د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: صَاحَبْ نَفْسَك

الخميس، 01 فبراير 2018 10:00 ص
د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: صَاحَبْ نَفْسَك د.داليا مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ألم نلاحظ أننا دائمًا نشتكي من افتقاد الصديق المُخلص، وغالبًا ما نتضرر من أفعال وسلوكيات الأصدقاء، ونتهمهم بأنهم لا يستحقوا الثقة التي أوليناها لهم، وأنهم لم يكونوا على قدر تقييمنا لهم، ونظل ننتحب ونعيش الصدمة، ونشعر بالانهيار النابع من صدمتنا في أعز الأشخاص وأقربهم إلى قلوبنا، ونظل لفترة طالت أم قصرت في حالة عزلة ورفض للآخر، إلى أن تُقابلنا الحياة بغيرهم، أو ربما بهم ثانية، وربما نُعيد ذات الأمر، وكل هذا طبيعي، فهذه هي طبيعة الحياة، وطبيعة ردود أفعال البشر، فهم مُهيئون دائمًا للصدمة، ومُستعدون للجرح، ولديهم حفنة من التهم لكي يكيلوها لغيرهم، ولكن إلى متى نظل نبحث عن الصاحب والخل الوفي، فلماذا لا ندع الحياة تمنحنا وتأخذ منا كيفما تشاء، ونتوقع منها أنها قادرة على فعل ما تريد، ولكن مع احتفاظنا بحقنا في اقتناء الصديق الذي لن يخون أبدًا، وهو "أنفسنا"!!.

لماذا لا نُصَاحِب أنفسنا ونُصادقها ونُحبها ؟ لماذا لا نُشاورها ونتعلم منها ونكتشف جمالها؟ فنحن دائمًا إما في حالة إغواء للنفس أو رفض لها أو صراع معها ، فدائمًا ما نَغُرها ونُغْريها ونُمَنِّيها أو ننقدها وننهال عليها باللوم والتقريع ، أو في حالة نِدِّيَّة معها، فلماذا لا نُصاحبها ونُحبها دون أن ننغرس في أرض الأنانية والنرجسية، فالنفس البشرية تحمل كل الفضائل والرذائل، ولديها مُكتسب وفير من خبرة الحياة، وتملك الإحساس العالي الصادق الذي يكون منبعه الضمير، ولكننا للأسف، نترك كل ما لدينا، ونبحث خارج إطار أنفسنا عن شخص يحبنا ويخلص لنا، ويمنحنا بدون مُقابل، وكل هذا لا ضَيْرَ منه، فالحياة تعاملات ونحتاج إلى بعضنا البعض، ولكن ليس للدرجة التي تُنسينا أن نعيش مع أنفسنا، ونتحدث معها ونُصارحها ونُحاسبها، ونسمح لها أن تُحاسبنا وتُعاقبنا.

فلو بحث كل إنسان داخل ذاته سيكتشف جواهر نفسية لم يمنح نفسه ولو فرصة واحدة لكي يتعرف عليها، فنحن نجلس مع زملائنا في العمل، ومع أصدقائنا في الأماكن العامة والخاصة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائل في أغلب ساعات يومنا، وعندما تُواتينا الفرص لكي نجلس مع أنفسنا، إما أن نكون في حالة إنهاك كامل، وهنا يكون النوم هو الصديق القريب من القلب، أو نكون في حالة تشتت فكري يُجبرنا على الهروب من النفس، ومُحاولة الخروج منها، وفي هذه الحالة نُحيل أنفسنا إلى طرف خارجي مرفوض، عاجز عن مساعدتنا، ولكن لابد لنا أن نخصص ولو دقائق معدودة من يومنا لنجلس فيها مع أنفسنا، ونكتشف ما يَبْطُن فيها من أفكار وأحلام وأحاسيس، ونسألها وتُجيبنا، ونسمح له أن تُنصحنا وتُقَوَِمُنَا، فكما أننا نستطيع أن نُصاحب الآخرين ونجعلهم يَنْهَلُوا من علمنا وخبرتنا ومشاعرنا وإخلاصنا، فعلينا أن نستمتع نحن أيضًا بهذه الميزات، لذا علينا أن نُصَاحَبَ أنفسنَا.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة