من قبل المختصين للعمل على حلها بشكل جدى وآخرها ملف التعديات على أراضى الدولة، كما أكد أنه سيتم إدارة جميع نفقات قرض البنك الدولى بشكل دقيق لوضع كل حصة من المبالغ فى مكانها السليم وحسب الأولويات، موضحا أن العائد من القرض المترجم طبقا للمؤشرات الاقتصادية.
 
انتهى التصريح الوردى للوزير الذى جاء عدة شهور مبشرا بأحلام وردية تحولت إلى كابوس .. هل يطعم مثل هذا التصريح جائعا أو يكسو عريان؟
«الرجل تدب» فى المكان الذى فيه الخير ولقمة العيش الشريفة، وهذه مسؤولية الحكومات المتعاقبة، لكى توقف هجرة «السوهاجية» إلى الداخل والخارج بحثا عن لقمة العيش الشريفة.
 
إن قصة أطفال التهريب ببورسعيد هى رسالة لصناع القرار فى وزارات المجموعة الاقتصادية فى مصر بأن هناك ظروفا صعبة يعيشها أهالىنا فى الصعيد بشكل عام وأهالى سوهاج بشكل خاص.
أرجو ألا ينفض مولد «أطفال سوهاج» على لا شىء.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة