وفاء عبدالسلام

دورة رمضانية.. «التضحية»

الجمعة، 23 يونيو 2017 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دورتنا الرمضانية اليوم عن التضحية
والتضحية بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى، مع احتساب الأجر والثواب على ذلك عند الله عزَّ وجلَّ. 
قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. 
 
إشارة إلى أنَّ المؤمن الذى يُضَحِّى بنفسه فى سبيل نصر دينه والدفاع عن وطنه، هو من الشُّهداء الأبْـــرَار، الذين يظفرون بجنان الخلد، وهم أحياء، أرواحهم فى حواصل طير خُضْر، تسرح فى الجنَّة حيث شاءت. 
 
وعن التَّضْحية بالمال عند النَّفقة قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله».
 
وللنضحية فوائد كثيرة، ففى التَّضْحية نصرة للدين، وفيها تحقيق التكافل بين طبقات المجتمع.
وفى التضحية تقوية الأمَّة، وتحقيق تماسكها، فيهابها أعداؤها، وتصبح قويَّة البنيان عزيزة الجانب، وفى التَّضْحية تحقيق التَّراحم بين نسيج المجتمع كله، وبها أيضا تحقيق العزة والسّعادة. 
 
وتدل وقائع التربية النبوية على أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يشترطها، ويجعلها شارة الإيمان وصدقه، والإنسان عنده ميل فطرى إلى أن يضَحِّى بنفسه وماله فى سبيل المثل الأعلى، بل إنَّ هذه التَّضْحية هى أمر راسخ فى فطرة الإنسان، وجزء من وجوده، وما تعظيم الشَّجَاعَة عند البَشَر إلا تقديرًا لقيمة التَّضْحية فى سبيل المثل الأعلى، ولذلك جُعل الجهاد أفضل الأعمال.
 
والتَّضْحية مراتب، فالتضحية بالنفس فى سبيل الوطن من أعلى مراتب التَّضْحية، فهى التخلى عن كل شىء وتقديم الروح من أجل الحفاظ على الوطن.. وهى كذلك فداء وتقديم الغالى والنفيس من أجل تحقيق الأمن والأمان والحفاظ على استقرار الوطن.. فالتضحية ليست فقط كلمة تقال، بل هى فعل حقيقى يقوم بفعله كل شخص وطنى محب لوطنه.. وأجدادنا قدموا أرواحهم فى سبيل أن نعيش نحن جيل المستقبل فى أمان واستقرار.
 
وهناك أيضا التضحية بالمال، كما فى حديث عن ابن عباس، قال: «كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه فى كلِّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فَلَرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجود بالخير من الرِّيح المرسلة». 
 
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: «سمعت عمر بن الخطّاب، يقول: أمرنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن نتصدَّق، فوافق ذلك عندى مالًا، فقلت: «اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالى، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شىءٍ أبدًا». 
وكذك التَّضْحية بالوقت لبذل العلم، والتَّضْحية بنفع البدن.
 
إنَّ رَّسول الله، صلى الله عليه وسلم، قمة فى الأخلاق الكريمة، وفى التَّضْحية والشَّجَاعَة، فكان أشجع النَّاس، وأقواهم قلبًا، وأثبتهم جنانًا، وقد كانت حياته كلُّها تَضْحية فى سبيل الإسلام، فعن أنس، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد أوذيت فى الله، وما يؤذى أحد، وأخفت فى الله، وما يخاف أحد، ولقد أتت على ثلاثون ليلة من بين يوم وليلة، وما لى ولبلال، رضى الله عنه، ما يأكله ذو كبد إلا ما يوارى إبط بلال».
 
وضرب صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مثلا رائعا فى التضحية مقتدين بالحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، فهذا سيدنا عمر بن الخطَّاب، رضى الله عنه، كما جاء فى حديث ابن عمر، رضى الله عنهما: «أنَّ عمر بن الخطَّاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النَّبى، صلى الله عليه وسلم، يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إنِّى أصبت أرضًا بخيبر، لم أصب مالًا قطُّ أنفس عندى منه، فما تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها. قال: فتصدَّق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدَّق بها فى الفقراء، وفى القُرْبى، وفى الرِّقاب، وفى سبيل الله، وابن السَّبيل، والضَّيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير مُتَمَوِّل».
 
اللهم اجعلنا ممن يسخّرون أموالهم وجهودهم وأوقاتهم وأرواحهم فى سبيل نصرة ديننا الحنيف ورفعة وطننا الحبيب، اللهم احفظ مصرنا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة