سعيد الشحات

معمر القذافى

الأربعاء، 24 أغسطس 2011 08:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين كل الحكام العرب سيبقى معمر القذافى قصة خاصة فى الدراما السياسية والإنسانية، تحتاج إلى مجلدات فى تسجيلها وتأملها.

ذهب إلى أقصى اليسار، وانتقل إلى أقصى اليمين، وناصب أمريكا والغرب العداء، ثم ارتمى فى أحضانهم، دبر اغتيالات وعمليات إرهابية، ثم اعتبر نفسه حكيمًا وصاحب رسالة، حلم بوحدة عربية يكون هو زعيمها، ومارس كل الأساليب التى تجهض هذا الحلم، آمن بالعروبة حتى النخاع، ثم كفر بها، وبحث عن بديلها فى أفريقيا، وهكذا كانت قناعاته السياسية والفكرية كالهواء بين الأصابع.

اعتبر نفسه داعية إسلاميّا، ورأى أن إمامته لصلاة المسلمين فى دول أفريقية تكفى لجذب غير المسلمين للإسلام، ونسى أن حقوق الإنسان بالديمقراطية الصحيحة، والعدالة فى توزيع الثروة، والبناء الصحيح لبلد يحكمه، هى قلب الإسلام وأطرافه، وهى العناوين الملهمة لغير المسلمين للإعجاب بديار الإسلام.

ظن نفسه ملهما وإنسانًا استثنائيّا، فألف كتابه «الأخضر» وأنفق عليه ثروات الشعب الليبى، أملاً فى أن يعترف به العالم كنظرية حكم ابتكرها لتخلده فى تاريخ الإنسانية، لكنه هو نسيه ولم يعد يذكره فى سنوات حكمه الأخيرة، ولما قامت الثورة ضده، داست أقدام الثوار والشعب الليبى هذا الكتاب.

القذافى هو عنوان رائع لمعرفة الأثر الكبير على الحكام، الذى أحدثته التحولات الدولية التى أنهت الثنائية القطبية عمليّا فى النصف الأول من تسعينيات القرن الماضى، فبعد أن زال الاتحاد السوفيتى كقطب ثان، وكان هو ضمن المنحازين له، نسى أن هذا الزوال رسالة إلى حكام لا يعتبرون أنفسهم من سلالة البشر، وعليهم أن يتعلموا درس السير على الأقدام بين شعوبهم ليعرفوا معاناتهم، لكنه تعامل كما لو أن لا شىء يحدث فى العالم، غير ما يفعله هو.

القذافى هو عنوان رائع لمعرفة، كيف ينكر الحاكم شعبه، باستعلائه على هذا الشعب، وتصوره أن المسافة بينهما أميال فى القدرات التى تصب فى صالحه هو، وظنى أن تلك المسألة من أهم دراما القذافى، فهو لم يكن مقتنعًا بأنه حاكم لدولة تعداد سكانها 4 أو 5 ملايين، ولأنه رأى فى نفسه استثنائيّا كان يحلم بحكم دولة مثل مصر، ولهذا ظل يحبها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة