علاء عبد الهادى

اشرب من البحر أو من الندى!

الإثنين، 05 مارس 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قابلت على مدى سنوات عملى كصحفى، الكثيرين ممن يطلقون على أنفسهم علماء أو خبراء، ولكنهم فى الحقيقة من هواة «الشو الإعلامى» الذين يموتون فى حركة الكاميرا، وتشغلهم فلاشات كاميرات التصوير، ويضعفون أمام سطور تكتب عنهم فى هذه الصحيفة أو تلك، ولا تجد لهم إنتاجا حقيقيا سوى هذه القدرة على إجادة فن العلاقات العامة، فى الوقت الذى يتوارى ويتعفف فيه العلماء الحقيقيون، وبعضهم يموت كمدا بسبب تجاهل المسؤولين والدولة لهم ولعطاءاتهم وإنتاجهم.. فى مؤتمر «مصر تستطيع 3» استطاعت الوزيرة نادية مكرم، وزيرة الهجرة، أن تجمع 23 عالما من أبناء مصر الذين استطاعوا تطبيق علومهم وابتكاراتهم فى الخارج، إلا أنهم مازالوا مرتبطين ومهمومين بالداخل فى مصر، استطاعت عبر ثلاثة مؤتمرات أن تصل إليهم فى شتى أنحاء العالم، وتدعوهم لكى يقدموا روشتة لعلاج أوجاع مصر الأم، كل فى تخصصه.
 
الجميل فى الوزيرة، أنها رغم صغر سنها اعتبرت نفسها أما لهؤلاء العلماء، وراحت تعرض نتاج هؤلاء العلماء على الوزراء والمسؤولين، لعل منهم من يتبنى فكرة، أو مشروعا، لذلك حرصت على أن تعلن فى الفيلم التسجيلى فى افتتاح المؤتمر الذى أقيم فى الأقصر عن نتائج المؤتمر الأول، وكان فى الغردقة على أرض الواقع، وهل بقيت مجرد آمال، أم دخلت حيز التنفيذ؟
 
كل عالم من هؤلاء العلماء ثروة، خد عندك مثلا الدكتور منصور المتبولى، عالم أمراض الأسماك بجامعة فيينا، وبلغ من مكانته أن كلفته الحكومة الأمريكية بالتغلب على مشكلة مرض أصاب أسماك السلمون فى أكثر من 22 ولاية أمريكية، كما كلف بحل أكبر مشكلة لمزارع الأسماك بفيتنام فحقق لها الاكتفاء الذاتى، مثل هذا العالم أليس أولى بنا أن نلجأ إليه أفضل من الصينيين لكى ينقل لنا خبراته لتحقيق الاكتفاء الذاتى الذى يسعى إليه الرئيس السيسى بإنشائه المزارع السمكية فى بركة غليون وشرق بورسعيد، وفى العديد من الأماكن؟!
 
وعندما نكون أمام عالم مصرى هو الدكتور محمد محمود إبراهيم، الذى استطاع أن تكون له بصمة فى تصنيع أول حاسب مصرى لقمر صناعى، هذا الحاسب من الممكن أن يستخدم فى أجيال الأقمار الصناعية المتعاقبة، ومطابق للمعايير اليابانية، ومن هنا فلابد أن تتبنى الدولة وأجهزتها هذا العمل لكى يكون نواة لإنشاء شركة مصرية لتصميم وتصنيع الحاسبات المدمجة للأقمار الصناعية والإلكترونيات الصناعية، لنثبت بالأفعال وليس بالأقوال أن المصرى قادر على إنجاز أصعب المهام التى يظن البعض أنها يجب أن تبقى حكرا على العلماء الأجانب.
 
جلسات المؤتمر كانت مكرسة هذه المرة لخدمة نقطة المياه التى يمثل الحفاظ عليها قضية حياة أو موت، لذلك سعى كل العلماء المشاركين إلى تحقيق «الأمن المائى» لمصر بطرح الجديد فى أمر تقنية المياه، يكفى أن تعرف أن دول الخليج تقريبا تعيد تدوير مياه صرفها إلى الحد الذى حققت فيه فائضا يلقى فى البحر فى بعضها، ويعاد حقنه لزيادة الخزان الجوفى فى البعض الآخر، ليس هذا فحسب بل إن مياه نافورة، هى الأشهر فى العالم حاليا أمام برج خليفة فى مدينة دبى، ما هى الا مياه صرف البرج بعد إعادة تدويرها.
 
وبالنسبة للترشيد، فوزير الرى يبشرنا بأن مصر تعيد استخدام ما بين %33 و%40 من المياه المستخدمة، وهو ما يجعلنا قريبين من أولى دول العالم فى هذا الشأن، وهو قول استوقف أغلب المشاركين فى المؤتمر وتحفظوا عليه.. وهناك تنمية الموارد عن طريق تحلية مياه البحر التى تدعونا إلى أن نشرب مياه البحر عبر توطين تكنولوجيا مصرية رخيصة الثمن.
 
منذ مجىء الرئيس السيسى وقضية المياه حاضرة فى ذهنه، وهناك، كما قال وزير الرى، خطة قومية للمياه مدتها 20 سنة تحتاج إلى 900 مليار جنيه، من أجل تأمين مياه للشرب وللرى وللحياة من خلال كل الوسائل التى كانت شبه مستحيلة أو مجرد أحلام، إلا أن العلم دائما ما يجعل الحلم حقيقة، مثل حصاد قطرات الندى لتكون من مصادر المياه.
 
لكى تدرك معى أن أمنك المائى فى خطر وأنك، وأنا قبلك، لابد أن تعرف أن المياه التى كان يستهلكها عشرة أصبحت توزع على مائة، ويكفى أن تعرف أيضا أن %97 من المياه التى نعيش عليها للشرب والرى تأتينا من خارج حدودنا، وأن كوب المياه لكى يصلك إلى الصنبور فى بيتك فأنت تحتاج إلى أن تنفق مليار جنيه سنويا لبند واحد فقط هو الكهرباء التى تدير هذه المنظومة.
 
لكل هذا فنحن فى حاجة إلى من يستفيد بما قدمه هؤلاء العلماء لمصر عن طيب خاطر، ولا يقف الأمر عند الصور التذكارية والتكريم، نريد مثلا من يستدعى الدكتور هشام العسكرى، أستاذ علوم الأرض بأمريكا، الذى قام بتسليم وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم أول نسخة مطبوعة نهائية من أطلس شمسى لمصر لكى يقوم بترجمة ما جاء فيه لخدمة ملف المياه بمصر، باستخدام بيانات الأقمار الصناعية لدعم إنتاج المحاصيل الزراعية ومعرفة احتياجها من المياه والسماد وغيره، وهو ما يترجم فى أعلى إنتاجيه، بأقل مياه.
شكرا للوزيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، قمت بالمطلوب منك، وبقى أن يجتهد بقية الوزراء فى عمل الـ«هوم وورك» المطلوب منهم.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة