خالد عصفور

العاصمة الإدارية الجديدة حلم مصرى أصيل

الأحد، 02 أكتوبر 2016 10:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظهرت فى وسائل الإعلام مؤخرا أحاديث حول الأسباب التى دفعت الحكومة لتدشين مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، لكنها لم تخفف من بعض الانتقادات المصاحبة لهذا المشروع: هناك سببان لإقامة هذا المشروع كما ورد على صفحاتها: الأول أن المشروع سيقلل من اختناق العاصمة الحالية من حيث الزحام السكنى والخدمى، وهذا كلام جميل وكلنا عارفينه ومنطقى جدا، لكن لا يجيب عن سؤال الأولوية.. لماذا الآن ومصر محتاجة كل مصدر دخل متاح للخروج من الكبوة الاقتصادية التى تعانى منها، السبب الثانى هو رفع قيمة الأرض الصحراوية التى كانت لا تساوى شيئا، لكن بعد المشروع سيصل سعر المتر إلى 1000 جنيه هذا على افتراض أن الناس ستفضل السكن جنب الوزارات والسفارات المتواجدة فى العاصمة الجديدة مع العلم أن عندنا أمثلة أيام السادات من مدن لم تنجح فى جذب مجتمعات جديدة لبعدها الشديد عن مركز القاهرة، هذا لا يعنى أن الفكرة خطأ وخصوصا بعد دخول استثمارات صينية بـ35 مليار دولار منذ أيام قليلة، لكن الكلام عن المشروع محتاج القليل من "بهرات وتحابيش".
 
قبل البدء فى مشروع ضخم كهذا وضخ أى أموال فيه، أرى أنه يجب الاجتماع بكل الشركات الكبيرة التى تسيطر على حركة العقارات فى مصر منها الأجنبى ومنها المصرى ثم تقوم الدولة بإعطاء الأرض لهم "ببلاش" نعم "ببلاش" ثم تشاركهم بمقدار رمزى فى الربح  عند البيع، يقوم هؤلاء ببناء 30% من الأرض والدولة تبنى الوزارات وخدمات عامة مثل مستشفيات ومدارس ونوادى وحدائق عامة على 10%، مع العلم أن الشركات الكبيرة هذه يجب أن تخاطب فئات المجتمع الأربعة وهى الفقيرة والمتوسطة والفوق المتوسطة والغنية، يترك لهذه الشركات حرية التصميم و التسويق. و لكن مع التشديد على وقت إنهاء المشروع وتسكينه مع مراجعة سعر البيع حتى لا يبالغ فيه. و مع بداية حركة البيع و السكن و نزوح عدد كبير من المواطنين (بسبب ان سعر الوحدة السكنية سينخفض جذريا نظرا لان سعر الارض منعدم)، يتم فتح باقى مسطح المشروع للاستثمار المباشر للمواطنين والشركات الصغيرة و لتكن تحت ادارة الهيئة الهندسية، بعدها يتم الإعلان عن اتفاقية مجمعة بين الدولة و هؤلاء الشركات للمرحلة الأولي، على رأسهم الشركات الصينية التى تم الاتفاق معها مؤخرا، فى حفل إعلامى كبير لا يقل أهمية عن الذى تم عمله لقناة السويس.
 
أما من ناحية التخطيط و الفكر المعمارى لابد من إعطاء هوية متميزة للمشروع لا مثيل لها فى مصر مثل التى تتمتع بها مدينة "مصدر" فى ابو ظبى لتصبح سبب وجيه للعيش فيها من قبل جموع المصريين ولكى يسهل تسويقها محليا ودوليا.
 
وهكذا يكون التعامل مع المشروع اعلاميا : الدولة لم تدفع مليم واحد فى المشروع، بل هى شريك فى تحقيق "الحلم المصرى الأصيل" فى عاصمة جديدة "ليس لها مثيل"، إذ أن أرض المشروع ببلاش لأى مواطن يريد أن يبنى سكن له ولأسرته لكن يدفع تكلفة المرافق الممتدة للأرض ويكون البناء فور تسلم الأرض بالمرافق، والذى يتأخر عن البناء يتم سحب الأرض منه وإعطائها لمواطن آخر، وأولية حجز الأراضى تذهب للمواطنين الذين يسكنون بنظام الإيجار القديم فى احياء القاهرة المزدحمة وبهذه الأولوية يمكن فك الاشتباك بين المالك والمستأجر والذى دام عقود طويلة دون حل، وتذهب الأولوية أيضا للمصريين المغتربين الذين يمكنهم دفع الثمن بالدولار لإعادة تدفق العملة الأجنبية إلى البنوك المصرية، وعند استلام الأرض يلتزم أصحابها بالتصميمات ومواصفات البناء الموجودة فى كراسة الشروط و يتم الكشف الدورى على عملية البناء من قبل الجيش حتى نبعد عن فساد المحليات. وممكن للمواطن أن يتعاقد مع الجيش مباشرة لبناء مسكنه اذا أراد أو مع أى مقاول اخر تحت مراقبة الهيئة الهندسية .
 
من المتوقع أن تتحمس شركات المقاولات الكبيرة المشتغلة بمصر فى الإسهام بالمشروع خصوصا بعدما أعلنت الشركات الصينية دخولها فى إعمار العاصمة، ولكن اذا رفضت هذه الشركات عرض الرئيس يتم فتح بيع أرض المرحلة الثانية للمصريين و للشركات المحلية الصغيرة مباشرة على أساس الأرض ببلاش ويقوم أى مصرى بحجز الأرض و دفع ثمن المرافق التى تصل اليها و التى أسست على تخطيط مسبق للمشروع، وبعد نجاح المرحلة الثانية ستقبل هذه الشركات شروط الاستثمار التى طرحت عليهم سابقا لأن هذا المشروع سيخفض سعر العقار جذريا فى القاهرة بصفة عامة ما يؤثر على اقتصاديات مشاريعهم القائمة وخصوصا إذا تكررت التجربة فى محافظات أخرى بمصر.
 
نتذكر سويا أن جمال عبد الناصر عمل مشاريع كبيرة و لكن وقعه على المصريين ازداد قوة بعدما وزع الأراضى الزراعية على الفلاحين ببلاش (طبعا على حساب ملاك آخرين وده موضوع قابل للجدال) وهكذا تكون رؤية رئيسنا: بدلا من اعتبار المشروع فرصة تكسب منها الدولة بضعة مليارات تمتص فى سد ثغرات الموازنة المالية  بطريقة غير محسوسة للفرد العادى تقوم الدولة بتوفير أرض البناء للمواطنين ببلاش تحت شعار "ابنى بيتك وحقق حلمك" وبهذا الشعار تنبثق طاقة إيجابية هائلة من قبل الرئيس لتعم جموع المصريين، وينطلق من المشروع شرارة حماس تحرك عجلة الاقتصاد المتباطئة وتضفى تفاؤل على الوضع الراهن يمكن بها أن نواجه تحديات المستقبل .
أستاذ بكلية الهندسة –جامعة مصر الدولية









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة