"محطات التنقية عايزة تنقية".. خمس محطات تسجل نسب أعلى فى الكلور المستخدم للمياه.. توصيات بتعديل الطرق التقليدية لمعالجة المياه.. ودراسة: زيادة نسبة الكلور تنتج مواد ترتبط بالإصابة بالسرطان

الإثنين، 27 أبريل 2015 05:21 م
"محطات التنقية عايزة تنقية".. خمس محطات تسجل نسب أعلى فى الكلور المستخدم للمياه.. توصيات بتعديل الطرق التقليدية لمعالجة المياه.. ودراسة: زيادة نسبة الكلور تنتج مواد ترتبط بالإصابة بالسرطان محطة مياه – صورة أرشيفية
كتبت رانيا فزاع - أحمد أبو حجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استيقظ سيد من نومه على نوبة سعال شديدة لطفلته الصغيرة، يدخل غرفتها ليجد ابنته التى لم تتجاوز عامها الرابع كادت أن تنضم لتعداد الموتى من شدة السعال.

طفلة صغيرة.. واحدة من حالات الإصابة بسبب الاشتباه فى تلوث المياه


حلا سيد، طفلة من مئات الآلاف من أطفال مصرين الذين يتناولون مياه الشرب العادية، والتى يثار كلاما حول تلوثها، حتى أصبحت ضيفا دائما على العيادات والمستشفيات الخاصة.

اصطحب سيد أحمد طفلته الصغيرة إلى عيادة أحد الأطباء الذى نصحه بعدم تناول طفلته مياه شرب من الحنفية، بسبب زيادة تركيزات الكلور المستخدمة فى تنقية المياه من البكتيريا، والميكروبات، التى تلوث مياه الشرب القادمة من المحطات الحكومية.

الاعتماد على المياه المعدنية يوميا لشرب الطفلة وهو أمر يراه سيد صعبا بالنسبة لظروفه الاقتصادية التى لا تساعده على شراء مياه معدنية يوميا لأسرته.

ويعمل سيد بأحد المقاهى الشعبية بحى دار السلام بالقاهرة، وهو الحى الذى تقبع فيه محطة مياه الفسطاط، وتخدم مناطق دار السلام، ومصر القديمة، والقلعة، والبساتين، والمعادى، والقطامية، ومدينة نصر، والمعصرة، ووسط البلد، وزهراء المعادى، وشمال حلوان، وطره، والمنيل، والدراسة، وصقر قريش، بطاقة إنتاجية وصلت إلى مليون و100 ألف متر مكعب فى اليوم.

أحد الأطباء ينصح بغلى المياه وتركها لفترة حتى يتم القضاء على الميكروبات والبكتريا

وطالب سيد من الطبيب المعالج لطفلته، بتوفير حل آخر لإنقاذ حياتها، وهو ما قال عنه: "نصحنى الطبيب المعالج بضرورة غلى المياه وتركها لفترة حتى يتم القضاء على الميكروبات والبكتيريا الملوثة والمواد العضوية، وأيضا التغلب على نسبة الكلور العالية ثم شربها، وهو الإجراء الذى يقضى على نصف المشكلة تقريبا من وجهة نظر الطبيب".

ويحكى سيد لـ"اليوم السابع" عن ماء الشرب قائلاً: "مياه الحنفية دائما ذات لون أبيض دليل على كثرة الكلور، وتستغرق وقتا لكى تتخلص من لونها الأبيض لتعود إلى طبيعتها الشفافة"، لافتا إلى أن الماء أيضا أصبح ذا رائحة ويشبهها سيد بأنها تشبه رائحة الغبار.

وعلى الرغم من ذلك فإن سيد دائما ما يرى موظفى محطة المياه بصفة شبه دورية يمرون لأخذ عينات من ماء الصنبور "الحنفية"، لكنهم لم يطلعوا أحدًا على نتائج تلك العينات، وهل الماء صالح أم لا، بحسب ما يقوله سيد.

ليس سيد الوحيد من قاطنى منطقة دار السلام، والذين يعانون من مشكلات فى مياه الشرب، لكن محمود عز العرب، من أهالى المنطقة، يرى أن الماء ليست طبيعية، وذات طعم ماسخ، يغلب عليها اللون الأصفر، وخاصة بعد انقطاع المياه لفترة قد تتجاوز الساعة، ثم تعود مرة أخرى محملة برواسب المواسير الحديدية، نتيجة قوة السحب من المواتير الكهربائية الموجودة فى أغلب العمارات، والتى تُسْتَخْدَم لرفع المياه إلى الأدوار العليا.

وأضاف عز العرب لـ"اليوم السابع": "الكلور الزيادة بيخلى شكل المياه بيضا، ودائما ما تحتوى على حبيبات مثل الفوار، ممكن نفضل 10 دقايق فى انتظار زجاجة مياه 2 لتر حتى تترسب، وفى حالة استخدام فلاتر للمياه، فإنك بعد فترة من استخدامها لتنقية المياه يتغير لون الفلاتر هى الأخرى ما بين اصفرار لون المياه وبين تحولها إلى اللون الأسود".

فيما قال رضا عبد المنعم، مراجع مالى بإدارة الشئون الاجتماعية بحى دار السلام: "نشعر بطعم ورائحة الكلور فى كوب المياه، وذلك الشعور ليس وليد اليوم لكنه منذ فترات طويلة".

وتأتى المياه التى يشرب منها نحو 99% من المصريين، من محطات المياه التى تنقى المياه وتعالجها عن طريق مادة الكلور، للتخلص من المواد العضوية والملوثات، لكن ما يحدث فى عدد من محطات تنقية المياه مختلف، فبسبب زيادة المواد العضوية والملوثات، يضطر عدد من العاملين بالمحطات بإضافة كميات أكبر من الكلور للمياه للتخلص منها، ومع زيادة نسبة الكلور تنتج عددا من المواد التى تسبب على المدى الطويل الإصابة بأمراض خطرة.

دراستان جامعيتان: زيادة نسبة الكلور فى المياه تنتج مواد ترتبط بالإصابة بالسرطان


هذا ما كشفت عنه دراستان أجرتهما جامعتان حكوميتان مؤخرا، على عدد من محطات المياه فى القاهرة والمحافظات، وكشفت الدراستان أن استخدام الكلور على نطاق واسع للتطهير يتفاعل مع المواد العضوية الطبيعية الموجودة فى المياه الخام، ويسبب تغيرا فى الطعم، ويُكَوِّن روائح كريهة، وبالتبعية مواد أخرى مثل الهالوميثان المعروف اختصارا باسم "السيمز" (THMS) الذى تشير الدراسات إلى ارتباطه بالإصابة بأنواع مختلفة من مرض السرطان.

الدراسة التى أعدتها كلية العلوم بجامعة القاهرة على عينات من محطات جزيرة الدهب، وإمبابة، والفسطاط لمعالجة مياه الشرب، أجريت للتعرف على العوامل التى تؤثر على تكوين مشتقات ثلاثى الهالوميثان، والمشتقات الهالوجينية لحامض الخليك.

أظهرت النتائج أن أعلى نسبة تكوين للنواتج الثانوية للتطهير، تتكون كلما زادت نسب وكميات الكلور، بالإضافة إلى زمن التفاعل ودرجة حرارة المياه، وكمية المواد العضوية الكلية، وهو ما يزيد معدل تكوين مشتقات ثلاثى الهالوميثان، المشتقات الهالوجينية لحامض الخليك.

توصيات بتعديل الطرق التقليدية لمعالجة وتنقية مياه الشُرْب


ما كشفت عنه الدراسة أن نشاط مادة الهالوميثان يزداد مع المواد العضوية المحبة للماء، وهو ما استلزم من معد الدراسة أن يوصى بتعديل الطرق التقليدية لمعالجة مياه الشرب التى تستخدم الكلور، واستخدام مادة الأوزون بدلا منها، والتخثر المحفز، والترشيح باستخدام مرشحات كربونية نشطة، لتقليل مستوى مشتقات الهالوميثان.

أما الدراسة التى أعدتها جامعة الإسكندرية عن محطة النوبارية، وستة مواقع تابعة لها، فرصدت زيادة فى نسبة الكلور فى مياه محطة النوبارية والتى يبلغ المعدل اليومى لإنتاج المياه بها 510 آلاف متر مكعب فى اليوم.

واستمرت الدراسة عاما كاملا خلال الفترة من يناير 2010 إلى ديسمبر 2010، كشفت أن متوسط جرعة الكلور المبدئى فى المياه الخام 6.5 مجم/ لتر، فيما بلغ متوسط قيمة الكلور المتبقى فى المياه بعد المعالجة 2.9 مجم/ لتر.

وتم رصد أعلى نسبة خلال فصل الصيف والربيع وتراوحت بين 80 إلى 103.2 ميكروجرام/ لتر خلال الأشهر الأكثر دفئا من العام من أبريل حتى أغسطس، وهو ما يخالف المعايير المصرية التى تسمح بوجود 100 ميكروجرام/ لتر وأيضا يخالف اشتراطات منظمة الصحة العالمية التى تشترط إلا تزيد نسبة THMs عن 80 ميكروجرام/ لتر، وأيضا بالنسبة إلى الستة مواقع التابعة للمحطة فإن النسبة وجود THMs تراوحت فى فصلى الربيع والصيف ما بين 85 إلى 120 ميكروجرام/ لتر.

وقالت الدراسة إن وقت التفاعل هو واحد من أهم العوامل فى تحديد تركيزات THM، فعندما يزيد وقت الكلور المتبقى، تزيد وجود هذه المواد فى المياه.

وأوصت الدراسة بضرورة التقليل من جرعات التطهير المبدئية والنهائية، والتعويض بالكلور فى وقت لاحق فى محطات الروافع التابعة لمحطات المعالجة، فهذا يساعد على الحد من وجود أحمال التطهير، وللحد من تكوين مواد السيمز، كما يمكن استخدام بديل التعقيم المبدئى مثل الأشعة فوق البنفسجية، وبرمنجنات البوتاسيوم، وحامض فوق الخليك، والأوزون، أو مزيج من ثانى أكسيد الكلور، والكلورامينات، لاستخدامها فى وجود الكلور المتبقى فى نظام الشبكات.

وقال الدكتور أحمد فهمى، استشارى الرصد البيئى بجامعة القاهرة، والمشرف على الرسالة الأولى، إنه ينتج عن استخدام غاز الكلور فى تنقية ومعالجة مياه الشرب من المواد العضوية، والملوثات العالقة فى محطات المياه، تكوين مركب "التراى هالوميثان" أو مشتقات المطهرات نتيجة التفاعل الحادث بين الكلور، وأى مواد عضوية، بما فى ذلك البكتيريا الموجودة فى الماء.

تراكم "الهالوميثان" فى محطات ومواسير المياه له تأثير ضار على الصحة

وأضاف فهمى "يوجد الهالوميثان فى محطات ومواسير مياه الشرب بقيم تتجاوز المعايير والحدود القصوى التى تحددها منظمة الصحة العالمية"، مشيرا إلى أن هذا المركب له تأثير تراكمى ضار على صحة الإنسان.

وأشار فهمى إلى أن التنقية ليست الخطر الوحيد الذى يواجه مياه الشرب فى مصر، ولكن مواسير التوزيع المتهالكة تمثل خطورة أيضا، نتيجة استخدام مواسير زهر متهالكة، وغير صالحة، تؤدى إلى تلوث مياه الشرب.

وأوضح أن وجود مضخات رفع وسحب المياه إلى الأدوار العليا بالعمارات يزيد من كميات الملوثات فى المياه وخاصة أن تلك المضخات أو المواتير تجعل المواسير تعمل تحت الضغط السالب، نتيجة السحب الشديد من هذه المضخات، فيتم السحب من خارج المواسير إلى الداخل، بما يعنى إمكانية سحب مياه صرف صحى، أو سحب أى مركبات عضوية من محطات البنزين فى حال وجود أى تسريب.

وتابع فهمى: "نواجه مشكلات متعددة ما بين عملية المعالجة والتوزيع عبر الخطوط أو المواسير"، موضّحًا أن استخدام الأوزون كبديل للكلور فى تنقية مياه الشرب لضمان أن تكون الأحمال العضوية التى تسمح بتكوين أقل الكميات الممكنة من الهالوميثان".


موضوعات متعلقة..



- الفوسفات المرحلة الأخيرة فى تلوث نهر النيل.. البداية كانت مع المجارى ومخلفات المصانع وطبعا القمامة.. المواطن المصرى حقق أعلى سكور فى شرب المياه الملوثة.. "يا راجل كبر مخك"

- حتى لا يتكرر سيناريو تسمم أهالى الشرقية بسبب المياه فى قرية المدمر بسوهاج.. الأهالى يحذرون قبل وقوع الكارثة: نشرب المياه مخلوطة بالطين والصرف الصحى.. ولا نستخدم مياه الحنفية لأنها تصيبنا بالأمراض

- تسمم المئات فى الإبراهيمية والأطباء يرفضون كشف السبب.. الأهالى يتهمون مياه الشرب ويشكون من تلوثها.. والمصابون يعانون من نقص عدد الأطباء وسوء المعاملة ونقص الأدوية.. ومدير المستشفى: "كله تحت السيطرة"








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة