(افتح قلبك مع د. هبه يس).. "من جوا يعلم الله"

الأربعاء، 11 مارس 2015 01:09 م
(افتح قلبك مع د. هبه يس).. "من جوا يعلم الله" د. هبه يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينشر الساعة الواحدة ظهرًا

أرسلت (...) إلى (افتح قلبك) تقول:



أنا شابة عمرى 27 سنة، متزوجة منذ أقل من سنة، وأعيش مع زوجى فى إحدى الدول الأجنبية حيث عمله، لم أكن أعرف زوجى قبل الزواج، وإنما كان من ترشيح أحد المعارف، الذى قال لنا إنه يعمل بالسلك الدبلوماسى، وهو فى الأربعين من عمره ولكنه يبحث عن عروس لا تزيد عن 28 سنة.

التقينا لمرات محدودة قبل الزواج لأنه كان مرتبطًا بموعد انتهاء إجازته، فكانت لقاءاتنا عائلية ورسمية جدا، وكلها كانت تدور حول الاتفاقات والماديات والترتيبات، ومن ثم لم نتكلم مع بعضنا إلا قليلا جدا، فهو كان معظم الوقت صامتًا، مفوضًا والده فى الحوار والاتفاقات.

فى المرات القليلة التى تحدثنا فيها سويا اكتشفت أن سنه أكبر من 40 سنة بالمصادفة، كما اكتشف والدى أنه كان له سابقة زواج من قبل فى وسط الحديث أيضا، و ليس بشكل مباشر على لسانه هو أو والده، وقد كانت بداية الحوار أنه سبق له ومر بتجربة (كتب كتاب) لم تكتمل، ولكن ومع المزيد من الكلام اتضح أنها لم تكن تجربة كتب كتاب فقط، بل كان زواجا كاملا، ولكنه لم يدم سوى لشهور قليلة، وكان هذا حين كان عمره 25 سنة حينها، ومنذ ذلك الوقت وهو غير مرتبط ولم يفكر فى الزواج سوى مؤخرا.

حدثت بعض الخلافات بين أسرتينا أثناء شراء الشبكة والتجهيزات المادية، وكنت أعتقد أنها أمور معتادة وستنتهى سريعا دون أى أثر، لكنها وللأسف تركت أثرا عميقا جدا، فقد قاطع زوجى أسرتى تماما بمجرد سفرنا إلى مقر عمله، فلا سؤال ولا اتصال، حتى فى أقسى الظروف، فقد مرض والدى ودخل المستشفى، وتعرض أخى لحادث سيارة أثناء سفرنا، ولم يفكر قط فى حتى مجرد السؤال عليهم تليفونيا.

حياتى معه هنا "خانقة" إلى أبعد الحدود، فهو يستيقظ من نومه مبكرا إلى عمله، ليعود فى موعد الغداء فيتغدى ويقضى بقية يومه متمددا على السرير يطالع الأخبار والمباريات، لا نتكلم ولا ينظر أحدنا إلى الآخر إلا اذا كنا نتشاجر، ومحور شجارنا دائما وأبدا هو عائلتى التى أصبح فيها كل العبر، حتى إنه عندما يحضر شيئا للبيت لا يتوانى عن أن يعايرنى بأن أهلى لا يعرفونه ولا يستطيعون شراء مثله، مع العلم أن أهلى ليسوا بالفقراء أو المتواضعين علميا أو مهنيا أو اجتماعيا.

مللت من حياتى، ومن كثرة المشاكل والنكد والشجار، الذى تطور فى كثير من المرات إلى مد الأيدى، فقد ضربنى أكثر من مرة، وفى أحدهم رددت عليه أنا الأخرى وصفعته على وجهه، التصرف الذى أعجب من نفسى لفعله، فهذه ليست أنا، وليس هذا ما تربيت عليه، ولا تمنيته لنفسى أبدا.

أنا الآن حامل وعلى وشك الولادة، وزوجى يرفض أن أنزل لألد فى مصر، كذلك يرفض تماما إحضار والدتى أو والدى ليكونوا معى، ولو حتى على نفقاتهم الخاصة، وذلك طبعا لأنهم بهم ما بهم من العيوب والمشاكل والسلبيات التى لا تحتمل من وجهة نظره، ولأنه يريد أن يقطعنى أنا وما فى بطنى عنهم لما بقى لنا من عمر.

كل صديقاتى وأقاربى فى مصر يعتقدون أنى أعيش الآن أحلى أيام حياتى، فزوجى ديبلوماسى، وأعيش فى دولة أوروبية، وأنتظر مولودًا، ولكنى فعلا كما يقول المثل (من بره هالله هالله، ومن جوا يعلم الله)، فأنا وحيدة بكل معانى الكلمة، ويمر اليوم تلو الآخر وأنا لا أتحدث مع أحد، أشعر أنى سأمرض إذا بقيت على هذا الحال، فهل من مخرج؟.

وإليكِ أقول:



كان الله فى عونك حبيبتى، فبقدر ما فى حياتك فى دولة أوروبية من بريق وزهوة فى أعين الآخرين، بقدر ما فيها من عناء الوحدة والاغتراب، خاصة لو كنتِ لا تجيدين لغة البلد الذى تعيشين فيه، فهذا حتما سيزيد إحساسك بالغربة والوحشة آلاف المرات، فضلا عن المشاكل الداخلية التى تعانيها مع زوجك... حياة صعبة بكل تأكيد.

لكن اسمحى لى قبل أن أناقش معك الحل أن أسألك وأتوجه بالسؤال إلى أهلك ،وإلى أهل كل فتاة يريدون ستر ابنتهم وتزويجها، لماذا لا يأخذون وقتهم فى السؤال عن (عريس الهنا)، ولماذا يتعجلون للخلاص من ابنتهم فى أقرب فرصة؟، لماذا يصمون آذانهم ويعمون أعينهم عن قراءة علامات الخطر والإنذار التى قد تكون واضحة من البداية؟.

أنا لا أعرف كم استغرقتم من وقت حتى تمت الزيجة، لكن من الواضح أنه ليس بالوقت الكافى لأن يعرف أحدكما الآخر، أو حتى يحاول فهم شخصيته، ولو بقدر بسيط، بخلاف أنكم كأسرة لم تتوقفوا إطلاقا عند المعلومات (غير الهينة) التى عرفتوها عن العريس، والتى زاد فى أهميتها الطريقة التى عرفتوها بها، فسن العريس، وسابقة زواجه وطلاقه ليست بالأمور أبدا التى تعرف بالمصادفة، أو أثناء الدردشة... لماذا لم تتمهلوا لتعرفوا أكثر عن هذا الرجل، وعن طباعه وصفاته، وعن ما سبق ومر به فى حياته؟.

أنا أتفهم أن الأهل يصبحون يتوقون جدا إلى تزويج ابنتهم بعد سن الخامسة والعشرين بالذات، وكأنها أصبحت حملا يجب الخلاص منه فى أقرب وقت، وأتفهم أنه ربما كانت مواصفات عريسك الخارجية مبهرة ولا يمكن رفضها لأنها صعب أن تتكرر... أفهم هذا، لكن دعينى اسألك سؤالاً... هل لو كان عريسك هذا جاء وطلب أن يقترض من والدك مبلغا كبيرا من المال، دون أى ضمانات غير أنه دبلوماسى ويعيش فى أوروبا، هل كان والدك سيوافق؟، بالطبع لا، كان سيرد بمنتهى المنطقية أنه لا يعرف هذا الرجل بشكل كافى حتى يقرضه مبلغا كبيرا من المال، إذا فلماذا قبل أن يقرضه ابنته بالرغم من هذا؟؟؟...

ستقولين لى لقد حدث ما حدث، وتم الزواج وانتهى الأمر، ما العمل إذا؟... العمل فى مثل حالتك هذه أحد حلين، الأول هو الانفصال السريع، فهذا هو الحل الذى أصبح يلجأ إليه أغلب الناس هذه الأيام عندما يواجهون صعوبات وآلام الاختلاف، لاعتقادهم أنهم يوفرون بهذا على أنفسهم عناء سنوات العمر المقبلة... ولا شك أنه يكون حلا مقبولا، بل والحل الأمثل فى بعض الأحيان، وإلا ما كان أحله الله لنا من الأساس.

لكنى أرى أننا أفرطنا فى استخدام هذا الحل مؤخرا، لهذا كثرت المطلقات فى سن العشرينات، والمطلقين بعد شهور من الزواج، والأطفال الذين بلا أب أو بلا أم منذ ولادتهم بالرغم من وجود ذويهم على قيد الحياة... الأمر المحزن والمؤثر حتما، مهما حاولنا التغافل عن أثره أو تجميله.

أما الحل الثانى، وهو الأصعب على المدى القصير، لكنه أيسر على المدى البعيد، وهو بذل الجهد فى التعايش، فهو أمر يتطلب الكثير من الجهد والصبر والتحمل والرغبة الصادقة فى استمرار الحياة، لكنه يضمن المزيد من الاستقرار والأمان والراحة لك ولطفلك ولزوجك على المدى البعيد، فعلى الأقل لن ينشأ ابنك يتيما محروما من أبيه أو من أمه اذا انفصلتما الآن.

دائما أقول لست أنا من يختار، لأنى لست أنت، وأنت وحدك أقدر على معرفة أى الأوضاع يمكنك العيش فيها، وأى الصعاب تستطيعين تحملها، ولكنى أقول إن الإنسان منا يستطيع العيش والتحمل فقط إذا أراد، وإذا أخلص الرغبة فى أن ينجح.

هل سألتى نفسك من قبل لماذا كانت الزيجات تعمر وتطول فى الماضى؟، هل لأنها كانت كلها زيجات سعيدة وموفقة؟... أبدا، فقط لأن الأزواج سابقا كانوا يشعرون أنه لا مفر من المحاولة، ولا بد من الاستمرار، لهذا كان الجميع يفعل كل ما بوسعه للتكيف والتأقلم، بل والعيش فى راحة وسعادة أيضا قدر المستطاع... فلنجرب نحن أيضا، ولا (نستسهل) هدم المعبد.

صديقتى... أدرك تماما وضعك الخانق، وحياتك المليئة بالمشاكل والمشاحنات، لكن فلتحاولى أن يكون لك دور أكبر من المعاناة والشكوى، فلتجربى أن تكونى أكثر إيجابية ومبادرة، فابدأى أنت الحوار مع زوجك اذا لم يفعل هو، واصنعى أنت وقتا جميلا بينكما إن لم يصنع هو، واقتربى أنت منه و تفهميه إن لم يحاول هو... وشيئا فشيئا ستجدين لفعلك هذا أثر بالتأكيد فى يوم من الأيام.

ومن ناحية أخرى يجب أن يكون لك ما يشغلك، لا بد من وجود اهتمام خاص بك بعيدا عن زوجك، احرصى على أن تكون لك شخصيتك وكيانك و دورك الخاصين بك أنت، بعيدا عن زوجك أو أولادك أو أى شىء آخر فى الحياة... صدقينى مشاكلك ستقل وتصغر وسيتقلص حجمها كثيرا عندما يكون لديك ما يشغلك ويملأ تفكيرك حقا.

وهناك مثل جميل جدا يضرب عن الفتاة الشرقية يوضح لك مقصدى، فيشبهون فيه الفتاة الشرقية قبل الزواج كالخيمة التى تقوم على أكثر من عمود، عمود علاقتها بربها، وعمود دراستها، وعمود أهلها، وعمود عملها، وعمود صديقاتها، وعمود هواياتها... و و و، فإذا بها و بعد أن تتزوج تصبح خيمة تقوم على عمود واحد فقط ألا وهو علاقتها بزوجها، تهمل كل شىء ولا تهتم إلا به، فإذا بها تصبح أقل استقرارًا، لأنه من المؤكد أن عمود واحد غير كافٍ لحمل الخيمة بأكملها، وأكثر هشاشة وعرضة للانهدام، لأنه إذا حدث وساءت أو تحطمت علاقتها بزوجها سينهار العمود الوحيد الذى يحمل الخيمة، ومن ثم ستنهدم الخيمة تماما... فهمتينى؟.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبه يس على الـ"فيس بوك":

Dr. Heba Yassin













مشاركة

التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

خلود

يسلم قلمك

عدد الردود 0

بواسطة:

emy

أوافقك في الرأي يادكتورة هبة

عدد الردود 0

بواسطة:

مروه

سنك من سنى على فكره

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة