بعد الهدنة التجارية.. التوازن مع الصين ورقة ترامب لإحياء التفاوض مع كوريا الشمالية.. الرئيس الأمريكى خسر رهانه على إدارة الملف بدون بكين بعد قمة سنغافورة.. وثقة بيونج يانج تمنح الحكومة الصينية مفتاح حل الأزمة

السبت، 08 ديسمبر 2018 06:50 ص
بعد الهدنة التجارية.. التوازن مع الصين ورقة ترامب لإحياء التفاوض مع كوريا الشمالية.. الرئيس الأمريكى خسر رهانه على إدارة الملف بدون بكين بعد قمة سنغافورة.. وثقة بيونج يانج تمنح الحكومة الصينية مفتاح حل الأزمة شى جين بينغ و كم جونغ و وترامب
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تمر ساعات من اللقاء الذى جمع بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الصينى شى جين بينج، والذى شهد مهادنة تجارية بين البلدين، حتى أعلن ترامب عن قمة جديدة سوف تجمعه مع نظيره الكورى الشمالى كيم جونج أون، فى بداية العام الجديد، فى انعكاس صريح لأهمية العلاقات الأمريكية الصينية فى المرحلة الراهنة، وارتباطها الوثيق باستمرار المفاوضات بين واشنطن وبيونج يانج لتحقيق سلام تاريخى يقوم فى الأساس على نزع السلاح النووى فى شبه الجزيرة الكورية، وهو ما سوف يمثل، إن تحقق، إنجازا دبلوماسيا كبيرا للإدارة الأمريكية الحالية، فى ظل الفشل الذريع لأسلافها فى تحقيق أى تقدم يذكر فى هذا الملف.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ربما نجحت فى تحقيق العديد من المزايا الاقتصادية، جراء الهدنة التجارية مع بكين، من شأنها تحقيق قدر من التوازن فى الميزان التجارى المختل بين البلدين، فى ظل الاتفاق على زيادة الصادرات الأمريكية إلى الصين، إلا أن هناك إنجازات أخرى ربما تكون فى الطريق، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الكورية الشمالية، والدور الأمريكى بها، وذلك بعدما شهدت المفاوضات الأمريكية الكورية الشمالية حالة من الركود خلال الأشهر الماضية جراء غياب الثقة من جانب بيونج يانج تجاه واشنطن، وبالتالى يبقى الاتفاق التجارى الأمريكى الصينى بمثابة طوق نجاة لإدارة ترامب لمواصلة طريقها نحو إنهاء الأزمة الكورية الشمالية.

 

791641-281758014
 

غياب الثقة.. ترامب لم يتخذ خطوات لكسب ود بيونج يانج

ولعل غياب الثقة من جانب كوريا الشمالية تجاه الولايات المتحدة ليس وليد اللحظة، خاصة وأن العلاقة بين البلدين شابها العداء المعلن منذ عقود طويلة من الزمن، تخللها محاولات من جانب واشنطن لتطويق بيونج يانج، بالإضافة إلى تهديدات بإسقاط النظام الشيوعى الحاكم، وكذلك التلويح باستخدام القوة العسكرية عبر نشر القوات والقواعد الأمريكية فى مناطق تمثل عمقا استراتيجيا لكوريا الشمالية،  وإطلاق التصريحات العدائية بين المسئولين الأمريكيين ونظرائهم الكوريين الشماليين، حيث كانت حرب التصريحات بين ترامب وكيم جونج أون أخر حلقاتها قبل أشهر من المفاوضات بين الجانبين، وهو الأمر الذى ساهم فى زيادة وتيرة العداء بين البلدين طيلة السنوات الماضية.

 

ولم تتوقف حالة العداء الأمريكى تجاه نظام بيونج يانج على مرحلة الخصومة، ولكنها امتدت إلى ما بعد الانفراجة التى شهدتها العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية، وهو ما بدا واضحا فى تصريح أدلى به مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون، قبل أسابيع من قمة ترامب كيم، التى عقدت فى يونيو الماضى، حول ضرورة تطبيق النموذج الليبى مع بيونج يانج فيما يتعلق بنزع ترسانتها النووية، وهو ما أثار حفيظة النظام الحاكم بالدولة الآسيوية، حيث أعطى انطباعا باستمرار اللهجة العدائية الأمريكية رغم التطور الكبير فى العلاقة بين البلدين.

واستمر النهج العدائى الأمريكى فى مرحلة ما بعد القمة التاريخية بين الرئيس الأمريكى ونظيره الكورى الشمالى، والتى عقدت فى سنغافورة، حيث رفضت الإدارة الأمريكية مطلب بيونج يانج برفع العقوبات المفروضة عليها، حيث أصرت إدارة ترامب على الاحتفاظ بالعقوبات لممارسة أقصى ضغط ممكن على النظام الحاكم فى كوريا الشمالية، والتى ترى فى ذلك تعنتا أمريكيا وتنصلا من الالتزامات التى قطعتها واشنطن على نفسها.

الصين وإيران.. مواقف أمريكية تثير قلق بيونج يانج

إلا أن أن انعدام الثقة من جانب كوريا الشمالية تجاه الولايات المتحدة، لا يقتصر فى أسبابه على المواقف المباشرة بين البلدين، وإنما يمتد إلى العديد من المواقف الأمريكية تجاه حلفائها، والتى ربما أضفت انطباعا لدى قيادات بيونج يانج أن واشنطن لا تفى بالتزاماتها وتعهداتها الدولية، وهو الأمر الذى يبدو واضحا فى قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، فى مايو الماضى، فى خطوة أحادية الجانب، وذلك بالرغم من رفض حلفاءه الموقعين على الاتفاقية، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

 

كذلك كانت القرارات الأمريكية، بزيادة الرسوم الجمركية على التجارة القادمة من الصين، على خلفية الصراع التجارى بين البلدين، بمثابة دليلا أخر على تنصل الولايات المتحدة من التزاماتها، التى سبق وأن قطعتها على نفسها، خاصة وأن مبادئ حرية التجارة كانت بمثابة أهم المبادئ التى أرساها الغرب بقيادة الولايات المتحدة.

 

829386196
 

 

ويمثل الموقف الأمريكى من الصين فى الأشهر الماضية أحد الأسباب الرئيسية فى حالة الركود التى شهدتها المفاوضات الأمريكية الكورية الشمالية، ربما بسبب النفوذ الكبير الذى تحظى به الحكومة الصينية فى بيونج يانج بسبب الدعم الكبير الذى قدمته بكين لها إبان عزلتها الدولية التى استمرت لسنوات طويلة، بالإضافة إلى المنحى التنافسى الذى اتخذته الحكومة الصينية تجاه الولايات المتحدة فى العديد من المواقف والقضايا الدولية، فى إطار سعى الصين للقيام بدور بارز سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى.

التراجع الأمريكى.. ترامب اعترف ضمنيا بفشله

وهنا يصبح استعادة التوازن فى العلاقة مع الصين يمثل ضرورة أمريكية قصوى إذا ما أرادت واشنطن الاحتفاظ بنفوذها فى الأزمة الكورية الشمالية، خاصة وأن الصين يمكنها القيام بدور الضامن لوفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها تجاه أى اتفاق مستقبلى، بسبب الثقة الكبيرة التى تحظى بها بكين لدى قيادات بيونج يانج فى ظل الدور الكبير الذى قامت به الحكومة الصينية فى دعم كوريا الشمالية إبان مراحل الحصار التى تعرضت لها لعقود طويلة من الزمن.

يبدو أن الرئيس الأمريكى أدرك فى البداية حقيقة نفوذ الصين فى المسألة الكورية الشمالية، لذا حرص على التنسيق مع القيادات الصينية قبيل انطلاق المفاوضات مع بيونج يانج، وهو ما بدا واضحا فى الزيارة التى أجراها ترامب إلى بكين فى نوفمبر من العام الماضى، فى إطار جولة آسيوية شملت عدة دول أخرى، إلا أن نهجه تغير بعد ذلك فى أعقاب القمة التى عقدها مع كيم، وهو ما بدا واضحا فى سلسلة الإجراءات التى اتخذتها الإدارة الأمريكية لاستهداف التجارة مع الصين، حيث راهن على قدرته على إدارة الملف بمفرده بعد لقاءه بزعيم كوريا الشمالية، إلا أنه فشل تماما فى ذلك.

وهنا يصبح التراجع الأمريكى الأخير عن قرار زيادة الإجراءات الجمركية، والبحث عن حلول بديلة، هو بمثابة اعتراف ضمنى من قبل الرئيس ترامب بفشله فى إدارة الملف الكورى الشمالى دون دعم من الصين، والتى تمتلك مفتاح الحل فى كوريا الشمالية، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى مواقف بيونج يانج بعد قمة ترامب – كيم، حيث حرص زعيم كوريا الشمالية على زيارة بكين، بعد القمة بأيام، تزامنا مع القرارات الأمريكية بفرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من الصين، وهى الزيارة التى كانت بمثابة رسالة مفادها أن الصين مازال لديها الورقة الرابحة فى الملف الآسيوى الشائك.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة