خالد صلاح يكتب: ميركل وسباق الستة أشهر

الجمعة، 16 مارس 2018 12:00 م
خالد صلاح يكتب: ميركل وسباق الستة أشهر الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ميركل
انجيلا ميركل
ما جرى فى ألمانيا يستحق الدراسة بعمق، هو محاضرة بليغة فى آليات العمل الديمقراطى، وفصل مهم فى «تكتيكات» المناورات الحزبية والبرلمانية وحدودها وآفاقها وأهدافها العليا، ومرجع فى ثقافة التربيطات الانتخابية وتشكيل الحكومات فى مناخ التعددية الحزبية، وأخيرًا استقرت المرأة الأقوى والأذكى والأعمق فى أوروبا أنجيلا ميركل فى منصبها الرفيع فى المستشارية بعد أطول فترة مشاورات ومفاوضات حزبية غير مسبوقة فى تاريخ تشكيل الحكومات الألمانية. 
 
الدرس الألمانى متعدد الدلالات لكل بلد يريد أن يؤسس تجربة حزبية حقيقية، ولكل حزب يريد أن يشارك فى هذه التجربة الحزبية التعددية، واسمح لى أن أتشارك معك بعض النقاط والأفكار فى هذا الدرس السياسى الألمانى البليغ: 
 
• أرجو أن تلاحظ أن رئيس ألمانيا الحالى هو فرانك شتاينماير، وهو بالمناسبة رئيس ينتمى إلى الحزب الاشتراكى، وقد لعب شتاينماير شخصيا دورا كبيرا فى إقناع حزبه الاشتراكى بتأييد المشاركة مع الائتلاف المسيحى بقيادة ميركل، «تأمل معى الرئيس الاشتراكى يدعو حزبه للتعاون مع ائتلاف آخر يتقاطع معه فى أفكار سياسية متعددة، فى إطار تقدير أعلى للمصلحة الوطنية الألمانية ولمستقبل البلد بالكامل». 
 
• لاحظ أيضا أن شتاينماير ومارتن شولتز الذى كان قد قاد الحزب الاشتراكى فى مفاوضات داخلية كبيرة لتأييد ميركل، اعتبرا أن استقرار ميركل يقطع الطريق على اليمين الألمانى المتشدد، وعلى الحركات الشعبوية التى تشكل ضغطا متزايدا على الحكومة الألمانية، وفضلا مصلحة ألمانيا العليا من الناحية الاستراتيجية على المصالح الحزبية الضيقة أو المعارضة الواسعة لتولى ميركل منصب المستشارية للمرة الرابعة، «تأمل هنا ترتيب الأولويات السياسية داخل الحزب، وتأمل كذلك الاحترام الداخلى للعمل الديمقراطى والتصويت على هذه القرارات المصيرية، إذ إن فوارق التصويت داخل الحزب الاشتراكى كانت متقاربة للغاية، لكن كل الأطراف احترمت النتائج التى انتهت إليها عمليات التصويت الداخلى فى الحزب الاشتراكى». 
 
• لاحظ كذلك أن الحزب الاشتراكى لم يمنح ميركل شيكا على بياض، واستطاع أن يصل إلى حل وسط للتوازن بين الآراء المتعارضة داخل الحزب، فقرر الاشتراكيون أن يمنحوا ميركل فرصة لمدة عام ونصف فقط وليس بطاقة خضراء صالحة للاستخدام طوال السنوات الأربع، ومن ثم سيراجع الحزب الاشتراكى هذا التحالف الحكومى بعد 18 شهرا، وهو حل يضع ضغطا على ميركل لتنفيذ تعهداتها للاشتراكيين من جهة، ويضمن لقيادات الحزب الاشتراكى إقناع قواعد الحزب بأنهم لن يكونوا طوق إنقاذ مجانيا للحكومة بقيادة ميركل، «انظر هنا إلى براعة التفاوض، ومكانة الحلول الوسط فى المعادلة السياسية». 
 
• لاحظ كذلك أن هناك ما يقرب من 35 نائبا فى التحالف المسيحى الاشتراكى صوتوا ضد ميركل دون أن يتم اتهامهم بالخروج على التقاليد الحزبية، أو الخيانة السياسية، فالنواب هنا لم يتعرضوا لعقدة الالتزام الحزبى القهرية، فمن حقه كنائب أن يصوت كيفما يشاء دون خضوع لقواعد الالتزام الحزبى، صحيح أن عدم الالتزام يؤدى إلى بعض المشاكل الحزبية اللاحقة، لكن الصحيح أيضا أن كل نائب يتعامل مع ضميره وأفكاره فى النهاية دون قهر من الحزب الذى ينتمى إليه سياسيا خارج البرلمان. 
 
• لاحظ كذلك أن ميركل كانت فى هذا المعترك السياسى الكبير، لكنها لم تنس أن تشير لحزبها على القيادة الجديدة التى ربما تخلفها على مقعد المستشارية، أنجريت كارينباور التى شغلت موقعا حزبيا مرموقا فى الائتلاف المسيحى. 
 
• لاحظ كذلك أن المستشارة ميركل تحكم للمرة الرابعة، أى أنها ستستمر فى السلطة 16 عاما بعد ختام دورتها الرابعة، وهى ليست النموذج الأول هنا، إذ حكم المستشار الأسطورة هلموت كول 16 عاما أيضا فى أربع دورات متعاقبة، وهو الرقم القياسى الذى تصل إليه ميركل أيضا، ويحتل المرتبة الثانية هنا المستشار كونراد أديناور الذى تولى السلطة لحوالى 12 عاما فى ثلاث دورات متعاقبة، واللافت أن الفترات الزمنية الأطول فى ألمانيا ارتبطت بقيادات مؤثرة مثل كول وأديناور، وأخيرا ميركل التى تعد هى القيادة الأهم والأقوى فى أوروبا حاليا. 
نحتاج نحن للتعلم 
وتحتاج أحزابنا للتعلم 
وتحتاج بلادنا إلى دراسة العالم بعمق 
لا أن نتعامل مع قشر البندق 
الديمقراطية أعمق من الشعارات الواسعة 
وممارسة الديمقراطية تنطوى على عشرات الحيل والمناورات والمفاوضات والحلول الوسط 
 مصر من وراء القصد
 
البرلمان الالمانى
البرلمان الالمانى
 
ميركل امام البرلمان
ميركل امام البرلمان
 

 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة