هل تتلائم مشروعات الاستزارع السمكى فى مصر مع التغيرات المناخية ؟

الخميس، 15 مارس 2018 09:41 م
هل تتلائم مشروعات الاستزارع السمكى فى مصر مع التغيرات المناخية ؟ الثروة السمكية بمصر
رانيا فزاع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وسط حضور كبار المسئولين وتغطية  كافة وسائل الإعلام أعلن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى العام الماضى، افتتاح أول مشروع استزراع سمكى فى محافظة الإسماعيلية  100 كيلومتر من القاهرة، مؤكدا على استكمال الدولة خطتها بمشروعات الاستزراع بـ3 مشاريع فى 3 محافظات .

تعتبر مشروعات الاستزراع السمكى جزءا من خطة الدولة المصرية فى زيادة إنتاجيتها من الأسماك التى نضبت لأسباب أغلبها متعلق بالتلوث.

وتعتبر مصر من الدول المتوقع أن تتأثر بالتغيرات المناخية، وتشير الدراسات إلى احتمالية تعرض جزء من سواحلها للغرق، إضافة إلى تأثر الثروة السمكية وانخفاض إنتاجية الأسماك.

التغيرات المناخية والاستزارع السمكى

ورغم أهمية المشروع السابق لكنه طرح تساؤلات عدة عن مدى إمكانية مواجهته للتغيرات المناخية المتوقعة، وهل هو أحد الحلول لمواجهة النضوب الذى سيحدث بالثروة السمكية أم لا، وهل الاستزراع السمكى بمصر فى صورته الحالية مؤهل للتعامل مع التغيرات المناخية؟

وتبلغ إجمالى إنتاجية مصر من الأسماك بحسب تصريحات صحفية لرئيس هيئة الثروة السمكية قرابة مليون و640 ألف طن، منها مليون و200 ألف طن من الاستزراع السمكى.

وتعرف التغيرات المناخية بأنها "اختلال فى الظروف المناخية المعتادة كالحرارة، إضافة إلى التغيرات الموسمية التى تجرى على مدار فترة زمنية طويلة، والمتعلقة بالتراكم المتزايد للغازات الدفيئة فى الغلاف الجوى".

تأثير التغيرات المناخية على الثروة السمكية بحسب دراسة منشورة على موقع الهيئة العامة للثروة السمكية المصرى، للدكتور شوقى القطان تتمثل فى ارتفاع نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الجو الذى من المحتمل أن يؤدى لزيادة ذوبانه فى مياه المحيطات والبحار، وزيادة حموضة المياه مما تؤثر سلبا على نمو وتكاثر وحياة الأسماك.

 كما أن التغيرات المناخية ستتسب فى زيادة ملوحة مياه البحيرات الشمالية المصرية نتيجة لزيادة درجة الحرارة والتى تؤدى لزيادة نسبة البخر وبالتالى زيادة الملوحة، فضلا عن زيادة التلوث عام بعد عام نتيجة الصرف الصناعى والزراعى وقلة المياه العذبة الواردة للبحيرات، مما تؤدى لزيادة درجة الملوحة أكثر والتى تؤثر على هجرة زريعة العائلة البورية من البحر إلى مناطق التقاء المياه العذبة وعليه يقل المخزون السمكى بالبحيرات.

ينجم عن تغير المناخ تعديل فى توزيع أرصدة الأنواع السمكية من أسماك المياه العذبة والمالحة، مع توجه الأنواع السمكية فى المياه التى ترتفع فيها درجة الحرارة نحو القطبين، كذلك ينعكس تغير المناخ على موسمية العمليات البيولوجية الحيوية فى شكل تغيرات بسلاسل غذاء الأسماك بمواطن المياه العذبة والمالحة،مما يعود بنتائج لا يمكن التكهن بها على صعيد تذبذبات إنتاج الأسماك.

 التأثير السابق لا يقتصر على الثروات السمكية فقط ولكنه يمتد إلى المزارع أيضا ويشمل تأثير التغيرات المناخية عليها فى ارتفاع درجة حرارة المياه،وزيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة مما يؤدى لزيادة احتمالية حدوث أمراض،فضلاً عن ازدهار الطحالب وما ينتج عنها من أضرار.

معظم مكونات العلف مستوردة وأهمها مسحوق السمك، وتشير السيناريوهات المتوقعة لانخفاض إنتاجية الأسماك المستخدمة فى تصنيع مسحوق السمك، واستهلاك نحو 70% منه فى الدول المنتجة له مما يؤدى لنقص المعروض منه،وزيادة السعر والذى يؤدى بدوره لارتفاع تكاليف أعلاف الأسماك .

كما أن ارتفاع درجة الحرارة تؤدى لتغير أوقات التكاثر، وزيادة استهلاك الغذاء وزيادة المخلفات العضوية، و نقص الأكسجين الذائب، وتتأثر الزريعة أكثر نتيجة انخفاض الأكسجين، ويتسبب ذلك فى إجهاد حرارى و انتشار الأمراض.

على عكس التأثير المتوقع السابق يرى الدكتور عبد العزيز نور أستاذ الإنتاج السمكى بجامعة الإسكندرية تأثيرات إيجابية للتغيرات المناخية على الثروة السمكية، بفعل ارتفاع درجة الحرارة المياه وهجرة الأسماك إليها، وزيادة الطحالب التى تتغذى عليها الأسماك واكتمال السلسة الغذائية المكونة لها .

 غرق السواحل المصرية كنتيجة للتغيرات المناخية من الممكن التعامل معه كما قال أستاذ الإنتاج السمكى بجامعة الإسكندرية من خلال إنشاء أحواض سمكية واستزراع، مشيرا إلى أن اهتمام مصر بالمزارع السمكية يمثل جزء من اهتمام عالمى تتجه إليه معظم الدول الآن .

 

 

تأثيرات سلبية

 

 السيد صبرى استشارى التغيرات المناخية والتنمية المستدامة قال فى تصريحات خاصة: إن أول تأثير مباشر للتغيرات المناخية ستشهده مصر هو ارتفاع درجة الحرارة، وسيتسبب ذلك فى هجرة الأسماك للمياه الدافئة فى أوقات معينة بأماكن محددة.

ويستطرد صبرى قائلا " بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه تنتقل الأسماك للأماكن التى تناسبها درجة حرارتها مما يؤثر على نشاط الصيادين فى هذه الأماكن، وهجرة الأسماك التى كانت تأتى لمصر بنوعية متميزة فتبدأ الذهاب لأماكن أخرى، وهذا بالفعل بدأ الآن ومن المتوقع أن يمتد تأثيره فى الفترة القادمة .

وطالب صبرى المسئولين بالعمل على إجراء خطة لبرامج تكيف الأسماك مع درجات الحرارة المختلفة ورصد تأثير التغيرات المناخية على الأنشطة بالبحار والأنهار والأنسجة السمكية،لافتا إلى ضرورة إنشاء شبكات لرصد البحار ودرجة حرارتها مما يساعد على تتبع تجمعات الهجرة الجديدة للأسماك،وربطها بشبكة الرصد واتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيف .

ويرى صبرى أن المزارع السمكية من خلال بحيرات صناعية وسيلة لمواجهة ما سيحدث للأسماك بفعل التغيرات المناخية، منوها إلى أن مصر بالفعل قطعت شوطا كبيرا فى الاستزراع بما يتلاءم مع درجة الحرارة.

استزراع تكاملى

 الاستزراع السمكى ليتلاءم مع التغيرات المناخية لابد أن يكون تكامليا ويعتمد على مياه البحار أكثر من المياه العذبة التى ستقل مع التغيرات المناخية، فهل وضعت مصر ضمن مشروعاتها فى الاستزراع هذه الشروط وعملت عليها، الدكتور أشرف محمد عبد السميع أستاذ الاستزراع بالمعهد القومى لعلوم البحار والمصايد قال إن التغيرات المناخية ستؤثر على نوعية الأسماك المستخدمة فى الاستزراع والتى تعيش فى درجة حرارة عالية، عكس التى تستخدم الآن .

وأضاف أستاذ الاستزراع السمكى أن المياه العذبة ستقل بسبب ارتفاع درجة الحرارة مما سيؤدى إلى تغير نوع الأسماك المستزرعة، وأكد أن 75% من عشائر الأسماك ستختفى بسبب التغيرات المناخية وسيحدث استنزاف للأسماك واندثار ل 50% من أسماك البحار، وبالتالى من الأفضل الاعتماد على الاستزراع البحرى .

وأشار أستاذ الاستزراع السمكى إلى أهمية الاعتماد على النظم الجديدة فى الاستزراع ومنها التكاملى باعتباره اقتصادى وملائم للبيئة، وتقوم فكرة الاستزراع التكاملى على إعادة استخدام مياه الاستزراع فى تربية النباتات، مما يساعد على إنتاج مواد عذائية متنوعة بكمية ضئيلة من المياه، ويقلل من انبعاث الغازات للبيئة .

وأعتبر أستاذ الاستزراع السمكى أن اتجاه الدولة المصرية للاستزراع توجه حميد ويتلاءم مع ما سيحدث من تغيرات مناخية فى الفترة القادمة، مطالبا بزيادة الاعتماد على الاستزراع البحرى أكثر من المياه العذبة وزيادة التدريب عليه

ولفت استاذ الاستزراع السمكى إلى أهمية الاستزراع البحرى لأنه يسهم فى إنتاج أنواع أسماك تستخدم فى التصدير لارتفاع ثمنها ومن المتوقع أن ينتج منه 200 ألف طن .

 

 

الثروة السمكية بمصر

 

وطالب الباحثون المصريون بإجراء دراسات عن تأثير تغيرات المناخ على مستقبل السلسلة الغذائية فى مصر، ومنها الأسماك خاصة مع عدم الاهتمام بها بشكل كبير، وشدد على ضرورة زيادة جينات الأسماك التى تتحمل الملوحة من خلال برامج هندسة وراثية ملائمة للظروف البيئية الجديدة .

المهندس محمود سالم رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية قال فى تصريحات خاصة إن تغير البيئات البحرية يؤدى إلى تغير طبيعة المياه ومحتواها الغذائى، مضيفا أن مصر تعتمد فى إنتاجيتها الأساسية للأسماك على بحيرات ادكو والبردويل والبرلس، ومع انخفاض قيمتها الإنتاجية اتجهت الدولة للاستزراع بعيدا عن فكرة التغيرات المناخية فالهدف من الاستزراع هو زيادة الإنتاجية .

وأكد سالم أن 23% من المصايد الآن طبيعية و 77 % منها استزراع سمكى، وتبلغ قيمة الإنتاج الكلى للأسماك فى مصر مليون و 820 أ لف طن وهو رقم ضئيل مقارنة بالكثافة السكانية .

 وأوضح سالم أن مصر بها 13 مليون فدان من المسطحات المائية، ويبلغ قيمة الإنتاج الكلى منه 50 إلى 60 ألف طن، مؤكدا أنه إذا حدثت التغيرات المناخية بالتوقعات المنشورة الآن فسيحدث طغيان من مياه البحر يقلص المساحات الطبيعية وارتفاع درجة الحرارة مع نقص المياه العذبة، ولذا يتم التركيز الآن على المزارع البحرية التى لها قيمة تصديرية عالية مثل " القاروص والدنيس " .

- هذا التقرير جزء من مشروع العلم حكاية الذى أطلقه معهد جوته وأكاديمية التبادل الالمانى "داد" وأونا أكاديمى، والمشروع مدعوم من الخارجية الألمانية.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة