أشرف رشاد

سلامة ما فيهوش خير.. وخير مش فى سلامة

الأحد، 23 يوليو 2017 06:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عم سلامة الرجل البسيط يصحو كأن إنسان سوى لكى يصلى فرض الرحمن، و يخرج للبحر يمارس أقدم مهنة عرفها الإنسان ( الصيد )  التى كانت و ما زالت بالإضافة لكونها سبيلا لكسب العيش هى من المهن الروحية التى يرتبط بها أصحابها، فتسلبهم عقولهم و تشغل قلوبهم، فتجد الصياد وهو يمارس مهنته كالراهب يتبتل فى معبده منتظرا بالصبر عطاء الرب، ناهيك عن أن الصيد ظل منبعا لعباقرة الأدب طوال التاريخ ومن ينسى رائعة أرنست هيمنجواى ( العجوز و البحر ) أو جوهرة جون شتاينبيك ( اللؤلؤة السوداء ) و غيرها الكثير.

 

نعود لعم سلامة الذى عاد الآن من البحر بصيده قانعا راضيا يسير نحو السوق ليعرض بضاعته هنا و هناك، يأخذ مكانه منتظرا من يرسله الله ليعطيه النقود ويأخذ السمك ، هذا طبعا كان أيام زمن الصيد الجميل قبل استخدام الديناميت و البودرة و غيرها و قبل أن تذهب إلى السوق فتختار ما تريده من السمك طبقا لما تريد أن تصاب به من السموم .

 

باع عم سلامة صيده و عاد لأهله و تناولوا الطعام و أخذ ولديه فى حضنه و نام، فلا ننسى أن عم سلامة معه الصيد صباحا باكرا، فما زال سلامة فيه خير و الخير باق فى سلامة.

 

هناك حدث مهم يجرى فى القرية فدكان كبير يجرى افتتاحه الْيَوْمَ يبيع التليفونات الجواله للناس بأقساط لكى يدخلوا عصر المدنية و يواكبوا المدينة و بدأ الناس يتهافتون للشراء و بدأ الجميع يخوضون غمار التواصل الاجتماعى و الفيس بوك و يذوقون إغراء الشات و التعرف على عوالم جديدة و أناس آخرين ، فقد اكتشفوا بين ليلة و ضحاها أن هناك أناسا يعيشون غيرهم و بطريقة تختلف عنهم .

 

الساعه الثانية صباحا، و ما زال عم سلامة مستيقظا على الفيس بوك و لم ينم مبكرا و قد اكتشف تلك البودرة السحرية التى يلقيها على المياه فيخرج السمك طافيا على وجه المياه ليجمعه بلا تعب فلن يأخذ منه الصيد أكثر من نصف ساعة، لا حاجة للنوم مبكرا ، ناهيك عن ولديه اللذين خرجا و لم يعودا حتى الآن، فقد ذهبا لمقابلة أصدقاء جدد تعرفا عليهم من الإنترنت، صحيح أنه يلاحظ عليهما هذه الأيام قلة الطعام و هالات سوداء غريبة تتكون تحت عينهما، لكن لا يهم هما ناضجان بما فيه الكفاية .

 

يذهب عم سلامة إلى البحر و يعود بسمكه المسموم إلى السوق و لكن لماذا لا يشترى أحد السمك !! ، يظل منتظرا و لم يبع إلا القليل و يعود إلى بيته و قد قرر أن عليه الآن أن يستريح و يترك العمل لولديه فلابد أن يتوقفا عن التعليم و يمارسا العمل فهو من حقه كما قرأ و رأى، يواجه عم سلامة ولديه بالموضوع و تحدث المشاجرة التى لا يمكن أن تنتهى إلا بهروب الولدين من البيت، حيث العالم الأكثر وحشية فى الشارع، و لكى يضما اسميهما بأحرف من الرماد الأسود فى أسماء اللصوص و المجرمين .

 

مر عمدة القرية بجوار منزل عم سلامة وقف متأملا و هو ينظر إلى باب المنزل المفتوح و كأنه باب قبر ينتظر صاحبه و أخذ يمصمص شفتيه حزينا قائلا : سلامة لم يعد فيه خير.

ونظر مرة أخرى إلى البحر و هو يستعد لذلك الوباء الذى اجتاح القرية، فهل لديه القدرة أن يمنع ذلك الوباء، ربما يستطيع قبل فوات الآوان ... ربما










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة