أنا بنت فى مصر.. حكايات بنات ذقن نار العنصرية فى مجتمع لا يقبل الاختلاف.. تخينة.. منقبة.. محجبة أو مطلقة.. اختلفت الألقاب والتمييز واحد

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015 12:03 ص
أنا بنت فى مصر.. حكايات بنات ذقن نار العنصرية فى مجتمع لا يقبل الاختلاف.. تخينة.. منقبة.. محجبة أو مطلقة.. اختلفت الألقاب والتمييز واحد السمنه - أرشيفية
كتبت رضوى الشاذلى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حكايات لا تختلف كثيراً عن قصص وأد البنات وقلوبهن تنبض بالحياة، المعركة نفسها تدار الآن ولكن بطريقة تناسب العصر، فلم يقدروا على دفنك حية بل يفعلوا بطرق مختلفة، عنصرية تهدم روحك وتهد ثقتك وتبدد عزيمتك، عنصرية لا تهدف إلا للثأر منكِ فقط لأنكِ أنثى، حكايات من القلب لنساء فاض بهن الكيل، تشبعن لسنوات من العنصرية والتمييز والقهر، وتذوقن كل أشكال العنف النفسى الذى مارسه المجتمع لسنوات طويلة، سطور تعبر بصدق عن هذه المعاناة التى لا يعرفها أحد سواهم، قصص تحكى فيها بطلاتها معاناة من نوع خاص، لم تكن تعرف أنها ستعيش فى مجتمع سيقاضيها على شكل جسدها أو حتى لون بشرتها أو حالتها الاجتماعية بل وجدت أقبح من ذلك بكثير...

"أنا بنت سوداء فى مصر".. "يعنى تريقة للصبح"


"معاناة من نوع خاص لا يعرف أحد مدى الألم النفسى الذى أشعر به وقت أن أسير فى الشارع وسط مجموعة من الشباب، فهذا بالنسبة لى أسوأ شىء من الممكن أن يحدث فى الحياة، سخرية بكل شكل، على طريقة "جايبة منين يا بنت من السودان"، أو "إيه يا بت يا قعر الحلة" أو حتى "سنانك بتنور فى الضلمة"، وغيرها من الكلمات التى حفظتها عن ظهر قلب فى البداية كانت تستفزنى ومع مرور الوقت تعودت عليها لدرجة أننى أصبحت أردد معهم هذه الكلمات بطريقة ساخرة، مفردات تعودت أذنى أن تستمع إليها يومياً، لم يكن هذا فقط على مستوى الشارع فلم تكن أزمتى مع الشباب المستقر على ناصية الشارع يسخر منى ومن غيرى، ولكن أزمتى أكبر من ذلك".

تستكمل نور البالغة من العُمر 25 عاماً حكايتها مع العنصرية قائلة: "مش بس على مستوى الشارع، ده حتى فى الصحاب والقرايب، بحس إنى ناقصنى حاجة، عروسة فى وجهة نظرهم مش كاملة، أصل ابنى عايز يتجوز واحدة بيضا، وغيرها من الجُمل اللى بتموتنى مليون مرة، الكل بيحاول يحاربنى بس عشان لون بشرتى أسود، وكأنى أنا اللى عملته، زهقت من التعامل مع كل اللى حواليا، كأنى وصمة عار على كل من حولى، فأنا أعرف جيداً أنى جميلة، ولكن محاولاتهم الدائمة لإحباطى إلا إننى سريعاً ما أعود إلى نفسى".

"أنا بنت تخينة فى مصر".. يعنى "الإيفية الرسمى لأى قاعدة"


بابتسامة ساخرة استقبلت سؤالنا لها "حد بيتريق عليكِ عشان إنتِ تخينة؟"، فكان ردها "طبعاً هو فى إيفيه غيرى الناس بتتريق عليه، أنا عارفة إنى مش لواحدى اللى الناس بتضحك عليا ولا لواحدى اللى بعانى من الأزمة ديه، بس كل الحكاية إنى زهقت من المعاملة السيئة، تعبت من العنصرية، مليت أقول كلمة "ملكوش دعوة" أو "أنا حرة"، كل الناس بتجرحنى يا بالنظرات أو الكلام، مش بس الناس الغريبة اللى متعرفنيش لأ حتى أهلى بيموتونى بكلام كتير زى كده، خسى شوية، تخنتى قوى، بقيتى زى الباب، طبعاً غير جلسات النصح الخاصة على طريقة خافِ على صحتك، وكأنى مبسوطة مثلاً بالنفس اللى بيجى بالعافية، أو الصحة اللى بتروح تدريجياً".

تستكمل "أمل": "أنا نفسى بس حد يفهم تأثير الكلام ده إيه عليا يفهم أنا بحس بإيه، وإن الوضع مش سهل خالص، وإنه لازم حد يساعدنى عشان أقدر أنزل وزنى، أنا بتعرض يومياً لهتك عرض لمشاعرى، مشوار من البيت للشغل كله بيكون مليان مشاكل سخرية وتريقة وكل أشكال العنصرية ممكن أقابلها فى النص ساعة اللى بروح فيها الشغل، أنا بس عندى سؤال ليه الراجل مش بيحصله مشاكل، ليه الناس بس بتتريق على البنت التخينة، ليه أنا بس اللى شكلى مُلفت ومضحك، ليه أنا اللى لازم أخس عشان ألاقى عريس، وهو مهما كان وضعه وشكله وحجمه يبقى عريس مية مية، ليه أنا اللى دايماً بحس بالنقص والأزمة، أنا كرهت جسمى ونفسى والمجتمع، وقررت أخس بس مش عشان أنا عايزة أخس لأعشان يبطلوا تريقة علىّ".

"أنا بنت مطلقة فى مصر" .."يعنى ماشية على حل شعرى"


قراراً بالطلاق يساوى إقرارا بالحبس فى سجن مجتمع لا يرحم، معاناة تعيشها كل مُطلقة، تجربة قاسية تمر بها كل امرأة اختارت نار الوحدة ومرارة الطلاق من أجل أن تنول جزءا من حريتها وتقتص لكرامتها من زوج لا يعرف أدنى معايير الاحترام والتقدير، تحكى "منى" عن تجربتها مع الطلاق وعنصرية المجتمع قائلة: "لم أكن أعرف أن الطلاق قرار عام وليس خاصا، كنت أتخيل أنه بإمكانى أن أختار شكل حياتى على الرغم من أنه على مدار السنوات الماضية لم يثبت ولو لمرة واحدة أننى استطعت أن أختار أى شىء فى حياتى، ولكنى هذه المرة حاولت أن أقنع نفسى أنه من الممكن أن أتخذ قرارا دون أن يعاقبنى أحد عليه، ولكن حدث ما كنت أخشاه، فمنذ أن انفصلت عن زوجى، وأعانى من سماع الجُمل هذه التى تزعجنى كثيراً وتجعلنى أشعر بأنى بى عيب ما، حاولت كثيراً أن أتجاوز عن هذه الفكرة إلا إننى فشلت فى ذلك".

تضيف: "حكاياتى مع العنصرية طويلة، لم أكن أتخيل يوماً ما أننى سأدفع ثمن ذلك غالى جداً، على مستوى عائلتى كنت أستمع إلى تهم بمعنى الكلمة، مثل "المطلقة سمعتها وحشة"، "لازم تتجوزى عشان محدش يتكلم عليكى".. "لو عيشتى لواحدك هتبقى ماشية على حل شعرها"، وغيرها من الكلمات التى أتذوق فيها طعم السم، ويكون الموت أهون علىّ من أى أن استمع يومياً لمثل هذه الكلمات الصعبة الموجعة، التى لا ترحمنى مهما كان وضعى، أما على مستوى العمل فأنا أصبحت عضوا شبه منبوذ للبعض وغريب للآخرين، فأصبحت وحيدة لا أعلم لماذا، ولكن من الواضح أن كل الدوائر المحيطة بى تدعى التفتح وهى غير ذلك تماماً، ففوجئت بمواقف غريبة جداً من الجميع، لم أعلم أنى سأخوضها يوماً ما ولكن حدثت".

"أنا بنت مُنتقبة فى مصر".. "إرهابية أو مُعقدة. اختار ما بين الأقواس"


"عارفة يعنى إيه تكونى بنت منتقبة فى مصر؟"، بهذه الكلمات بدأت حديثها إلينا، قائلة: "أنا مش عارفة هما عايزين مننا إيه؟، أنا مُنتقبة منذ 7 سنوات تقريباً، كان الوضع فيما مضى طبيعيا جداً، لم أجد يوماً أى أزمة فى الشارع أو حتى على مستوى العلاقات الشخصية، أما فى السنوات القليلة الأخيرة الوضع اختلف تماماً، ولم أعد أجد أى مساحة للنقاش حول أحقيتى فى ارتداء النقاب، فضلت أن اختار الصمت فى كل الأوقات، لأنه مهما وصل النقاش لن أنتصر لأفكارى ولن أقنع الآخر أننى ليس كما هو يرى لست مُنتقبة أو حتى مُعقدة، بل أنا إنسانة طبيعية من حقى أن اختار طريقة ملابسى، وليس من حق أى شخص أن يرغمنى على شىء مهما كان".

وتضيف: "الأزمة فى أنه قرر أن يصنفنى بدون أى وجه حق، هو قرر أننى طالما أرتدى النقاب فمن المؤكد أنه أنا مُعقدة غير متفتحة، من الممكن أن يكون نصيبى من التعليم قليل، كما أنى لا أفقه لا شىء فى الحياة، أو حتى يرانى إرهابية، نقابى يعبر عن توجه سياسى ما، وبين هذا وذاك تناسى هو أننى إنسانة طبيعية، شكل حجابى هذا لا علاقة له بأى شىء آخر، فهو أمر مجرد بعيداً عن أى اعتبارات أخرى، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الأخر لا يقبلك فقط لأنك مُختلف معه، وهو ما وصلنا إليه فى المجتمع المصرى مؤخراً، لا أحد يستمع إلا لوجهة نظره، فأنا بالنسبة للجميع شاذة، أفكارى مُتحجرة، أقابل يومياً عشرات الأشخاص الذين يتهموننى صراحةً بإنى إنسانة من "العصر الحجرى" غريبة يعنى، على الرغم من إنى متعلمة ومثقفة، ولكن لأننا نحكم بالمظاهر فانا بالنسبة للمجتمع "علىّ إكس من المجتمع".

"أنا بنت رافضة للزواج.. يعنى "عانس" و"بايرة"


إذا لم تكونى منتقبة أو حتى ذات بدن ممتلئ فلا تقلقى فالمجتمع لن يتركك هكذا دون أن يمارس ضدك كل أشكال العنصرية، فيكفيه أنكِ رافضة لفكرة الزواج، يكفيه أنكِ لستِ متزوجة حتى الآن، فهذا بالنسبة له شىء رائع ومادة مناسبة للسخرية أو حتى الشماتة أو على الأقل المعايرة، تقول "ريم": "تجاوزت الـ30 من عُمرى، ولم أشعر أن القطر فات أو حتى أصبحت بضاعة مركونة على الرف كما تُذكرنى جدتى من وقت إلى آخر، أنه يجب علىّ الزواج حتى لا أموت وحيدة، ولا أخسر الحياة، ولا متعة العيش فى ضل رجل، وعلى الرغم من أن أفكار جدتى من المؤكد أنها بالية بما يكفى لكى أتجاوز عن نصائحها نظراً لاختلاف الزمن، ولكن الأزمة نفسها تكررت مع والدتى وأبى، حتى على مستوى العائلة، أصبحت أنا "الحيطة المايلة اللى من حق أى حد يقولها أى حاجة فى الدنيا ومشاعرى فى الأرض مش مهم"، أستمع يومياً إلى جُمل من المفترض أنها على سبيل النصيحة، ولكنها فى حقيقة الأمر أقسى شىء يمكن لشخص أن يتخيله".

"يا بنتى هتعنسى، مش هتلاقى حد يبص فى وشك"، كلمات لم أعد استمع إليها فقط من أهلى بل من محيط أصدقائى، فلا أحد قادر على استيعاب فكرة أنه من حقى عدم الزواج، وليس من حق أحد أن يختار شكل حياتى، وأن هذا القرار خاص بى، فمعنى أنى تجاوزت الثلاثين ولم أحصل على خاتم الزواج على الأقل ولو لمرة واحدة فهذا معناه "إنى معيوبة أو فيا مشكلة"، فهذه هى الأسباب الوحيدة من وجهة نظرهم لعدم الزواج، فأنا من المؤكد على علاقة أو "عاملة مصيبة وخايفة حد يعرف"، وغيرها من المُبررات التى يقدمها المجتمع فى محاولة للتضييق عليكِ أو حتى معايرتك لأنكِ غير متزوجة، لأنكِ لم تنقادى لأفكار المجتمع والقوالب الجاهزة لوضعك بها، والسير فى الطريق المعتاد لأى بنت فى مصر "أنها مصيرها الجواز والخلفة".

"أنا بنت مش محجبة فى مصر".. "غالباً فى نظرهم مليش أهل"


برواز آخر يفرضه المجتمع على الفتيات، فأن تكونى فتاة غير محجبة فى مصر فهذا معناه أنكِ لا عائلة لكِ أو حتى غير مسئولة، وكذلك أهلك لم يحسنوا تأديبك، أو حتى لا أهل لك، لأنى قررت أن أختار طريقى، وأبدى رأى أننى غير مُقتنعة بفكرة الحجاب، وعلى الرغم من ذلك رأى المجتمع أنه من حقه أن يعلق على قراراتى ويحكم علىّ ويحدد لى وجهة نظره فى حياتى وعائلتى أيضاً قرر أننى "مش محترمة" لأننى فقط قررت أن أخلع الحجاب، لا أحد من حقه أن يحكم علىّ هذه قناعاتى التى لا يحترمها الآخرون، هذا رأى الخاص فى كل شىء يحدث من حولى أنه من حق أى شخص أن يختار، ولكنى لا أقبل فكرة التدخل فى حياة الآخرين فقط لأننى أمتلك لساناً، فأنا أعلم جيداً أنه من حق أى شخص الاختيار، وما تعودت عليه، ولا أتدخل فى حياة أى شخص إلا إذا طلب منى ذلك، فأنا أعانى كثيراً فى هذا التصنيف والإطار الغريب الذى يضعه المجتمع لى رغماً عنى، ويتعامل معى على أننى متاحة للتصنيف".

وتضيف: "فى الحقيقة أنا حاولت كثيراً أن أتجاوز عن الأفكار الغريبة التى يكونها الآخر عنى، وحاولت أن أتجاوز عن كل ما يؤذينى أنا، ولكنى فى النهاية وجدت أنه من المستحيل أن أتحمل طول الوقت تجريح بهذا الشكل، فليس من حق أى شخص أن يتحكم فىّ أو يصنفنى فقط لأنى أنثى فهذا معناه أننى أصبحت مشاع ومن حق أى شخص أن يعبر عن رأيه، فجميع الفتيات غير المحجبات فى مصر يعانون معاناة خاصة مع العنصرية بكل أشكالها وأنواعها وما أرغب فيه هو أن يرحمنى المجتمع ويترك لى مساحة حرة للاختيار والتعبير عن رأى بحرية كاملة".








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة