"افتح قلبك مع د.هبة يس".. ولهن مثل الذى عليهن

الأربعاء، 20 مايو 2015 02:41 م
"افتح قلبك مع د.هبة يس".. ولهن مثل الذى عليهن هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أرسلت ( ع ) إلى افتح قلبك تقول



أنا زوجة فى بداية الأربعينات، مشكلتى قد تبدو غريبة، فأنا لم أر أحدا يشكو من مثلها من قبل، وهى أن زوجى العزيز شخص (يرضى بالقليل) إلى أبعد حد، وفى كل شىء.. فى عمله، وفى بيته وسيارته، وفى ملبسه ومأكله ومقتنياته... كل شىء بمعنى الكلمة، حتى فى متعته، فهو لا يطلب شيئا ولا يتمنى شيئا، ووسيلته الوحيدة للاستمتاع والترفيه عن نفسه هى مشاهدة التليفزيون.
وبما أنه هو كذلك، فهو لا يتفهم ألا يكون الآخرون مثله، فهو دائما مستنكر من رغبتى فى الخروج أو شراء شىء جديد، أو أى شكل من أشياء التغيير، وقبل أن تحكمى على فأنا لست بالزوجة الطماعة أو زائدة التطلع كما ستعتقدين، بالعكس أنا كل ما أتمناه وأحلم به عادى جدا ومشروع، فلا أتمنى أكثر من أستمتع مع زوجى وأمتعه كأى زوجين فى مثل عمرنا.
وهو كذلك أيضا مع الأولاد، فهو يرى دائما أن كل متطلباتهم ليس لها ضرورة، وأنه يمكن الاستغناء عنها، وهذا قد يكون صحيحا أحيانا بالفعل، لكن ليس دائما، لكن الأولاد أصبحوا يفهمون ذلك عن والدهم، وأصبحوا يتوجهون لى أنا بأى طلب مباشرة تجنبا لتعجب واستنكار أبوهم المستمر.
زوجى شاب، ووسيم، وبصحة جيدة، لكنه ولشدة تنازله عن كل شىء يبدو كالعجوز، فهو لا يهتم بمظهره إلا فى أضيق الحدود، فلا يرتدى شيئا مهندما إلا إذا كان هناك مناسبة، وطبعا لا يعرف شيئا اسمه الاهتمام بنفسه داخل البيت من أجلى، فهو يرتدى نفس (البيجامات) منذ 12 سنة منذ أن تزوجنا، وعادة ما يرتدى النصف العلوى لبيجاما مع النصف السفلى لأخرى، لا يستخدم العطور ولا حتى (اسبراى العرق) إلا إذا كان سيقابل شخصا مهما، لا يحلق ذقنه إلا لضرورة، وكلما طلبت منه يرد على بأنه طالما أنه نظيف فلا شىء مطلوب أكثر من ذلك.
تحدثت كثيرا، ولمحت، وطلبت بشكل مباشر وغير مباشر، ولكن شيئا لا يتغير، حتى مللت، وسلمت بأنى يجب أن أعيش معه كما هو وأن أعتاد على ذلك، لكنى بعد فترة، وبشكل تلقائى وجدت نفسى وللعجب أفعل مثله، فلا أتجمل له، ولا أبذل أى جهد زائد عن الحاجة، حتى ملابس النوم الخاصة بى لم أغيرها منذ سنوات، ولم أعد استخدم مستحضرات التجميل أو العطور نهائيا تقريبا، لا أعرف لماذا، حتى أصبحت أنظر فى المرأة فأرى نفسى وقد أصبحت عجوزا أنا الأخرى، فقد زهدت كل الكماليات ووسائل التجميل والتأنق... تماما كما يفعل، وتلك هى المشكلة، فأنا لم أكن أبدا هذه الشخصية من قبل، بالعكس لقد كنت دائما متأنقة، جميلة، أهتم بكل صغيرة وكبيرة فى شكلى وشخصيتى، صدقينى لقد كنت (ورده مفتحة) كما يقولون قبل الزواج، أما الآن فقدأصبحت أتجنب أن يرانى أحد من أهلى أو أصدقائى القدامى، حتى لا تدمر صورتى التى فى ذاكرتهم، فقد تبدلت تماما خارجيا و داخليا.
أرجو ألا يتهمنى البعض بالتفاهة وبالسطحية، لأنه لو كانت هذه الرسالة قد أرسلها لك رجل يشكو فيها من زوجته، لكان رد الفعل المتوقع من الأغلبية أنهم سيتهمون زوجته بالتقصير و بالإهمال، و كانوا سيطالبونها بالاهتمام بنفسها و بزوجها و برغباته، لهذا أرجو ألا يكيل البعض بمكيالين، و أن يقدروا أن هذا حقى أنا أيضا، أليس (و لهن مثل الذى عليهن)؟.

و إليكى اقول:
أتفهم كل ما قلتيه، و كل ما تشعرى به، و طبعا من حقك أن تحبى أن يهتم زوجك بنفسه من أجلك ,و من أجل نفسه و مظهره فى المجتمع، و بالتأكيد كنت سأقول نفس الكلام بصرف النظر عن جنس صاحب المشكلة، سواء كان رجل يشكو من زوجته أو العكس...لكنه و بكل أسف هذا طبع، و الطباع لا يمكن لها أن تتغير إلا اذا أراد صاحبها نفسه ذلك، و بصعوبة و جهد شديدين أيضا، لهذا لا أنصحك بأن تظلى تحاربين طواحين الهواء لأكثر من ذلك، ف 12 سنة ليست بالمدة القصيرة، و اذا كان زوجك قابلا للنصح و التغيير لكان إستجاب خلال كل تلك الفترة، لهذا أؤيدك تماما فى أن تحاولى التعايش معه كما هو، و أن تتغافلى قدر المستطاع عن هذا العيب، و تحاولى التركيز على جوانبه الإيجابية كثيرا، حتى لا تنفرى منه، و تبتعدى عنه، فيحدث بينكما جفاء و تكرهيه مع الوقت.
و دعينى اخبرك بمعلومة هامة، و هى أنه من الناحية النفسية يمكن تقسيم الناس إلى نوعين من الشخصيات:
1- الشخصية البسيطة: و هى الشخصية القنوعة جدا بحالها، الراضيه عن نفسها، قليلة الاحتياجات، عديمة المتطلبات تقريبا، و التى تمتن لأقل جهد يبذل لها، هذا هو الجانب المشرق من هذه الشخصية.
اما على الجانب الآخر ,فإن هذه الشخصية لا تهتم أبدا بالتحسين من حالها، ولا بتطوير وضعها، فلا تنمى مهاراتها، و لا تستغلها على الوجه الأمثل، و لا تصلح من عيوبها، و لا تغامر أبدا و تفعل شيئا لم تعتاده,و لو حتى من باب المتعة او التغيير أو الترقي، دائما تؤثر السلامة و تتنحى بعيدا عن أى مثيرات للبذل و التعب، و ترفع دائما شعار ( ما أعرفه افضل مما لا أعرفه ).
2- الشخصية المعقدة: و هى العكس تماما، فهى شخصية طموحة جدا، دائمة التطلع لما هو افضل فى جميع المجالات، لا ترضى لنفسها بالمكانة المتدنية، و بالتالى فهى دائمة الجهاد و الاجتهاد لتطوير ذاتها و إمكانياتها، و لتحسين ظروفها، و لإصلاح و تعديل سلبياتها و نقاط ضعفها، و هى شخصية تتسم بالطبيعة التنافسية إلى حد كبير، و شعارها فى الحياة ( و ما نيل المطالب بالتمنى، و لكن تؤخذ الدنيا غلابا ).
أما عن عيوب هذه الشخصية فهى أنها ناقدة جدا، كثيرة المتطلبات، صعبة الارضاء، متغيرة و متسارعة الرغبات و الاحتياجات، ترهق من معها لإسعادها و اشباعها، سقف طموحاتها عالى دائما، تهاجم بشدة كل من أو ما يعرقل طريقها للوصول إلى ما تريد.
_ لهذا فعندما تجتمع الشخصيتان تحن سقف واحد، يحدث تضارب قوى و واضح فى جميع نواحى الحياة، فيبدو و كأن أحدهم _ المعقد_ يجر أو يدفع الآخر دائما، و الذى بدوره يقاومه بشدة على طول الخط.
_ فينتج عن ذلك أن يشعر ( البسيط ) بعدم الراحة و الأمان، و الارهاق و التوتر، و بأنه تحت ضغط مستمر لفعل ما لايريده من اجل ارضاء الطرف الآخر، كما يشعر بعدم الثقة فى النفس ,و بالذنب لعدم قدرته على مجاراة الطرف الآخر، و عجزه عن مواكبة طريقة تفكيره، فيصبح لديه إحساس بأنه غير كافى أو غير جيد بما يكفي، بينما يشعر (المعقد ) بالملل و الاجهاد ايضا، بسبب اضطراره لدفع الطرف الاخر دائما نحو ما يريد، و قد يشعر باليأس منه و من تغيره، فيتملكه الاحساس بانه يعيش بمفرده فى هذه العلاقة، و يشك فى صحة إختياره لهذا الشريك، و يقع فى حيرة طويلة الأمد بين الانفصال عنه و الاستمرار معه.
_ و الحل ليس الانفصال إطلاقا، بل على العكس، فإن اقتران هاتان الشخصيتان قد يسبب نوعا من التوازن فى جميع مناحى الحياة، لكنه يحدث بعد أن يفهم و يعى كل شخص طبيعة نفسه، و بعد أن يتخطى مرحلة الإنكار، لأنه أغلب الناس تقاوم فكرة أن تكون من نوع معين اذا كان لا يروق لها,ثم يحاول كل منهما تقليد الآخر فى بعض إيجابياته، ومحاولة الاتصاف بصفاته الجيدة، فيثابر ( المعقد ) على المزيد من الرضا و القبول، و يجتهد (البسيط ) ليتجرأ على تجربة ما لم يعتاده,و بذل المزيد من الجهد فى الحياة,و بعد ذلك يتفقا على أن يعملا كفريق عمل واحد، يقوى كل منهما الفريق و يعززه بإمكاناته الشخصية.
لكن ما يهمنى فى الموضوع الآن هو أنت، فأنت تقولين أنك أصبحت مثله دون أن تعرفى السبب، لكن السبب غالبا أحد أمرين، الأول أن ( الاهتمام بالنفس ) و تدليلها من عدمه أمر معدي، لهذا قد يزداد اهتمام الشخص بنفسه و بصحته و مظهره _تلقائيا_ اذا تواجد مع شخص يفعل ذلك، و العكس صحيح، فأنت تتأثرين بمن معك، و بنظرته للأشياء و حكمه عليها دون أن تشعري، لهذا فقد أصبحتى ترين هذه الأمور غير ضرورية أنت أيضا كما يراها هو، و أصبحتى تحكمى على الأشياء بحسب مدى الحاجة إليها، مثله أيضا...ببساطة لقد أصابتك العدوى.
أما السبب الثانى، و هو الأعمق و الأكثر خفاء من السبب الأول، و هو أنك تحاولين معاقبة زوجك، بالتصرف معه بالمثل، ظنا منك أنه عندما تذيقيه من نفس الكأس، سيفهم سبب ضيقك و معاناتك و ينصلح حاله، أعتقد أنك لو فكرتى مع نفسك قليلا ستجدين نفسك أصبحتى ( تستخسرين ) فيه ما كنتى تفعليه من أجله من قبل، و تستكثرين عليه إهتمامك بنفسك من أجله، لهذا زهدتى أنت أيضا فى كل وسائل التجميل و التزين.
لكن واضح أن هذا الأمر لن يجدي، فأنت لم تربحى من وراءه شيئا، بل على العكس خسرتي، خسرتى نفسك و رضاكى عنها، فأنا لا يهمنى قدر اهتمامك بمظهرك بقدر ما يهمنى قبولك لصورتك الذاتية عن نفسك، و التى من الواضح أنها تأثرت كثيرا بما فعلتيه مؤخرا من إهمال و عدم إكتراث.
نصيحتى لك لا تخسرى كل شئ، فإن كنتى لا تملكين زوجك، فعلى الأقل عودى إلى نفسك كما كنتي، و استرجعى اهتمامك بها، و تدليلك لها، حتى تتحسن نفسيتك و تستعيدى إقبالك على الحياة من جديد، من أجل نفسك لا من أجل الغير، حتى و أن كان هذا الغير هو زوجك، و من أجل أولادك أيضا، فلا تنسى أن الأمر معدى كما سبق و قلت لك، لهذا حاولى أن تنقلى أنت العدوى الإيجابية إلى أولادك _ خاصة و أن كانوا فتيات_ حتى يصبح أمامهم مثاليا ايجابيا يحتذون به.

الصفحة الرسمبة للدكتورة هبه يس:

Dr. Heba Yassin










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة