خالد صلاح يكتب: "جينا هاسبل".. المخابرات الأمريكية تلعب على المكشوف

الأربعاء، 09 مايو 2018 10:00 ص
خالد صلاح يكتب: "جينا هاسبل".. المخابرات الأمريكية تلعب على المكشوف الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
هذا اختيار جرىء ومخيف، فى وقت واحد، الرئيس دونالد ترامب لا يتقن فنون الحوارات الدبلوماسية التى تظهر فى العلن ما تبطنه فى الخفاء، ولا يجيد أيضا خوض الحروب السرية، بينما يقول أمام الكاميرات ما يظهره كرجل سلام، هذا الرجل، يفعل ما يريد، ويقول ما يريد، ولا يتقن سوى اللعب على المكشوف، وهذه المكاشفة تظهر بقوة فى اختياره السيدة جينا هاسبل، رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكى «CIA» رغم المعارضة العنيفة من النواب الديمقراطيين الذين لا يغفرون لهاسبل أنها متهمة بممارسة التعذيب فى أحد السجون السرية التى كانت تشرف عليها فى تايلاند. 
 
ترامب يرى الأمر بوضوح دون حاجة إلى الماكياج الدبلوماسى، أو إلى أقنعة سياسية لا داعى لها، ومن وجهة نظره، هذه السيدة عدو عنيف للإرهاب، ولا تتردد فى استخدام كافة الوسائل «أكرر كافة الوسائل»، لحماية الأمن القومى الأمريكى، ولذلك فإن ما يردده النواب الديمقراطيون عما جرى فى تايلاند يصب فى مصلحتها ويرفع من رصيدها لدى الرئيس ترامب وليس العكس. 
 
ربما يرى الرجل أن المصلحة الوطنية تهون فى سبيلها كل الوسائل العنيفة، فمن ذا الذى يرغب فى التعاطف مع الإرهاب؟! ومن يمكن أن تطاوعه نفسه أن يتعامل بلين مع مجموعات من القتلة؟! هكذا يرى ترامب الصورة بوضوح، ولذلك يدافع الرجل بكل ما أوتى من قوة عن اختيار هاسبل لهذا المنصب الرفيع الذى إن تم تمريره فستكون هاسبل السيدة الأولى تاريخيا التى ستشغل هذا الموقع القيادى المرموق داخل CIA. 
 
لكن الأمر مختلف تماما لدى النواب الديمقراطيين الذين يلاحقون هاسبل بالاتهامات، ولا يستطيعون التسامح، من وجهة نظرهم مع برنامج الاستجواب المكثف «وهو اسم دبلوماسى للتعذيب» الذى أدارته هاسبل فى تايلاند أثناء ولاية الرئيس الأمريكى الأسبق جوج دبليو بوش. 
 
كانت جينا ضابطة شجاعة من وجهة نظر رؤسائها، ووطنية من وجهة نظر البيت الأبيض آنذاك، لقد بذلت جهدا فائقا فى استجواب عناصر تنظيم القاعدة، وحسب ما يقوله النواب الديمقراطيون فقد وضعت جينا السجناء فى نعوش للموت خلال فترة الاستجواب، ومارست كل الوسائل «المكثفة» لإجبارهم على البوح بالمعلومات، أحواض واسعة من الماء للإيهام بالغرق، الضرب المكثف، والحرمان من النوم، إلى آخر هذه الفنون «المكثفة»، فى إجبار السجين على البوح بالمعلومات. 
 
البيت الأبيض فى زمن بوش، ثم فى زمن أوباما أيضا، أشادوا بجينا هاسبل «سرا بالطبع»، واعتبروا أن ما قامت به فى تايلاند كان هو طرف الخيط الأول الذى قاد المخابرات الأمريكية إلى مكان أسامة بن لادن للقضاء عليه نهائيا فى ضربة صاروخية بالغة الدقة، كانت تستحق الإشادة وقتها بكل تأكيد، لكن بوش ومن بعده أوباما لم يكن يستطيع أن يقول ذلك علنا، لكن ترامب، لا يعرف هذا النوع من الألاعيب السياسية، فالرجل قال فى العلن ما قاله الرئيس الديمقراطى أوباما فى الخفاء، وما قاله من قبله زميله الجمهورى جورج دبليو بوش، هذا هو الفرق الوحيد فى الحقيقة، أن ترامب لا يؤمن بالإخفاء، ولا يرى فى الممارسات التى تحقق مصلحة بلاده أى نوع من الشعور بالخجل أو التلاعب بالألفاظ، الرجل يفعل ما يريد، وقتما يريد، بالشكل الذى يريده، طالما كانت مصلحة أمريكا هى العليا. 
 
يعتمد الرئيس ترامب فى الدفاع عن جينا هاسبل «علنا» فى إيمانه بأن من تعرضوا لهذا البرنامج المكثف فى الاستجواب كانوا من عينات لا تعرف الرحمة من الأساس، ما يقرب من 80 شخصية من كبار كوادر تنظيم القاعدة الإرهابى كان من بينهم المدعو «أبوزبيدة» وهو قيادى إرهابى كان على علاقة شخصية مع أسامة بن لادن خلال وجوده فى أفغانستان، ثم بعد هروبه إلى باكستان، ويراهن ترامب أن أيا من المواطنين الأمريكيين لن يشعروا بأى تعاطف مع حالة مثل حالة «أبوزبيدة» أو غيره من سجناء تايلاند. 
 
لا فرق هنا فى تقديرى..
 
فما كان يحدث سراً.. صار يحدث فى العلن.. 
 
مشكلة الديمقراطيين فى هذه الحالة أنهم يشعرون بالخجل من العلنية.. 
 
لكنهم كانوا يعرفون حتما ما الذى يجرى سراً وفى سجون بعيدة.. 
 
مرحبا بالعلنية.. وأهلا بالسيدة جينا هاسبل.
 
 
جينا
 
 
 
مقال-خالد
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة