المرأة فى روايات نجيب محفوظ.. مقهورة وضحية ومخلصة.. "أمينة ونور وحميدة وإحسان" الأبرز.. وكتاب: عميد الرواية يدين المجتمع ويتعاطف مع "الخاطئات"

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016 12:14 م
المرأة فى روايات نجيب محفوظ.. مقهورة وضحية ومخلصة.. "أمينة ونور وحميدة وإحسان" الأبرز..  وكتاب: عميد الرواية يدين المجتمع ويتعاطف مع  "الخاطئات" نجيب محفوظ وزوجته
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وحده نجيب محفوظ هو الذى استطاع أن يهزم شاشة السينما.. استطاع بالورقة والقلم أن يرسم صورة، ويقدم مشاهد من زوايا مختلفة تفوقت على تلك المشاهد التى صنعها المخرجون بكاميراتهم لرواياته، كل شخصية من شخصيات رواياته كانت تنبض بالحياة على الورق قبل أن يسعوا لإعادة بعثها على شاشة السينما مرة أخرى.. كل بطل وكل حارة وكل حدوتة وكل قصة حب فاشلة وكل نهاية سعيدة كنا نشاهدها على ورق روايات نجيب محفوظ دون الحاجة إلى مخرج وكاميرات وممثلين ودار عرض، هكذا تحدث الكاتب الصحفى محمد الدسوقى رشدى، عن أعمال الراحل نجيب محفوظ. 

صاحب نوبل، الذى جسد العديد من الشخصيات داخل الواقع المصرى، متأثرا ببيئة الشعبية البسيطة وبعمقها الأصيل، استطاع بعبقرية، أن يوظف المرأة فى أكل أعماله وحملها رسائله للقراء، فالمرأة عنده تاريخ وجغرافيا وانتصارات وانكسارات عاشتها مصر التى كتب عنها.

كانت للنساء داخل روايات محفوظ، تناول وطعم مختلف، فمن ينسى حدوتة أمينة فى "الثلاثية، جليلة فى "حديث الصباح والمساء"، حميدة فى "زقاق المدق"، زهرة فى "ميرامار"، إحسان فى "القاهرة 30"، نور فى "اللص والكلاب"، ونفيسة فى "بداية ونهاية".

وبالنظر فى أعمال "محفوظ" التى قدمت للسينما كان للفنانة الكبيرة شادية حضورا عظيما، ما أسماه البعض بالعشق الفنى المشترك، حيث قامت "دلوعة السينما" بتقديم 4 شخصيات من نساء نجيب محفوظ، بداية من "نور" فى "اللص والكلاب"، ومرورا بـ"حميدة" فى "زقاق المدق"، و"كريمة" فى "الطريق" وانتهاء بـ"زهرة" فى "ميرامار"، كما لعبت نجوم كبار أدورا فى دراما "محفوظ" منهم "السندريلا"، 6 أعمال: "الطريق"، و"القاهرة 30، "أميرة حبى أنا"، و"الكرنك"، و"أهل القمة"، و"الجوع"، وأيضا "الجميلة" نادية لطفى.

نساء

فى دراما "محفوظ"..

الست "أمينة" الثلاثية 1966

تبقى شخصية الست "أمينة" زوجة السيد أحمد عبد الجواد فى الثلاثية، كنموذج للمرأة التى تحيا فى ظل زوجها دون أن تكون لها شخصية، ولم ترتكب خطأ طيلة حياتها مع الزوج العنيف، لتمثل دور المرأة المستكينة المقهورة والتى عرفت بجملتها الشهيرة "حاضر يا سى السيد"، جسدته بعبقرية الراحلة آمال زايد.

إحسان "القاهرة 30" 1966

لعبت السندريلا سعاد حسنى دورا من أبرز أدورها فى السينما المصرية حينما جسدت شخصية إحسان شحاتة، المخطوبة للشاب الاشتراكى على طه، وهى واحدة من أسرة فقيرة تدفعها أمها للزنى وطريق الليل بإشراف أبوى فتقع فى مأزق الحيرة وسرعان ما تخرج منه إلى أحضان أحمد مظهر لتبدأ ملحمة «القاهرة 30» وظهور الشخصية الأسطورية محجوب عبد الدايم.

ريرى "السمان والخريف" 1967

نادية لطفى قدمت فى هذا العمل أداء بارعا ومختلفا لكيفية تحول الفتاة البسيطة إلى فتاة ليل، ثم عادت وبرعت وأبكت قلوب الجميع حينما طردها عيسى بعد أن صارحته بخبر حملها، ثم قدمت أروع مشاهد عمرها حينما جلست خلف نافذة المقهى تنظر لعيسى كأنها تتوسل الأمل لتصنع بهذا المشهد أسطورتها السينمائية تحت إشراف نجيب محفوظ.

زهرة "ميرامار" 1969

لعبت دور "زهرة" القديرة شادية، وجسدت فى "زهرة" الشخصية المحورية والفتاة الريفية التى هربت من أسرتها، لأن أهلها أرادوا تزويجها من رجل عجوز لأجل ماله، حيث تأتى المصادفة بها إلى بنسيون "ميرامار" لتخدم مجموعة من الرجال ينتمون إلى جيلين مختلفين ومشارب سياسية واجتماعية مختلفة.

نفيسة "بداية ونهاية" 1960

قدمت سناء جميل شخصية نفيسة، تلك الفتاة التى بدأت شريفة ثم مات والدها واضطرت للعمل خارج البيت خياطة لإعالة إخوتها وأمها.. وعاشت عنوسة قاتلة بكل تفاصيلها النفسية والسلوكية المرتبكة، فبحثت عن المتعة عن طريق البغاء فى السر والخفاء، كل ذلك أدى بها إلى الانتحار بعد محاولات دائمة لاستخدام السخرية كحل لمواجهة متاعب حياتها.

حميدة "زقاق المدق" 1963

من أبزر أعمال شادية حيث قامت بدور حميدة الفتاة الجميلة المتمرّدة، فقد قادها تمرّدها وطموحها غير المتريِّث إلى الوقوع فى حمأة الرذيلة، ففقدت عفّتها، وفقدت احترام أهل الحى.

أراء وكتاب

ويقول الناقد والروائى الدكتور أشرف الصباغ عن الشخصيات النسائية فى أدب "محفوظ" "النماذج البشرية النسائية لدى محفوظ تحتاج لا إلى سينما بقدر احتياجها إلى المسرح، أى أن نساء محفوظ يمكن أن يجتمعن فى نص درامى يجرى طرحه على خشبات المسارح لتتحاور، على سبيل المثال، إحسان (القاهرة الجديدة) مع حميدة (زقاق المدق)".

وأضاف " تعامل محفوظ مع المرأة ليس باعتبارها كائناً اجتماعياً مظلوماً ومقهوراً، بل باعتبارها مسؤولة مسئولية كاملة عن نفسها وحياتها، وباعتبارها فرداً اجتماعياً يمتلك كل القدرات والإمكانات التى تؤهله لتحقيق ما يريده، وبالتالى فالمرأة عند نجيب محفوظ كانت كائناً من لحم ودم وليس كائناً نظرياً مجرداً فى الأذهان، أو مجرد كلمة سقطت من أحد الكتب السميكة".

أما الكاتبة فوزية العشماوى فقالت فى ترجمتها لكتاب "المرأة فى أدب نجيب محفوظ": "إن محفوظ، فى احتفائه بالضالات الشاردات، يجتهد أن يجعل القارئ لرواياته يتعاطف معهن، ويتفهم ظروفهن التى دفعت بهن إلى الخطيئة؛ فالظروف القاسية، لا تجتث كل ما هو إنسانى فى الإنسان؛ بل يبقى دائما ذلك الهامش الإنسانى، بمأمن من تلوث الجسد؛ وفى كثير من الحالات، تبقى الروح محتفظة بجوهرها، على درجة من النقاء.

وأضافت "وهكذا، رسم نجيب محفوظ شخصية ( نور) كامرأة ملوثة الجسد، نقية النفس، قلبها من ذهـــب !. ولكى يصل محفوظ إلى درجة الصدق الفنى المطلوبة لكى يقنع قارئه بهذه الشخصية، تخلى عن منهجه الواقعى فى بناء رواية اللص والكلاب، واعتمد على الرمز وتدفق الذكريات ( الفلاش باك )، فنجح – كما تقول المؤلفة - فى أن يلف شخصية نور بدرجة من الغموض، وهو ما يتسق وشخصية المرأة البغي، فى الواقع، إذ يهمها أن تتخفى وتتنكر، فلا ترصدها أعين المجتمع المتحفز لإدانتها"!.

فما تقول الكاتبة آمال عويضة مؤلفة كتاب "نساء نجيب محفوظ" عن تناول نجيب للنساء "الساقطات" فى أعماله "الحقيقة، لسن كلهن ساقطات، لكنه كان يتعامل معهن باعتبارهن كائنات بشرية، (كما يقولون من «دم ولحم» فإيمانه الشخصى بالمرأة يقدمه من خلال عنوانها (اسمها)، ولكى يعكس التضاد الدرامى أو الصدمة الدرامية عند القاريء يضع القاريء ما بين الاسم البديع أو النورانى وواقع الحياة اليومية البائسة، ومعنى هذا أنه لعب على تقنيات الكتابة الدرامية". 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة