صالح المسعودى يكتب: صناعة الحب "2"

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 04:00 م
صالح المسعودى يكتب: صناعة الحب "2" الحب - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم أكن لأضيع وقتكم الثمين فى وصفى لعلاقتى بوالدى التى هى من نوع خاص، فهو شيخ كبير يقارب من العقد التاسع من العمر( متعه الله بالصحة والعافية ) ، ولكن تذكرت موقف هام مع والدى كان له الفضل بعد الله فى تشكيل شخصيتى وطريقة تفكيرى ، حيث أننى كنت أتابع والدى بعد كل صلاة وهو يدعو لأسماء معينة بالرحمة والغفران ؟ أسماء قد اعرفها أو اعرف بعض من ذرياتها وهناك بالتأكيد بعض الأسماء التى لا أعرفها ، ولكن استوقفنى اسم دائما ما يدعو له والدى ولا اعرفه فسألت والدى من هذا الرجل الذى أسمعك تدعو له كثيرا ؟

فقال لى يا ولدى هذا رجل ( قناوى ) أى من ( محافظة قنا ) كان جارنا فى فترة الأربعينات وكان يا ولدى عندما يعود من السوق ينادى علينا من ( الغيطان ) ليعطينا الحلوى التى خبأها لنا فى عمامته الكبيرة التى يلف بها رأسه فهو رجل حنون لم ينهرنا يوماً أو يعنفنا على خطأ أرتكبناه بل كان يضحكنا ويقص علينا الحكايات أثناء استراحته فى أرضنا الزراعية فى طريق عودته لبيته 

قلت لوالدى ( سبحان الله )  لقد مات هذا الرجل من عشرات السنين ونسيه أولاده وأحفاده ومازلت تذكره بسبب الحلوى التى كان يتذكرك بها ؟  ، فقال لى  والدى أريد أن أوصيك وصية تجلب لك الحب على شرط أن تكون أنت من يصنع الحب قلت له هات ما عندك فقال لى ( يا ابنى لا تعود لبيتك أبدا بدون شيء تحمله لأهل بيتك ولو ( بجنيه ملبس ) لان ابنك أو ابنتك لو أدخلت على قلوبهم  السعادة كانت نواة للحب ودائما ما تجدهم فى انتظارك فتسعد بوجودهم ويسعدوا بعودتك ، وأيضا يا ولدى لا تذهب لبيت أخيك أو صديقك بدون هدية ولو بشكل رمزى  لتدخل الفرحة على أطفاله لأنه سوف ينتظرك مرة أخرى بل ولو تأخرت عليه فى الزيارة سوف يسأل والده عنك وتمتد علاقة حبه لك ليحب ابنك وهنا يحدث التواصل بين الأجيال بسبب تصرف بسيط وغير مكلف

أما إذا ذهبت إلى أخيك أو صديقك بدون شيء ولو يسير فى يدك لأولاده فقد يقوم الطفل بالسلام عليك مرة  ثم لا يهتم بوجودك مرة أخرى فأنت لم تخطب وده مصداقاَ للقول المأثور ( تهادوا تحابوا )  ، وهكذا تكون قد تسببت فى قطع أواصر الود والحب بين الأجيال أما ترانى أدعو لكل من أحببت فى طفولتى حتى اليوم بل وأتزاور مع من بقى من أولادهم وأحفادهم

جلست أفكر فى كلام والدى وأحاول أسقطه ألآن على أحوالنا فى أيام تقطعت فيها أو صر المحبة والود حتى بين الأرحام وكيف أصبحنا فى جذر منفصلة تفصل بيننا مسافات كبيرة بسبب ترك أهم شيء وهو الحب فى الله ، وسألت نفسى هل تمتلك الأجيال السابقة سر ( الخلطة السحرية ) للحب ؟ أم أننا من ألهتنا الدنيا نركض فيها ركض الوحوش فى البرية ؟ ، وهل بإمكان كل شخص فينا أن يبدأ من جديد ويضحى بالجزء اليسير من وقته وماله ليبنى أواصر الحب مع عائلته أولا ثم مع جيرانه ومجتمعه الذى يعيش فيه ؟

فصدقنى أنت تحب من كان يحتويك ويهديك ويعطيك فى صغرك ليس هذا فحسب بل أن حبك لذاك الشخص أمتد لأبنائه وأحفاده هذه حقيقة فلا تنكرها ، فإن وافقتنى الرأى فانهض يا رجل من يومك بل من ساعتك وجرب أنك عندما تقابل أى طفل عليك أن تحتضنه وتقبله وتعطيه حتى ( قطعة حلوى ) بقروش معدودة ليس فقط أبنائك أو حتى أبناء إخوتك وأخواتك بل وأبناء الجيران وسترى مع تقدم عمرك مردود ذلك فى حياتك بل وستترك محبة لأبنائك بسبب ما قدمت، فمحبة الناس لا تقدر بثمن ، الآن فقط أيقنت لماذا يترحم الناس على العصور التى سبقتنا لأنها كانت عصور الحب لأنهم أتقنوا ( صناعة الحب).

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة