علاء عبد الهادى

أى آم إيجيبشين!

الأحد، 28 أكتوبر 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعتقد أن هناك أحدا من المصريين توقف كثيرا أمام مقولة أن مصر أم الدنيا، وسأل نفسه: ليه؟ أو سأل نفسه: ليه المصرى مختلف عن كل شعوب العالم؟ وليه مصر هى الدولة الوحيدة على وجه الأرض التى لها علم يدرس فى أعرق جامعات العالم، باسمها، اسمه علم «الأيجيبتولوجى»؟
 
عمرك سألت نفسك هو ليه مصر دون كل بلاد الدنيا كانت بصورة أو بأخرى، إما مهدا لديانة سماوية، وإما كانت حاضنة للديانة، أو كانت صاحبة الفضل فى انتشارها فى كل الدنيا؟ هل سألت نفسك لماذا مصر قاسم مشترك فى كل رسالات الدنيا السماوية، نصا بالاسم أو تلميحا؟
عمرك سألت نفسك عن سر ولع- أكرر- الولع بمصر فى كل دول العالم؟ عمرك سألت نفسك وأنت طالب تدرس التاريخ لماذا كانت مصر قبلة لكل من أراد أن يؤسس إمبراطورية، أو يحتوى إمبراطورية منافسه؟ سألت نفسك يوم عن معنى بعض الكلمات التى لا أساس لها إلا فى المعجم المصرى؟
 
دائما يتسم سكان الأقاليم الجغرافية، بسمات مشتركة، قاعدة تعلمناها فى مبادىء الجغرافية السياسية، هذه القاعدة لا تنطبق على مصر، ولا المصريين!! المصرى «براند» له طابع خاص وسمات خاصة فى طباعه وتصرفاته وليس بالضرورة شكله، المصرى تعرفه من وسط مليون حتى من قبل ما يتكلم.. ومع كامل الاحترام لدول الجوار، ومع وحدة اللغة والدين، ومع كل تقديرنا لجيراننا وأشقائنا العرب فالمصرى يفرق عن السودانى والليبى، والفلسطينى والسورى، ليست عنصرية ولا «شيفونية» ولكنها البوتقه المصرية التى ذابت فيها كل الحضارات التى عبرت على مصر، وانصهرت، وكونت الشخصية المصرية التى تراها اليوم، هذه الشخصية تشكلت عبر سبعة آلاف سنة، وكانت لها روافدها الفرعونية التى علمت الدنيا الزراعة والاستقرار، وعلى ضفتى نيلها تأسست الدولة المستقرة، وعلمت الدنيا كل معانى الحضارة والتحضر التى نرى آثارها التى تبهر العالم، إلى اليوم، كما تشكلت أثناء الفترة اليونانية الرومانية التى تلاقحت مع الحضارة الفرعونية، وأعطت منتوجا حضاريا فريدا يختلف عن الفرعونية، ويختلف أيضا عن الحضارة اليونانية، أو الرومانية الخالصة، ثم ندخل بعد ذلك على العصر القبطى، وكان لمصر نصيب الأسد فى كل شىء له علاقة بالمسيحية وبانتشارها.
 
وبابتكار نظام الرهبنة، والأديرة، ومنها خرج للعالم، وللآن تحتضن مصر بين ربوعها أقدم وأقدس التراث المسيحى، كل ذلك حفر آثاره فى شخصية المصريين وفى طباعهم، وفى لسانهم، كما حدث من قبل مع الفترة الفرعونية، واليونانية الرومانية، إلى يومنا هذا وللآن فكثير من كلماتنا فرعونية خالصة.. وما حدث للمصريين عندما احتضنت المسيحية، حدث مع اليهودية والإسلام، وصدرت مصر علوم الإسلام الوسطى إلى الدنيا كلها.
 
كل هذه الحضارات التى مرت على مصرت تركت بصماتها على الشخصية المصرية، لنصل فى النهاية إلى شخصية فريدة، مرتبطة بالأرض محبة للخير والسلام، تأنس بالغريب، وترحب به، لا تهاجم، ولا تجور على الغير، ولكنها نفس الشخصية التى تقاتل حتى الموت دفاعا عن التراب والوطن، والعرض والشرف، الشخصية المصرية محبة للحياة، تقدس الشعائر: مسيحية كانت أو يهودية أو مسلمة، المصرى هو المصرى.
 
من يريد أن يعرف « الكوكتيل المصرى» الفريد فأدعوه لزيارة معبدالأقصر، داخله سيجد طبعا آثار الحضارة الفرعونية الخالدة، جنبا إلى جنب مع كنيسة من العصر اليونانى الرومانى، ووفى نفس المعبد سيجد مسجد سيدى أبوالحجاج، إنها مصر الفريدة.. فى القاهرة هناك مكان فريد أيضا يلخص كثيرا مما أريد أن أقوله، فى مصر القديمة عندما تذهب لزيارة جامع عمرو بن العاص أقدم مساجد أفريقيا ومصر، على بعد خطوات ستجد الكنيسة المعلقة، إحدى أقدم كنائس مصر والدنيا كلها، وعلى بعد عدة أذرع ستجد معبد عيزرا الذى كان يتعبد فيه يهود مصر.
إنها مصر التى قال فيها أحد قادة الإنجليز عندما احتلوا مصر، لا تستطيع أن تفرق بين المصرى المسلم والآخر المسيحى، لا فى الشكل ولا فى السلوكيات اللهم إلا فى أن أحدهما هذا يذهب للمسجد يوم الجمعة والآخر يذهب للكنيسة يوم الأحد.
 
كل هذه الحضارات التى مرت على مصر حتى عصر محمد على باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة، تركت آثارها، على الشخصية المصرية، وكانت بمثابة الطبقة التى تعلو الأخرى حتى تشكلت فى النهاية شخصية المصرى الجدع، الشهم ابن البلد الذى تراه ويبهر الدنيا، أو هذه الحضارات كانت بمثابة الأعمدة السبعة التى تشكلت وتأسست عليها الشخصية المصرية كما قال المفكر الليبرالى الراحل د. ميلاد حنا فى كتاب عبقرى حمل نفس المعنى.
 
منتدى شباب العالم، تلك المبادرة العبقرية التى أصبحت علامة ينتظرها شباب العالم اختار هذا العالم محتوى هذا الكتاب العبقرى، ليكون أساس مناقشات وندوات منتدى شباب العالم الذى سيعقد دورته الثانية فى شرم الشيخ من 3 إلى 6 نوفمبر المقبل بحضور قرابة خمسة آلاف شاب من شتى أنحاء العالم، وشتى محافظات مصر.. هذا المنتدى العبقرى يمثل فرصة ذهبية لكى يتعرف سفراء شباب العالم، وعلى رأسهم شباب مصر نفسها، سر عظمة مصر، وسر تفردها، ومكنون الروعة فى الشخصية المصرية لكى نؤكد عليها ونعززها، ونبنى عليها.. وتعرف أن مصر الحضارة الضاربة فى التاريخ السحيق تعرضت لمحن كثيرة خرجت منها، وبقيت وصمدت بفضل عظمة الشخصية المصرية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة