محمود حمدون يكتب: تطوير وإصلاح الجامعات (2 (

الأحد، 29 نوفمبر 2015 12:00 م
محمود حمدون يكتب: تطوير وإصلاح الجامعات (2 ( طلاب جامعات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تسعى الدولة حقا وصدقا لإصلاح أوضاع مؤسسات التعليم العالى؟
بصيغة أخرى، هل ترغب الدولة فى ذلك فعلا؟ وهل تعى كيفية الإصلاح؟ هل قرأ المسئولون فى مصر نصوص دستور 2014 وما قبله من دساتير أكدت جميعها على استقلالية الجامعات "مؤسسات التعليم العالى"؟ هل قرأ هؤلاء تحديدا ما قضت به المادة 21 من دستور 2014 ، بشأن استقلالية الجامعات، ونص المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 .

تحرير مؤسسات التعليم العالى يعنى بالضرورة إلغاء أو تقليص دور وهيمنة وزارتى المالية والتعليم العالى فلا دور لهما سوى ترسيخ البيروقراطية ومنح الدولة قدرة على الهيمنة على الجامعات من خلال رئاسة وزير التعليم العالى للمجلس الأعلى للجامعات وترشيحات قيادات الجامعات، أو التحكم فى مخصصات الموازنات المالية للجامعات.

الطريق للإصلاح عموما معلوم للكافة ومحدد بدقة للخاصة، بداية إصلاح أوضاع الجامعات بمصر، رهن بتحرير رقبتها من هيمنة وزارة التعليم العالى، تلك الوزارة غامضة الدور والتى أجزم أن استيعاب القائمين عليها لدورها ووظيفتها لا يتجاوز فهم وإدراك رجل الشارع العادى لوجود وأهمية تلك الوزارة.

قيل أنك إن أردت قتل فكرة فشكلّ لجنة واجعلها مسئولة عن التنفيذ كذا خلق بعض الوزارات فى مصر ومنذ فترة كان وبالا على حركة سير بعض المرافق العامة وتطورها وأثّر سلبا على أدائها ومن بين تلك الوزارات ما يُطلق عليها "عفوا للفظ " وزارة التعليم العالى، فلا ندرى ما الدور الذى تلعبه تلك الوزارة فى التعليم العالى وما أحدثته فعلا وقولا من تأثير إيجابى على حركة التعليم العالى بمصر، والشواهد خير دليل على قوة مخرجات التعليم العالى فى ظل وجود تلك الوزارة .

هى للأسف وزارة على الورق فعليا لا تُتنتج شيئا، ولا تملك هى أو وزيرها حق التدخل فى شئون الجامعات، فقط تستطيع وضع العراقيل والمطبات القانونية البيروقراطية لتأخير العمل وتعطيله، ويقتصر دورها على بعض الجوانب الإدارية وبخاصة التدخل لتعيين القيادات الإدارية من غير أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وهو تعيين قاصر بمعنى أنها تتقيد بما تنتهى إليه لجان تعيين القيادات الموجودة بالجامعات، ويصبح دور الوزير والوزارة هو التصديق دون الحق فى رفض التوصية بوضع أشبه بمن ينجز بعض الأعمال المصلحية، ويتبقى أن يبحث عن الموظف المسئول عن ختم أوراقه الرسمية.

من يحوز الختم الرسمى يحق له فى بعض الحالات التأنى فى قراءة ما يُختم أو تمحيصه وربما التلكؤ فى وضع الختم على الورق، لكن يظل دوره مجرد حامل للختم يصدّق على ما انتهى إليه الآخرون! السؤال فى النهاية لماذا تُبقى الدولة على وزارة كل دورها أن تصدق على معطيات وقرارات إدارية انتهت لها قيادات الجامعات .

المؤكد أن مفهوم استقلالية الجامعات غائب عن ذهن القيادات جميعها، وينبغى التأكيد على أن الاستقلالية هنا تعنى:

1 - تحرير القرار الأكاديمى والإدارى من ربقة الروتين الحكومى.

2 - التركيز على المُخرج النهائى للعملية التعليمية وهو الخريج الجامعى القادر على المنافسة بسوق العمل محليا ودوليا.

3 - الاستقلالية تعنى ربحية الإنفاق العام الاستثمارى فى التعليم العالى وأن الدولة تُنفق بعائد يرجع فى صورة تحسّن كبير فى الدخل القومى وفى كافة مناحى النشاطات الاقتصادية.

4 - استقلالية الجامعات تعنى تغيير النظرة الرسمية حيال مؤسسات التعليم العالى، واعتبارها مؤسسات إنتاجية خدمية مؤجلة العائد، كثيفة الاستثمار وتعنى أيضا أن يعى مُتخذ القرار وصانع السياسات أن للجامعة دور تنموى قويا ومؤثرا وأن للتعليم عموما والجامعى على وجه الخصوص الريادة والصدارة فى المرحلة القادمة إن أراد هؤلاء خيرا للبلد.

5 - استقلالية الجامعات تعنى ضرورة التخلص من الهاجس الذى يؤرق الدولة ويدعوها للسيطرة المركزية على مختلف القطاعات بالمجتمع، وكأنها ترى هؤلاء وأولئك تحت سن الوصاية وأنهم عاجزون عن إدارة شئونهم بأنفسهم.

6- استقلالية الجامعات ولا مركزية القرار تعنى تغيير الوضع الحالى لأفضل منه وتعنى الخروج من الدائرة الضيقة للتعليم العالى لدارة أوسع وأرحب.

الخلاصة أن الاستقلالية "وهم" غير متحققة على أرض الواقع وهى مجرد حبر على ورق ونص جيد ضمن متون الدستور نتشدق به أمام الغادى والرائح ليس إلاّ , والمشكلة الأكبر والأخطر تتجلى أنه حال تحقق تلك الإستقلالية المنشودة , فى غياب القيادات المؤهلة علميا وعمليا لإدارة مثل تلك المرافق الحيوية.

المثير للدهشة أن الصورة غائمة تماما بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس فلم نسمع لهم صوتا كما لم نر رأيا لكتلة رسمية لهم حول وضعية واستقلالية الجامعات التى يعملون بها ويبدو أن الموضوع لا يعنيهم وكأن أجل طموح لديهم هو الوصول لكرسى الوزارة.

لا جدال أن تطور الجامعات المصرية وخروجها من عنق الزجاجة رهن بإعادة النظر كلية فى منظومة التعليم العالى , وفى فك الاشتباك بين الجامعات وأجهزة الدولة المختلفة وصولا لصيغة تحقق استقلال حقيقى للجامعات وفى نفس الوقت أيضا تضمن وصول القيادات المؤهلة علميا وعمليا فى مجال الإدارة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة