سعيد الشحات

عبدالناصر والإسلام والإخوان

السبت، 01 يونيو 2013 07:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما تشتعل أزمة مياه النيل، ومصر نفسها محصورة بين الطموح الإثيوبى، وطموح باقى دول النهر، يتجدد «نهيق» البعض باتهام جمال عبدالناصر بأنه كان ضد الإسلام، المثير أن أزمة مصر أمام خطوة إثيوبيا بتحويل مجرى النهر، اضطرت سلفى جهادى يدعى «إسلام أنور المهدى» إلى استدعاء مقارنة بين عبدالناصر ومرسى، قال فيها: «فيما يبنى الطاغوت سفاح الإخوان جمال عبدالناصر السد العالى، طأطأ الرئيس الإخوانى رأسه ليمرر مشروع سد النهضة الإثيوبى، فكم أنت سافل الهمة أيها الإخوانى، وكم كان لعدوك الفرعون عزم ومضاء».
دعك من تعبيرات «الفرعون» و«الطاغوت» و«سفاح الإخوان» التى ذكرها «السلفى الجهادى»، فليس فى قاموسه غير تلك التعبيرات السياسية التى يرمى بها خلق الله من عباده المسلمين الصالحين الرافضين لـ«السلفية الجهادية»، ويعفى منها المسلمين الطالحين ماداموا يؤيدونها.
أدعوك إلى عدم التوقف أمام هذه التعبيرات، وتوقف أمام أن هذا «السلفى الجهادى» لم يجد فى تاريخ مصر القريب عن أزمة مياه النيل غير جمال عبدالناصر والسد العالى ليثبت أنه كان هناك «عزم ومضاء»، والمؤكد أنه لو كد عقله فى أزمات أخرى، فسيجد الكثير والكثير من «عزم ومضاء» فى تاريخ الزعيم الخالد.
أستدعى تلك المفارقة بعد أن نصب البعض أنفسهم للحديث باسم الإسلام والسير على صراط «التجارة بالدين»، وتوزيعهم لـ«صكوك التدين» على الآخرين، والحديث عن هذا «الذى» مع الإسلام، وذاك «الذى» ضده، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن رمى مسلم بالكفر، وقال لـ«أسامة بن زيد»: «هلا شققت عن قلبه» بعد أن علم أن أسامة قتل كافرا رغم أنه نطق الشهادتين قبل أن ينال سيف «أسامة» رقبة جسد الكافر.
هناك مئات الوقائع من السهل الإتيان بها للتدليل على أن جمال عبدالناصر هو أعظم زعيم إسلامى قدم خدمات جليلة للإسلام، لكن فى تلك اللحظات التى نعيش فيها أزمة مياه النيل، تطل مدينة البعوث الإسلامية التى أنشأها لاستقبال أبناء الدول الإسلامية من أفريقيا وآسيا للدراسة فى الأزهر مجانا والإقامة فيها مجانا، ويطل تحويل جامعة الأزهر عصرية يتم فيها دراسة العلوم الطبيعية إلى جانب العلوم الشرعية، مما أدى إلى استقبال الدارسين من أفريقيا وآسيا لدراسة العلوم فيها بدلا من توجههم إلى جامعات غربية، ثم يعود هؤلاء إلى بلادهم مزودين بالعلم ودراسة الدين بفضل الأزهر، وكم من الآلاف من أبناء أفريقيا الذين تعلموا فى الأزهر، وعادوا لبلادهم، ومنهم من أصبح وزيرا وسفيرا وأستاذا جامعيا وطبيبا ومهندسا، وجميعهم كانوا قوة مصر الناعمة فى أفريقيا، ولما أهدرنا ذلك لم تعد أفريقيا كما كانت لنا، وأصبح ذلك مفتتحا للأزمات حتى كانت الأزمة الحالية مع إثيوبيا بخطوة تحويل مجرى النهر.
الذين يتحدثون عن مواجهة عبدالناصر لجماعة الإخوان، وحساب أن الإخوان هم «المسلمين» هو قمة الانتهازية والمغالطة التاريخية، فالصراع الذى دار فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى كان صراعا سياسيا، مثله مثل الصراع الدائر الآن بين الجماعة ومعارضيها، ولعله من حسن الطالع فى تصحيح وقائع التاريخ المزيف الذى تنسبه «الجماعة» لعبدالناصر أن يرى الناس ما يفعله حكمها الآن.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة