سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 مايو 1963..ملايين الجزائريين فى استقبال عبدالناصر والدموع تغالبه أثناء تقبيله ابن شهيد

الخميس، 04 مايو 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 مايو 1963..ملايين الجزائريين فى استقبال عبدالناصر والدموع تغالبه أثناء تقبيله ابن شهيد عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الثانية عشرة ظهرًا حين أطل جمال عبدالناصر من شرفة اليخت، الذى أقله من مصر إلى الجزائر يوم 4 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1963، ووسط تكبيرات الجماهير وهديرها، تقدم الرئيس الجزائرى، أحمد بن بيللا، ووزير الدفاع، هوارى بومدين، إلى سلم اليخت لاستقبال ضيفهما الكبير، الذى ساند الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، حتى الاستقلال يوم 5 يوليو 1962 بعد استعمار دام 130 عامًا، ووفقًا لفتحى الديب، ضابط المخابرات المصرية ومسؤول الدائرة العربية فى رئاسة الجمهورية، الذى وصل إلى الجزائر يوم 2 مايو لمتابعة الزيارة: «فاقت الحشود الجزائرية فى استقبال عبدالناصر كل تصور، ويؤكد فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر» عن «دار المستقبل العربى - القاهرة»، أنه فوجئ باكتظاظ العاصمة بالحشود، التى وصلتها من كل أنحاء الجزائر، واضطر الذين لم يجدوا مأوى منهم أن يفترشوا أرصفة الشوارع ووسائل النقل، التى حضروا بها، ويؤكد الديب الذى كان مكلفا من عبدالناصر بملف الثورة الجزائرية: «أبلغنى المسؤولون مواجهتهم لموقف عصيب لتوفير الغذاء والإعاشة لما يزيد على مليون وافد جزائرى على العاصمة، بالإضافة إلى سكانها الأساسيين، وأن الجماهير زحفت منذ الصباح الباكر ليوم 4 مايو لتحتل الشوارع، التى سيمر بها موكب عبدالناصر من الميناء إلى قصر الشعب المعد للضيافة».
 
شق الموكب طريقه فى سيارة مكشوفة، وعجز الأمن فى السيطرة على اندفاع الجماهير فتفتق ذهن بن بيللا إلى فكرة إحضار سيارة إطفاء كبيرة ليعتليها الرئيسان بعد أن أصرت الجماهير على محاولة رفع السيارة الأولى المكشوفة ليحملوها، وتحرك الموكب من جديد ليصل إلى قصر الضيافة فى خمس ساعات فى حين أن مسافته الطبيعية هى نصف ساعة فقط، وأثر هذا المشهد على وجدان الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، مؤكدا أنه لا يستطيع أن ينساه، وفى مقاله «بصراحة» بعنوان «عائد من الجزائر» عن «الأهرام 10 مايو 1963» يقول: «عشت وسط زحام ليس بمقدورى وصفه، مئات ألوف وسط شارع واحد فى الجزائر تجمعوا ليستقبلوا عبدالناصر ويمدوا له أيديهم سلامًا، وينادوا باسمه محبة، بحر من البشر، أمواج تتدافع على أمواج، وهدير عاصفة كأن قوى الطبيعة الغلابة كلها تجمعت فيها»، ويروى هيكل: «وسط العاصفة الرائعة برزت من الخضم الهائل شابة ترتدى السواد، ومعها طفل صغير راحت تخلصه من الزحام، وتحاول أن تجتاز به النطاق الأخير من حول عبدالناصر وبن بيللا وبومدين، وقبل أن يشعر أحد كانت الشابة قد اقتحمت طريقها إلى النطاق الضيق، الذى وقف الثلاثة فيه، وتقدمت إليهم، ورفعت رأسها بكبرياء حزين وقالت لعبدالناصر: قبل هذا الطفل يا سيدى، لقد مات أبوه من أجلك، قتلوه تحت رايتك، طارده المستعمرون، وهو يحمل علمًا للجمهورية العربية، وظلوا وراءه حتى أفرغوا فيه رصاصهم، واستطردت الشابة لابسة السواد: كان أخى يا سيدى، وهذا ابنه، وأنا أريدك أن تقبله، وأعلم أن ذلك سوف يرضى الشهيد، وخانها الكبرياء وارتجف صوتها بالدموع وسط العاصفة الرائعة من حولها وهى تكرر: قبله يا سيدى، مات أبوه من أجلك، وقتلوه تحت رايتك».
 
رفع «عبدالناصر» ابن الشهيد يقبله، وحسب هيكل: «كانت الشابة لابسة السواد الحزين مازالت تبكى، ولأول مرة فى حياتى رأيت فى عينى عبدالناصر الدموع».
 
فى مساء نفس اليوم وأمام مئات الآلاف، خطب عبدالناصر وبن بيللا، قال بن بيللا: «الجزائر كانت تناضل وتنظر شيئين: يوم الاستقلال، ويوم يزورها عبدالناصر، إن الجزائر لم تشهد يومًا كيوم وصول عبدالناصر حتى ولا يوم الاستقلال، أريد أن يسمعها الجميع لا أستثنى منهم أحدًا، فى وقت الأزمة وقبل أن تكون هناك ثورة، لم نجد شرقًا ولا غربًا إلى جانبنا إلا رجل واحد هو جمال عبدالناصر، يوم كان فى الجزائر جزائريون لا يرون احتمالا للنصر، ويوم كانت الأحزاب كعادتها تتصارع من أجل الكسب السياسى، وجدت فى القاهرة رجلا لم يتردد لحظة فى أن يضع كل الإمكانيات المادية والمعنوية لمصر تحت تصرف الثورة الجزائرية ومن أجل نصرها».
 
وقال عبدالناصر: «أحمد الله أن الحرية رفرفت علينا فى المشرق، وأن الحرية رفرفت أعلامها هنا فى المغرب، وأن أمة العرب تسير رافعة أعلام الحرية».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة