نيويورك تايمز: داعش يقضى على المسيحيين فى الشرق الأوسط.. مستقبلهم فى المنطقة غير مؤكد.. التنظيم جرد بعض الفارين من أطفالهم..غضب متصاعد حيال التقاعس الأمريكى

الخميس، 23 يوليو 2015 11:03 ص
نيويورك تايمز: داعش يقضى على المسيحيين فى الشرق الأوسط.. مستقبلهم فى المنطقة غير مؤكد.. التنظيم جرد بعض الفارين من أطفالهم..غضب متصاعد حيال التقاعس الأمريكى كنيسة بالعراق - صورة أرشيفية
كتبت إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تساءلت صحيفة نيويورك تايمز عما إذا كانت نهاية المسيحية فى الشرق الأوسط باتت وشيكة، مشيرة إلى أن تنظيم بـ "داعش" وغيره من التنظيمات المتطرفة فى أنحاء المنطقة يستعبدون ويقتلون ويقتلعون المسيحيين من أوطانهم، وسط غياب أى مساعدات دولية أو محلية.

ورصدت الصحيفة الأمريكية، فى تحقيق ما تعرض له المسيحيون فى العراق من وحشية على يد تنظيم داعش منذ سيطرته على الموصل فى يونيو 2014، ثم توسعه ليمتد بين شرق سوريا وغرب العراق، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابى يتطلع حاليا إلى القضاء تماما على المسيحيين والأقليات الأخرى فى المنطقة.

عناصر داعش تكتب حرف "ن" على منازل المسيحيين فى الموصل


وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه بمجرد دخولهم الموصل، الصيف الماضى، بدأت عناصر داعش فى كتابة حرف "ن" على منازل المسيحيين، لحصرها، ثم استولوا على امدادات المياه التى تغذى المنازل فى سهل نينوى، لافتة إلى أن الكثيرين ممن تمكنوا من الفرار إلى قرية قرقوش، التى استولى عليها التنظيم فيما بعد، يحملون الكثير من حكايات القتل الجماعية وقطع الرؤوس.

وتمتد الأراضى التى يسيطر عليها داعش حاليًا، من الحدود التركية مع سوريا إلى مدينة الفلوجة فى العراق، وهى مساحة تعادل تقريبًا مساحة ولاية إنديانا، حسب كاتبة التقرير إليزا جريسوولد، وتشير الصحيفة إلى ما تعرض له المسيحيون وغيرهم من الأقليات من إساءات على يد داعش وربما أقلها تخييرهم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية الباهظة وإما القتل، هذا فضلا عن اغتصاب النساء واستعبادهن وسلب أموال وممتلكات المواطنين.. ووصلت وحشية الجماعة الإرهابية إلى حد بيع النساء فى سوق للنخاسة والاتجار بالجنس.

التنظيم جرد الفارين حتى من أطفالهم


فحتى أولئك الفارين تم تجريدهم من كل ما يحملونه، بما فى ذلك أطفالهم الرضع، ومن بين أولئك عايدة حنا، 43 عاما، وزوجها الضرير خضر عزو عبادة الذى كان مريضا جداً، واستطاع أبناؤهم الثلاثة مع أخيهم الأكبر، الفرار من قراقوش بالكاد آخر ثلاث ساعات قبل سيطرة داعش على المدينة بسبب مرض الأب.

وتقول عايدة إنها بقيت فى منزلها لعدة أيام، مع طفلتها وزوجها الضرير حيث لم تكن حالته الصحية تسمح بنقله، ثم أخبرهم عناصر داعش أن جميع من لم يستطيعوا الفرار عليهم أن يتجمعوا معا بحيث سيتم نقلهم فى حافلات صغيرة لأربيل. وتضيف أنه بمجرد دخولهم الحافلة قام الإرهابيون بتجريدهم من أى أموال أو ذهب أو وثائق. وتتابع أن أحدهم انتزع منها ابنتها كرستين، ذات الثلاث سنوات، وعندما حاولت استرجاعها هددها بالقتل وقال لها عودى للحافلة، ولم ترَ عايدة ابنتها منذ ذلك الحين.

وبحسب روايات الشهود الفارين فإن عناصر التنظيم قاموا بفصل النساء عن الرجال، فيما كان أميرهم يستطلع النساء. وأدرك الأسرى فيما بعد أن عناصر التنظيم كانوا يفصلون الشباب والأصحاء عن كبار السن والضعفاء. ومن بين أولئك الشباب، طلال عبد الغنى، الذى اتصل بعائلته قبل أن يتم أخذ هاتفه منه، حيث قال إنه تعرض للجلد بسبب رفضه اعتناق الإسلام، حسب قول شقيقتيه اللتان تمكنتا من الهرب من قرى أخرى. وقال "دعونى أتحدث لكل منكم.. لا أعتقد أنهم سيدعوننى أرحل"، وكانت هذه آخر كلمات سمعتها عائلة طلال من ابنهم حيث اختفت أخباره تماما.

وتتابع الصحيفة، بحسب شهود العيان، أن بعد فصل الأسرى فى حافلات مختلفة، حيث توجيه الضعاف وكبار السن فى حافلة إلى الشمال خارج قراقوش بإتجاه نهر الخازر، وأخرى بالشباب والأصحاء إلى الموصل. بينما اثنتين من الشابات، رانا وريتا، تم وضعهما فى سيارة دفع رباعى اتجهت إلى الموصل أيضا ليظلوا أسرى لدى التنظيم الإرهابى. وأبلغت رانا، أخيها عبر الهاتف أنها تقوم برعاية طفلة تدعى "كرستينا"، وهى التى تم إنتزاعها من أمها.

وفى آخر اتصال هاتفى، أبلغت رانا عائلتها فى ديسمبر الماضى، أن الشابة التى تم أسرها معها، أخٌذت كجارية لعضو قوى فى تنظيم داعش، فيما أخذت عائلة مسلمة الطفلة كريستينا لتنشأ على الإسلام.

تقلص مسيحيى العراق إلى أقل من 500 ألف منذ الغزو الأمريكى


وتقول نيويورك تايمز إنه طيلة أكثر من عقد، عمد المتطرفون على استهداف المسيحيين وغيرهم من الأقليات فى العراق، بعد الغزو الأمريكى، مما تسبب فى فرار مئات الآلاف. وقال الأب بشار وردة، رئيس أساقفة الكلدان الكاثوليك في أربيل: "منذ عام 2003، فقدنا قساوسة وكهنة وتم قصف أكثر من 60 كنيسة".

وتشير إلى أنه بسقوط صدام حسين، بدأ المسيحيين فى مغادرة العراق بأعداد كبيرة وتقلص عدد السكان إلى أقل من 500 ألف اليوم مقارنة بـ1.5 مليون قبل عقد. وبشكل عام تراجعت أعداد مسيحى الشرق الأوسط من 20% منذ قرن مضى إلى حوالى 5% فى الوقت الحالى

وتضيف أن الربيع العربى جعل الأمور أسوأ، فمع سقوط أنظمة عربية مثل نظامى حسنى مبارك ومعمر القذافى، باتت الأقليات دون حماية. ويتطلع تنظيم داعش الآن إلى القضاء تماما على المسيحيين والأقليات الأخرى، وبالفعل يبث التنظيم الفيديوهات الشائنة لعمليات قتل عشرات المسيحيين نحرا فى ليبيا، فضلا عن غيرهم من الأجانب فى العراق وسوريا. وتقول الصحيفة إن مستقبل المسيحية فى مهدها داخل الشرق الأوسط، بات غير مؤكد.

وتساءل نورى كينو، الصحفى ومؤسس المجموعة الناشطة "Demand for Action"، التى تعمل فى الدفاع عن الأقليات المضطهدة: "كم من الوقت نحتاجه قبل أن نصبح وغيرنا من الأقليات قصة فى كتاب التاريخ.؟". وقالت أنا إشو، النائبة الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكى، ذات الأصول الشرقية: "إن داعش سلط الضوء على القضية.. المسيحية تواجه تهديد وجودى".

ولا تقل معاناة مسيحى سوريا عن إخوانهم فى العراق، فمنذ الحرب الأهلية التى إندلعت فى 2011، سمح الرئيس بشار الأسد للمسيحيين بمغادرة البلاد، بعد أن واجهوا وحشية التنظيمات المتطرفة مثل جبهة النصرة وداعش. وقد وجد نحو ثلث مسيحو سوريا، أى حوالى 600 ألف، أنفسهم بلا خيار سوى الفرار. وفى فبراير الماضى، خطف تنظيم داعش أكثر من 250 مسيحيا من قرية الحسكة السورية وفيما أطلق سراح 29 شخصا دون وضوح الأسباب، بقى 230 شخصا ويطالب التنظيم الإرهابى بفدية تبلغ 23 مليون دولار أى 100 ألف عن كل شخص.

غضب متصاعد حيال التقاعس الأمريكى


وتشير نيويورك تايمز إلى أن فى ربيع هذا العام، إجتمع مجلس الأمن الدولى، لمناقشة محنة الأقليات الدينية فى العراق، حيث قال المفوض السامى لحقوق الإنسان، الأمير الأردنى زيد بن رعد: "إذا كنا نحضر من أجل حقوق الأقليات فقط بعد بدء ذبحهم، فمن ثم فإننا فشلنا بالفعل". وتقول الصحيفة إن عقب انتهاء المؤتمر، كان هناك غضب متصاعد حيال التقاعس الأمريكى.

ومنذ أكتوبر 2013، قدمت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية تبلغ 416 مليون دولار فقط، وهو أقل كثيرا مما هو مطلوب. وقال الأب لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، فى العراق، "إن الأمريكان والغرب كانوا يقولون لنا إنهم أتوا ليحققوا الديمقراطية والحرية والرخاء. ولكننا نعيش فى فوضى وحرب وموت ومحنة ثلاثة ملايين لاجئ".

ومن بين 3.1 مليون لاجئ عراقى، 85% مسلمين. فبالإضافة إلى الأقليات الدينية فإن المسلمين أنفسهم سنة وشيعة عانوا بشدة جراء وحشية التنظيمات المتطرفة. وقال ديفيد سيبستيان، السفير الأمريكى المتجول للحرية الدينية، إن الجميع شاهد الإجبار على اعتناق الإسلام والصلب وقطع الرؤوس، الذى تعرض له المسيحيون، فى المقام الأول، وغيرهم من الأقليات مثل اليزيديين، مضيفا بالقول "اضطهاد مثل هذه الأعداد الكبيرة أمر مقلق للغاية".

وخلصت الصحيفة مشيرة إلى أن الرئيسين الأمريكيين السابق جورج بوش، الإنجيلى المحافظ، وباراك أوباما، الليبرالى التقدمى، لم يجرؤا على معالجة محنة المسيحيين بصراحة خوفا من السرد الخاص بوصفهم كاصليبيين أو إتهامهم بالوقوف وراء صراع الحضارات. وختمت الصحيفة قائلة إن مصير المسيحيين فى الشرق الأوسط ليس مسألة دين، بل هو جزء لا يتجزأ من أنواع المجتمعات التى ينبغى أن تزدهر بينما تتفت خريطة المنطقة.


موضوعات متعلقة..


- داعش تعلن مسؤوليتها عن تفجير أوقع 20 قتيلا ببغداد









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة